عدم التحسس للموضوعات الدينية والروحية
لماذا يتحسس الشباب للمواضيع الدينية ويشعرون بتغرب عن الاهتمام بالأمور الروحية والكنيسة ولكنهم بالعكس تماماً يطالبون بالمواضيع الاجتماعية وبخاصة العلاقات بين الشباب والفتيات وأسئلة مماثلة عن الحب والصداقة لماذا هذه الفجوة بين هذه الفئة اليوم والكنيسة لماذا يسهل الكلام عن هذه الأمور ويصعب في الروحية لماذا نواجه مشكله التململ والتأفف في كثير من الاجتماعات
طبعاً هنالك اسباب كثيرة ونظرة مغايره من قبل هذه الفئة ونحن مسؤولون الى حد ما (الخدام)عن تكوين هذه الفكرة لديهم لانهم يتوهمون
إن الحياة مع الله موضوع متميز بالكلية عن الصداقة الجنس والحب والعلاقات الاجتماعية وإنها تنحصر في الصلاة والصوم ومطالعة الكتاب المقدس وشتى المجالات التقوية في حين ان الحياة مع الله واللقاء معه يعاشان أيضا في الصداقة والحب والعلاقات الاجتماعية ان مورست كخبره حسب الاصاله التي هي من الله وله
أيضا إن الحياة الأبدية هي حياة مؤجلة لما بعد الموت وبالتالي هي غريبة عن حياتنا الحاضرة لذ هم يؤجلون أمر التفكير بها في حين ان هذه الحياة هي كما قال الكتاب المقدس
" ان يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك والذي أرسلته يسوع المسيح"(يوحنا 17 :3
أي أن الحياة الأبدية تعاش منذ اللحظة الحاضرة عبر معرفة الله ومعاشرته والألفة معه
ايضا ان الخلاص الذي أتي به السيد المسيح إنما يقتصر على نجاتنا من العقاب الإلهي في الآخرة
وفي الحقيقة لم يعرفوا ان الخلاص هو بتحرير إنسانيتنا من القيود التي كبلتها والقوي التي تدمرها بحيث تنطلق حرة ومحررة حية ومحيية فرحة ومفرحة في رحاب وجود لا يقوي الموت نفسه على وضع حد له
ان الدين يقتصر على اجتناب المحرمات وتتميم الفرائض ويتصورونه بالتالي ناموساً قمعياً لكل من يؤمن به وللعالم اجمع
" وإما أنا فقد جئت لكي تحيا الخراف وتفيض منها الحياة(يوحنا 10 وان ما يطلب الامتناع عنه انما هو ينتقص الحياة الأصيلة ويؤذيها يمنح سراباً براقاً الا انه لا يروي عليلاً
ان مكافحة الأهواء مرادفة لقمع الغرائز التي تزخر بها نفوسهم الفتية وإسكاتها في حين مكافحة الأهواء انما تعني بالحقيقة تحرير الغرائز من القوقعة التي تنسجها حولها فتأسر فيها وتعزلنا عن الكون والآخرين وبالتالي عن الله في حين أنها وجدت في الأساس لتكون جسوراً نلاقي عبرها الكون والآخرين والله ومكافحة الأهواء لا يعني بتر الغرائز فينا او تعطيلاً لها بل إعادتها إلى عافيتها والى اتجاهها الأصيل
فكيف السبل ليعرفوك انك الإله الحقيقي
علينا ان نعمل بجد يوما بعد يوم لنبدد هذه الأوهام بكلامنا الواضح والصريح وخاصة بمواقفنا المرحبة بالحياة المتأججة المتواثبة فيهم على نواقضها وعثراتها وتناقضاتها ومواقفنا المرحبة بيقظة العاطفة فيهم والجنس والحب ولو كانت هذه الطاقات تلتمس طريقها لديهم بصور لا تزال هوجاء متعثرة
علينا ان نفهمهم بما لا يقبل الالتباس ان المواضيع الدينية لا تقتصر على المواضيع العقيدية والطقسية والنسكية فقط انما تشمل كافة المواضيع التي تطرحها الحياة في تطوراتها المقلقة والمتواثبة بأن معاً هذه المواضيع ينبغي ان توضح لهم مواضيع دينية في الأساس إذا وعينا إن الله هو مصدر الحياة وينبوعها ومالها وان ابن الله إنما صار أنسانا ليحرر الإنسان ويطلقه في كافة مجالات وجوده لينزعه من الوجود ويلقي بيه في عالم غيبي
فإذا ما شعروا بان كافة اهتماماتهم ومواضيعهم تهم الله في الصميم لن يشعروا بغربة تتولد لديهم طاقة وقناعة كيانيه بذلك خاصة إذا أحسوا انها تهمنا نحن في الصميم نحن الذين نمثل الله في نظرهم
بذلك يزول التباعد والجفاء الذي يفصلهم عن عالم الله وإذا بهم يهتمون تلقاياً بأمور الله لأنهم اخذوا يشعرون بان الله حاضر في هواجسهم الحياتية كلها عند ذاك تتفجر فيهم تلك النزعة الصوفية التي هي صلب المراهقة ويتيقظ في قلوبهم عطش إلى الله وجوع ورغبة في اكتشافه والتعرف إليه والألفة معه
عند ذاك يمكنهم ان يكتشفوا تدريجيا ان الله انطلاقاً من اهتماماتهم الحياتية يدعوهم إلى تحقيق لذواتهم يتجاوز كل منجزات الأرض مهما سميت عند ذاك يبدو لهم الملكوت لا حقيقة مستقبلية فحسب بل واقعاً ينموا فيهم ألان عند ذاك يأخذون بطرح المواضيع الدينية تلقاياً بدافع شوقهم إليها لا مجرد مجاملة وإرضاء فقط بل يتلقون بلهفة ما يكشفه لهم المسيح وتراث الكنيسة من إسرار الله
الم تكن هذه هي طريقة السيد المسيح؟؟؟؟؟؟ الم يكشف للناس ملكوت الله الذي يفوق كل وصف وعبر اهتمامه بكل حاجاتهم الانية حاجاتهم للخبز والتعزية والسمع والبصر والحرية والشفاء؟
تلك مسيرة طويلة تفرض ذاتها علينا انطلاقا بما نشعره من اغتراب شبابنا عن الدين مسيرة قد تكون على نقيض ما تعودنا علية والفناه فل نحن مستعدون للانخراط فيها لنحيا ونُحي ؟
صلواتكم