غموض سياسات المجلس الوطني العسكري في مصر
جريدة الوطن - منذ 3 دقيقة من نشره هنا
يسود الشارع المصري جو من الشكوك والغموض حول الطريقة التي يتعاطى بها المجلس العسكري فيما يخص تطورات الأحداث في مصر، وكذلك ما يخص إصدار القوانين، حيث يتم إصدارها بشكل فجائي دون طرحها للمناقشة على مختلف القوى السياسية، مثلما حدث في الإعلان الدستوري وقانوني مجلسي الشعب والشورى والدوائر الانتخابية، وأخيراً تفعيل قانون الطوارئ.
ويرى البعض أن سبب هذا الغموض يرجع في الأساس إلى حالة التخبط الشديدة التي تنتاب المجلس العسكري والحكومة الحالية في إدارة الفترة الانتقالية، حيث لا خطة واضحة المعالم للجميع بجدول زمني معلوم.
ومن الممكن القول إنه ليس للمجلس العسكري الخبرة الكافية للعمل السياسي حيث فوجئ بقيادة البلاد دون ترتيب مسبق، وكان عليه الاستعانة بمستشارين متخصصين يكونون سنداً له في إدارة شؤون البلاد والمساهمة في وضع القوانين المختلفة التي خرجت جميعها دون موافقة القوى السياسية.
ومن الأمور التي يراها مراقبون سبباً لتخبط المجلس العسكري وغموضه مع الشعب، هي عدم وجود خطة محكمة لإدارة الفترة الانتقالية بوجود جدول زمني معروف ومحدد بالتاريخ والساعة حتى تسليم السلطة إلى مدنيين ما يساعد الحكومة الانتقالية على معرفة الخطوات العريضة للمهام التي ستقوم بها. فقد تميزت إدارة الفترة الانتقالية بالعشوائية، ما تسبب في أزمات وخروج المليونيات. ويمكن القول، إن سبب التخبط والغموض الذي يسود المجلس العسكري، بصفته القائم على إدارة شؤون البلاد، أن المجلس يؤمن بأن ما حدث يوم 25 كانون الثاني ثورة، ولكن من الناحية السياسية لا بد من الحفاظ على شكل الدولة دون تغير جوهري في النظام.
ويرى مراقبون أن مصر باتت أمام تحديات جسيمة، وخصوصاً بعد الإخفاقات المستمرة التي تخللت مسيرتها خلال الفترة القصيرة المنصرمة. حيث يتهم البعض المجلس العسكري بمحاولة الالتفاف على مطالب الشعب المصري وإفراغها من محتواها، ويستشهد معارضوه ببعض الإجراءات التي أقدمت عليها الحكومة الانتقالية التي اتسمت بـ«الرجعية».
يقول محللون: إن التحول الديمقراطي بمصر قد يتضرر، ويرى البعض مؤشرات مثيرة للقلق بالفعل على عودة للأساليب التي كانت تتبعها قوات الأمن في عهد مبارك لخنق المعارضة.
في هذا الإطار، هناك من يخشى، أيضاً، من أن يكون المجلس العسكري يبحث عن أسباب لإبطاء التحول إلى نظام جديد، كما يخشى من فراغ أمني يخدم هذا الغرض.
وبخصوص الانتخابات القادمة، يقول بعض المحللين: إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يمكن أن يفضل انتخاب برلمان متنوع لا يهيمن عليه حزب واحد أو ائتلاف واحد، الأمر الذي يسمح للجيش بأن يستمر في أن يكون صاحب نفوذ وأن يحمي مشروعاته الاقتصادية الواسعة ومصالحه الأخرى.
ويعتبر ناشطون آخرون، أن النهج الذي يتبعه المجلس العسكري ومجلس الوزراء يثير الشكوك حول مدى جدية المجلس العسكري في تسليم السلطة للمدنيين، مشيرين إلى أن التعديلات التي أجريت على قانون الطوارئ تهدف إلى بث الرعب وإيقاف قطار التغيير.
وأخيراً، هناك دعوات للمجلس العسكري إلى ضرورة الاستفادة من أخطاء الماضي وبدء مرحلة جديدة قائمة على الشفافية والمصارحة مع الشعب، على أن تكون البداية بوضع خطة وجدول زمني للفترة المتبقية من المرحلة الانتقالية بحيث يكون موعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية معلوماً، وكيفية انتقال السلطة إلى حكومة مدنية ووضع نهاية للخلاف حول المبادئ الدستورية وتشكيل الجمعية التأسيسية للدستور، إذ إن استمرار هذا الغموض سوف يصب في المزيد من الأزمات مع الشعب، وما أحداث ماسبيرو الأخيرة إلا دليل على هذا الأمر.