أوروبا وأمريكا وأوكرانيا .

أوروبا وأمريكا وأوكرانيا
07 ـ 09 ـ 2022
كتب عمرو الشوبكي :
قربت الحرب الأوكرانية دول الاتحاد الأوروبى من الولايات المتحدة استراتيجيا واقتصاديا، وهو اقتراب قد يتغير قليلا فى حال استمرت الحرب فترة طويلة وبدأت تداعياتها تؤثر على مصادر الطاقة الأوروبية.
واللافت أنه لسنوات طويلة قاومت أوروبا الضغوط الأمريكية لرفع إنفاقها العسكرى، وما عجزت عنه واشنطن نجحت الحرب الأوكرانية فى تحقيقه، فمباشرة بعد اندلاع المعارك تحركت الحكومات الأوروبية لتطلق يد جيوشها للتسلح والاستثمار فى الصناعات الدفاعية.
وهكذا وافقت الدول الأوروبية ولأول مرة على الالتزام برفع إنفاقها العسكرى ليتجاوز 2% من الناتج المحلى، فأعلنت إيطاليا أنها ستصل إلى هذا الهدف خلال هذه السنة، أما الدنمارك فقالت إنها لن تبلغ هذا الرقم إلا بحلول عام 2033، وإسبانيا بحلول سنة 2029، وبلجيكا عام 2035.
وحسب تقرير لوكالة الدفاع الأوروبية، فإن الاتحاد الأوروبى كان أقل التكتلات العالمية الكبرى فى رفع الإنفاق العسكرى، فخلال الفترة بين 1999 و2021 ارتفعت هذه النفقات بنسبة 20% مقارنة بزيادة 66% للإنفاق العسكرى الأمريكى، وزيادة نسبتها 292% بالنسبة لروسيا، و592% هى نسبة الزيادة فى النفقات العسكرية الصينية.
والمفارقة أن التوجه الأوروبى قبل الحرب الأوكرانية كان يعلن سعيه لتحقيق مجتمع الرفاهة الذى يتطلب تقليص النفقات العسكرية، وهو ما تغير عقب الحرب، كما تخلت دول مهمة كالسويد وفنلندا عن الحياد، وانضمتا لحلف الناتو لتحققا رغبة أمريكية قديمة.
قد تراجع أوروبا درجة تحالفها الحالية مع الولايات المتحدة، إذا شعرت أنها ستدفع ثمنا باهظا لقطع روسيا احتياجاتها من الغاز، فقد ظلت موسكو ولسنوات طويلة تصدر حوالى 3 أرباع صادراتها من الغاز وحوالى نصف صادراتها من النفط إلى الدول الأوروبية، وفى سنة 2020 كان الغاز والنفط الروسيان يغذيان حوالى ربع الاستهلاك الأوروبى من الطاقة، حتى إعلان الاتحاد الأوروبى قراره بالتخلى عن الغاز الروسى بحوالى الثلثين مع نهاية عام 2022، والانتهاء من استيراد الوقود الأحفورى الروسى بحلول عام 2030، وذلك من أجل سحب «سلاح» الطاقة من يد الرئيس الروسى بوتين، كما يرى الأوروبيون.
هذا التغيير الدراماتيكى لن يكون بدون ثمن، فأوروبا ستدفع ثمنا باهظا هذا العام، والعام المقبل إذا منعت روسيا تصدير الغاز إليها بشكل كامل، وهو ما سيؤدى إلى ارتفاع كبير فى أسعار الطاقة سيجعل ملايين الأوروبيين غير قادرين على دفع الفواتير، كما دلت على ذلك بعض التحركات الشعبية فى بريطانيا وإعلان رفض دفع فواتير الغاز والكهرباء.
الحرب الروسية على أوكرانيا غيرت من درجة بعض التحالفات الدولية، فأوروبا اقتربت أكثر من أمريكا لمواجهة التمدد الروسى، ولكنها قد تعيد حساباتها فى درجة هذا التحالف، وليس فى جوهره، إذا تعرضت مصالحها للخطر وتحولت ورقة الغاز التى تمتلكها روسيا
إلى ورقة ضغط غير قادرة أوروبا على احتماله.
الكصدر / موقع المصري اليوم للأخبار .