jolliette المميز(ة)
الجنس : عدد المساهمات : 3648 التقييم : 1063 تاريخ التسجيل : 18/08/2011 البلد التي انتمي اليها : Cairo
| موضوع: في يوم البريد العالمي.. التكنولوجيا هي المسيطرة الأحد أكتوبر 09, 2011 12:33 am | |
| في يوم البريد العالمي.. التكنولوجيا هي المسيطرة
|
|
|
الدستور ـ طلعت شناعة
كانت رسائل البريد تحمل الفرح والدهشة والترقب. وكان الناس قبل اختراع الاجهزة الخلوية والرسائل القصيرة ينتظرون قدوم ساعي البريد بفارغ الصبر ومنهم من كان يمنحه «حلوان» الرسالة التي طال انتظارها من الابن الذي يدرس خارج الوطن. وكانت الأُمهات تحديدا، يبالغن في مشاعرهن وكان حامل الرسالة يتلقى «جائزة» إن هو «بشّرها» برسالة ولدها الغائب. وأحيانا كانت تلك «الجائزة» تصل الى حد «الدعوة على الغداء».
وكان العشاق «يهربون» بالرسائل الى الغابات او الى الاماكن الخالية لكي يؤنسوا أنفسهم بحروف وكلمات المحبوب. وكانت البنات تضع في مغلّف الرسالة او
«المكتوب» بعضا من ورق الورد للدلالة على ما يحمله قلب المُحََبة من أشواق وصفاء.
وفي الافلام والمسلسلات المصرية كنا نرى تأثير الرسائل على منتظرها. بل أن الكاتب يحيى حقي كتب رواية تحولت الى فيلم تحمل عنوان «البوسطجي» أو «ساعي البريد» وهو عنوان أحد الأفلام الاجنبية وكذلك أحد الافلام العربية للفنان وليد توفيق وصباح جزائري.
وهناك في الذاكرة مراسلات الأدباء وأشهرها «رسائل جبران خليل جبران ومي زيادة»، وكذلك «رسائل غسان كنفاني لغادة السمان» ورسائل الناقد المصري أنور المعداوي للشاعرة فدوى طوقان وغيرها وغيرها.
بريد
المسؤولون عن «البريد الاردني» أكدوا أن الناس في الأردن لا تزال تتعامل مع صناديق البريد وتبعث أشواقها وتطمئن على اولادها وأقاربها. وهناك آلاف الرسائل تصل يوميا الى مبنى البريد. كما أن مكاتب البريد في الاردن لم تعد تتخصص فقط بنقل الرسائل والطرود بل أن هناك مهمات كثيرة تقوم بها مثل استلام طلبات الالتحاق بالجامعات وسداد الفواتير وغيرها من المهام الضرورية للمواطن.
وهو ما يؤكد أن البريد ـ كمؤسسة ـ لم تفقد دورها في حياة الناس وان اختلفت أشكال التعامل معها من قبل بعض الناس الذين يبعثون مشاعرهم عبر وسائل الاتصال الحديثة مثل «الفيس بوك» و»الرسائل القصيرة» وعبر الانترنت.
إذن، هي طبيعة الحياة كما تقول نهلة عبيد الله ولا تزال رسائل البريد تحمل نوعا معينا من السلامات والأشواق والاستفسارات التي لا تستطيع الرسائل الإلكترونية نقلها.
ليست مجرد أوراق
ولعل الجيل القديم هو الأكثر اهتماما بكتابة رسائل البريد كما يقول محي الدين صبحي. فهذا الجيل يشعر بقيمة الورق ولعله يشتمّ من رائحة الحبر شيئا من المحبوب او الشخص العزيز عليه.
وتحتفظ نبيلة عياد بالكثير من الرسائل التي كان يبعثها لها والدها عندما كانت في بلاد الغربة وكانت تحمل الطمأنينة على والدتها وإخوتها. وكانت تغلف تلك الرسائل بورق ملون وتضعها في علب مزركشة وجميلة وكأنها تحمل كنزا ثمينا يبقى على مدى الأيام والسنين.
