المغرب .. هل يدفع تغير المناخ سكان البوادي إلى الهجرة ؟ !
01 ـ 09 ـ 2022
كتبت أسماء حسن :
الرباط :
قرر محمد، المنحدر من قرية "الجرف" بضواحي مدينة آرفود المغربية، السنة الماضية، الانتقال إلى الدار البيضاء، العاصمة الاقتصادية للمملكة، بحثا عن عمل يؤمن له ولأسرته لقمة عيش، بعد أن لاحت إليه في الأفق بوادر تنبئ بموسم أكثر قساوة من سابقيه بسبب الجفاف، الذي يضرب منطقته على غرار معظم جهات المملكة.
يقول محمد لـ"سكاي نيوز عربية" إن "نزوحي إلى المدينة وتركي للقرية التي ترعرعت بين أحضانها لم يكن قرارا سهلا، فقد تطلب الكثير من التفكير، لكنني أعتقد بأنني اتخذت القرار المناسب حيث لم تعد الموارد المائية المتاحة تكفي لتلبية متطلبات الحياة اليومية في قريتنا".
وبحسرة كبيرة، يحكي محمد كيف تغير واقع الحياة داخل القرية التي كانت تعج بالينابيع والسواقي، التي لم يعد لها وجود اليوم، مضيفا أن "السواقي مثل "البريكية" و"الجديدة" و"لكبيرة" كانت آخر السواقي التي استسلمت لقدرها المحتوم بسبب الجفاف".
ويؤكد محمد أن الكثير من الآبار المتواجدة بقرية "الجرف" قد جفت وما تبقى منها يعاني من نقص حاد في نسبة الملء، مما اضطر البعض لتعميق الحفر إلى مستويات لم تعهدها ساكنة القرية.
محمد واحد من بين ضحايا تداعيات التغير المناخي في القرى المغربية بعد أن توالت سنوات الجفاف وتسببت في خصاص غير مسبوق في الموارد المائية، وهو ما اضطر العديد من المواطنين الذين يعيشون على الأنشطة الفلاحية في قرى متناثرة إلى الهجرة صوب المدن والحواضر.
وقد تراجعت حقينة السدود في المملكة إلى 26.9 في المئة حتى منتصف أغسطس الماضي مقابل 42.1 في المئة، خلال ذات الفترة من السنة الماضية، بحسب معطيات وزارة التجهيز والماء.
المغرب .. سكان الواحات يعيدون إحياء أنظمة ري قديمة .
وكان تقرير صادر عن البنك الدولي قد بسط كيف يمكن أن تؤثر التغيرات المناخية على توافر المياه وإنتاجية المحاصيل، متوقعا اضطرار حوالي 13 مليون شخص في شمال إفريقيا إلى الهجرة الداخلية بحلول عام 2050.
لا حياة بدون ماء :
ويدق المهتمون بالشأن البيئي ناقوس الخطر بشأن الآثار المحتملة للتغيرات المناخية وانعكاس ندرة المياه بشكل خاص على حياة الساكنة في القرى والبوادي في عدد من مناطق المملكة.
في هذا الصدد، يقول أحمد أوطالب، الأستاذ الباحث في الجغرافيا وقضايا الماء، إن المجال القروي، الذي يعتبر المصدر الرئيسي للغذاء، يدفع اليوم فاتورة باهضة بسبب التغيرات المناخية، وبأن نقصا كبيرا في الموارد المائية سجل نتيجة لشح التساقطات المطرية وعدم انتظامها، الأمر الذي أثر على الأنشطة الزراعية أو التي تعتمد على الماء، وبالتالي على الاقتصاد المحلي.
ويعتبر أوطالب، في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، أن العامل البيئي يعتبر الدافع الرئيسي للهجرة في المناطق القروية وفي الجنوب الشرقي للمملكة بشكل خاص، مشيرا إلى أن قساوة المناخ وندرة المياه يشكلان أبرز تجليات هذا العامل، وهو ما يستلزم، حسبه، خلق مناصب شغل في هذه المناطق عبر الاستثمار في مشاريع صديقة للبيئة تساهم في تحقيق التنمية المستدامة وتحقيق التوازن البيئي.
ويشدد المتحدث على أن "استقرار الإنسان في منطقة معينة يرتبط أساسا بتوفر الماء وهو ما يتطلب وضع سياسات عمومية ومخططات تنموية تستحضر الجانب البيئي والتغير المناخي من أجل الوصول إلى تكييف الأنشطة الاقتصادية مع الوضع الحالي الذي يتسم بندرة المياه".
ويدعو الأستاذ الباحث إلى العمل على تشجيع الزراعات التي تتطلب كميات كبيرة من المياه في مقابل منع الأنشطة الزراعية الدخيلة المستنزفة للفرشة المائية، وتطبيق بنود قانون الماء، الذي يهدف إلى حماية الموارد المائية من الاستهلاك المفرط وغير المعقلن، إلى جانب إعادة إحياء منابع المياه الطبيعية والخطارات (نظام سقي تقليدي).
المصدر / موقع سكاي نبوز عربية .