ودعته أمه كعادتها كلّ صباح وهو ذاهب إلى المدرسة ، لكنها لم تكن تتوقع أنها ستكون المرة الأخيرة التي ستراه فيها ...
بينما كان التلاميذ يلعبون في باحة المدرسة ، وفي أثناء قيام ورشة الصيانة بعملها على توسيع الصرح التربوي ، سقطت الرافعة المعدنية
من مكانها لتستقر على جسد طفل في العقد الأول من عمره .....
دبّ الرعب في صفوف التلاميذ والهيئة التعليمية ...وكانت الأسئلة : ماالعمل ؟؟كيف سنخبر والديه؟كيف نزف لهما هذا الخبر المؤلم ؟
سمع أهالي التلاميذ خبر الحادثة في المدرسة ،وسمع دوي صفارات الإسعاف، وسارع الأهالي إلى المدرسة للاطمئنان على أولادهم ...
لا من أدين ، أو من هو المخطئ ؟؟
لكني اعلم أمرا واحداً : أن هذا التلميذ فقد حياته في مكان الدراسة ، في المكان الأكثر أماناً ، داخل الجدران المحصنة والأبواب المغلقة ...وهكذا ، فإننا لا نستطيع أن نضمن الدقيقة المقبلة في حياتنا ...
هذه القصة الواقعية التي صادفتني ، جعلتني أفكر ملياً في هذه الحياة وفي هذا الزائر الوقح الذي يزورنا من دون استئذان ، فلايعرف كبيراً ولا صغيراً، رجلاً أو امرأة ...فهو يزور الجميع في كل مكان وزمان ...انه الموت ..
انه الحقيقة التي لا يستطيع أحد إنكارها أو التغافل عنها ، فكل منا سوف يقابل الموت ، عاجلاً أو آجلاً.
وقد صدق الشاعر :
إن ابن آدم إن طالت سلامته يوماً على آلة حدباء محمول
ربما تكون حقيقة الموت واضحة وصريحة ، لكن الأمر الأصعب هو :ماذا يوجد بعد الموت ؟؟؟
يقول الكتاب المقدس : " قد وضع للناس أن يموتوا مرة ثم بعد ذلك الدينونة "
إذاً ، هناك أمر ما بعد الحياة على هذه الأرض ، وهناك مصير أبدي ينتظر كل إنسان ، أيّا كان هذا المصير ...بعد الموت هناك أبدية (أي أيام لا نهاية لها ) تنتظر الإنسان الذي لايعلم أين يقضي أبديته .
أما الرب يسوع فقد وعد أن يعطي الحياة الأبدية لكل من يؤمن به كالإله الحقيقي (يو 17 :2 -3 ).
صحيح أننا لانعلم متى سنقابل هذا الزائر ، لكننا نتشجع إذ نضمن الحياة الأبدية بالمسيح يسوع ، فيكون الموت هو جسر العبور من الحياة الأرضية الفانية إلى الحياة السماوية الباقية .