تقول نبيلة : الرسائل الورقية ليست مجرد اوراق تتغير الوانها مع الزمن لأنها مؤنسة اللحظات الجميلة التي غابت عن أيامنا. وحين أحنّ للماضب ، أجد فيها سلواي وطفولتي وصباي الجميل.
وأعرف أشخاصا لا يزالون يحتفظون برسائل معينة رغم مرور عشرات السنين على رحيل أصحابها. ولهذا لا أتوقع « إنقراض « رسائل البريد ضمن الاشياء التي باتت تختفي من حياتنا.
لهفة
وتتبنى نسرين جمال نظرية أن ورق الرسائل مثل ورق البنكنوت يحافظ على قيمته رغم مرور الايام. وهو يعد بمثابة « تعويذة « لمن شغلتهم الايام عمن يحبون. كما أن المعلومات التي تحملها تلك الرسائل والأوصاف للأماكن تبقى أثرا فنيا خالدا حتى بعد أن يرحل أصحابها.
وتضيف: لا أعتقد ان زمن الرسائل القصيرة سوف يلغي الزمن الماضي. فهذه الرسائل « القصيرة « مثل الاغنيات القصيرة يفرح بها الناس في وقتها ثم سرعان ما يبحثون عن سواها وهكذا فإنها لا تلتصق بالذاكرة ولعلها مجرد « وقود يومي» لمشاعر متغيرة ومتقلّبة.
بينما تقول الشابة نعمة ابراهيم (18) عاما أنها لا تذكر أنها ذهبت يوما الى مكتب للبريد. ربما لا تحتاج اليه ولا تدري ماذا يفعل الناس هناك. فالانترنت حلّ كل مشاكل التواصل الاجتماعي وجعل العالم أقرب ما يكون ولست بحاجة لكتابة رسالة ورقية ومن ثم التفكير بارسالها وقبل ذلك البحث عن « مغلّف « وكتابة اسم المرسل والعنوان.
لا تردين الرسايل
وفي زمن التغيرات والثورة التكنولوجية، ومع الاحتفال العالمي بيوم البريد يتذكر الناس وبخاصة من الجيل الذي عرف معنى رسائل البريد تلك الأيام.
تقول زينة منصور: عندما يقرأ الواحد منا رسائل أحدهم، يتصور ذلك العصر ويعايش تلك الفترة، رسائلهم تحمل صدقاً ما، وتحمل حقيقة ما، وتحمل براعة وجمالا ورقيّا أدبيّا، لكنها ليست فقط رسائل كتبها اعظم ادباء العرب في القرن العشرين، لكن هذه الرسائل تؤرخ أيضاً لحقبة اجتماعية تكاد تكون اختفت...
فيروز من عمالقة الفن في القرن العشرين ايضاً، كما لم تهمل شيئاً غنّت للرسائل وانتظارها الطويل: «كتبنا وما كتبنا و ياخسارة ما كتبنا، كتبنا مية مكتوب ولهلأ ما جاوبنا» وغنّت لمرسال المراسيل الذي هو اليوم أشبه بساعي البريد: «يا مرسال المراسيل ع الضيعة القريبة، خدلي بدربك هالمنديل واعطيه لحبيبي»
وثمة اغنية لمطرب العرب محمد عبده يقول فيها: «لا تردين الرسايل ويش اسوّي بالورق»، كما غنى المطرب كاظم الساهر من اشعار الشاعر الكبير نزار قباني قصيدة «بريد بيروت» ومنها: (اكتب من بيروت يا حبيبتي حيث المطر).
وتضيف زينة: الرسائل البريدية كان لها طعمها الخاص، ولها رائحتها وعبقها، ورغم قلة عددها بالنسبة ليومنا كانت تحمل الكثير الكثير، كان كل انسان يكتب ما تحمله نفسه دون تثاقل، وينتظر الرد شهوراً و أحياناً سنوات، يقلب اثناءهن الرسالة عدة مرات، ويقرأها عشرات المرات...
كانت تلك الرسالة تكتب على ضوء الشموع، بنفس خط كاتبها، تعبر وبطريقة انسانية فريدة عن الموقف كله، بطريقة تجعلنا اليوم نتصور المشهد..!!. التاريخ : 09-10-2011
الدستور
|
| |
|