أحمد الجارالله
أثبت رئيس المجلس العسكري الأعلى المصري المشير محمد حسين طنطاوي مجددا التزامه الشرف العسكري حين شهد بالحق في محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك بشأن اطلاق النار على المتظاهرين اثناء ثورة 25 يناير. ورغم ان الاحداث التي احاطت بتلك المحاكمات اكدت انها سياسية بامتياز للانتقام من عهد عاشته مصر طوال 30 عاما بكل ما له وما عليه من ايجابيات وسلبيات فان كل كلمة حق تقال فيها تزيل عنها صفة التسييس التي اراد البعض الباسها لها لمنع الناس من رؤية حقيقة سعيهم الى تطويع كل شيء من اجل مصالحهم, وربما يكون هذا هو سبب الحملة الظالمة التي شنت على طنطاوي بعد ادلائه بشهادته.
نعم قال طنطاوي الحقيقة رغم ان هناك كثيرين كانوا يريدون منعه من ذلك ودفعه الى فخ شهادة الزور, بل مارسوا شتى الضغوط عليه لينطق بغير الحق, ويدلي بما يدين رجلا أفنى حياته في خدمة بلده, اخطأ أو اصاب, وجعل مصر قوة اقتصادية وسياسية وعسكرية لها وزنها في المنطقة ككل, وفات هؤلاء ان رجلا, مثل مبارك, ساهم مساهمة فعالة في صناعة نصر حرب اكتوبر, وتحرير الاراضي المصرية من الاحتلال, وانه يدرك تماما ماذا يعني دور القوات المسلحة في حماية مواطنيها ولا يمكن له بأي شكل من الاشكال او الظروف ان يطلب منها اطلاق النار على الشعب, وهو ما اعلنه المشير بطريقة غير مباشرة عندما قال" ان القوات المسلحة تقاتل من اجل الله ومصر وليس من اجل احد منذ اربعين عاما" وهي الاعوام التي شهدت قيادة مبارك للدولة والقوات المسلحة.
شهادة طنطاوي كلمة حق في عهدة التاريخ تحتم وضع الامور في نصابها الصحيح حتى لا يأكل غول التشفي والانتقام كل الشرفاء في مصر, كما توجب وضع حد لمن يريدون ل¯"أم الدنيا" ان تسقط في براثن الفوضى والصراعات العبثية, لا سيما ان طنطاوي رجل مشهود له في سلوكه العسكري وانضباطيته وتدينه الصحيح ونظافة كفه, وما نطق به هو الحقيقة الجلية من شخص لا يشهد زورا مهما كانت المغريات لانه دائما كان ولا يزال يقدم مصلحة الوطن على اي مصلحة اخرى.
تضع كل دول العالم المحاكمات التي تجري في مصر تحت المجهر, ودول"مجلس التعاون" تراقبها عن كثب, ولقد تلقت بارتياح كبير شهادة رئيس المجلس العسكري الممسك بزمام الامور في مصر, لادراكها ان ما تحاول بعض الدوائر دفع مصر اليه لن يقف عند حدودها, بل سيطال المنطقة كلها, واي انزلاق الى الفوضى لن تكون عواقبه محمودة النتائج, ليس فقط لما تمثله مصر من ثقل في العالم العربي, بل لأنها خاصرة ستراتيجية مهمة للخليج العربي, ولذلك اطمأنت "دول التعاون" الى ان هناك قيادة رشيدة تدير دفة السلطة في هذه المرحلة الانتقالية البالغة الحساسية, ولا اطماع سلطوية عندها, ما يعني ان لا عودة الى عصر حكم العسكر الذي كرسه جمال عبدالناصر واودى بمصر الى ازمات ومعضلات احتاجت عقودا للتخلص من تداعياتها.
لقد قال المشير طنطاوي الحقيقة التي اراد لها البعض ان تنحر في خضم ضجيج الشارع وغوغائية المنتقمين, فطوبى لمن تنزه عن اي مطامع وطموحات شخصية في سبيل بلاده, واعطى لكل ذي حق حقه.