أمبروسيوس أسقف ميلانو
(تريفيري 339 م ـ ميلانو 397 م).
1. حياته
من أهم معلّمي الكنيسة وآبائها في الغرب. وُلِدَ أمبروسيوس من عائلة رومانية مسيحية. درسَ البلاغة وعمل في حقل السياسة. بقي موعوظاً حتى حادثة تدخلّه لتهدئة الوضع القائم بين المسيحيين والآريوسيين آنذاك بسبب خلافهم في موضوع الأسقف الآريوسي أسينطيوس. بعد هذا نادى بهِ الشعب أسقفاً فنال المعمودية في 7 كانون الأول (ديسمبر) 374 م وبعدها بأسبوع سيمَ أسقفاً.
انكب أمبروسيوس على دراسة الكتب المقدسة والآباء اليونان وخاصة أوريجانوس وباسيليوس، بالإضافة إلى الفيلسوف اليهودي فيلون الإسكندري. ساهم بشكل فعّال في اهتداء القديس أغسطينوس حيث منحه سر المعمودية عام 386 م.
في سنوات خدمتهِ كانت البدعة الآريوسية شغله الشاغل. كان مؤمناً بأن الكنيسة الكاثوليكية هي الوحيدة التي لها حق الوجود الشرعي: لهذا تدخّل ليمنع الرومان غير المسيحيين من أن يضعوا تمثال النصر في صالة الشيوخ (384). كما أنكر على الآريوسيين حقهم في بناءِ كنيسة لهم في ميلانو (386). في الحقل الرعوي شجّع كثيراً تكريم الشهداء والحياة الرهبانية للذكور والإناث. توفي عام 397 م.
يُحتَفَل بذكراه في التقويم الغربي يوم 7 كانون الأول (ديسمبر)
2. أفكاره
كانت أفكار أمبروسيوس اللاهوتية تستند إلى قاعدتين هما الكتاب المقدس ومجمع نيقيا. كان بارعاً في جمع اللاهوت الشرقي (أوريجانوس، أثناسيوس، باسيليوس) مع الغربي (ترتليانوس وهيلاريوس). في التعليم حول الثالوث كان يدافع عن وحدة الذات الإلهية والتمييز بين الأقانيم الثلاثة: "الآب هو مصدر وأصل الابن؛ الابن هو مصدر الروح القدس". في المسألة الكريستولوجية كان أمبروسيوس يجادل بشدّة الظاهريين والأبوليناريّين، وكان يعبّر عن اتّزان كامل في تعليمهِ فيميِّز في المسيح طبيعتان وإرادتانِ، دون أن يمسّ بوحدة شخصهِ الإلهي، تماماً كما علّمت المجامع المسكونية اللاحقة. لقد كانَ تعليمهُ واضحاً أيضاً بشأن العذراء مريم فكان يدعوها "أم الله"، وكان يعترف بدورها الخاص في تدبير الخلاص وببتوليتها بعد الولادة. لكن فيما يخص الحبل بها بلا دنس الخطيئة الأصلية فلا يذكر أي شيء.
في شرحه للكتاب المقدس كان يهتمّ بإبراز قيمة العهد القديم، فقد كانت معظم أعماله تهتم بشرحه. كان ينطلق من النقطة القائلة بتوافق العهدين القديم والجديد فيما يخص المسيح. وكان في شرحهِ يميل إلى استخدام الطريقة الرمزية التمثيلية وذلك لسبب تأثره بأوريجانوس وأفلاطون.
إضافة إلى هذا كان أمبروسيوس مهتماً بالناحية الأخلاقية من الحياة المسيحية، فكان يؤكد على أن الإنجيل يتطلّب من المؤمن الإهتمام بالواقع الإجتماعي لمساعدة الفقراء وإغاثة المظلومين والدفاع عنهم ضدّ أنانية الأغنياء والعظماء. في هذا أظهر أمبروسيوس أن تعليمه مازال واقعياً وعملياً في أيامنا هذه.
3. مؤلفاته
إن معظم أعمال أمبروسيوس جاءت ثمرة إهتمامه بالعمل الرعوي والوعظ. فقد كان رجلاً عملياً وواقعياً بعيداً عن المماحكات العقائدية.
كتب تفسيرات كتابية تتعلق كلها بالعهد القديم، عدا كتاباً واحداً وهو "شرح إنجيل لوقا". أمّا فيما يتعلق بالعقيدة فقد كتب أمبروسيوس حول الثالوث والكريستولوجيا. له أعمال هامة جداً في تاريخ الليترجيا والأسرار. له أيضاً أعمال أخلاقية وتقشّفيّة تتحدث بشكل خاص عن منافع البتولية في سبيل ملكوت الله.