يكثر الحديث في الآونة الأخيرة عن الحب حتى ليُخيّل للمرء بأنّ الحب قد أصبح من السلع التجاريّة الرخيصة. أو من الوسائل السريعة للتغرير بالمراهقين من الطرفين. لقد أُفرغت الكلّمة من مضمونها بشكل مؤسف فمَن يحب اليوم يكره غداً. وأصبح التنقّل بين الحب والكراهيّة يتم بين ليلة وضحاها. حتى بات من الصعب على الإنسان أن يصدّق بوجود الحب الحقيقي، هل الحب الحقيقي موجود...؟ نعم....
إنّه ينمو بين الطرفَين المتحابَين كنبتة صغيرة تحتاج إلى رعاية يوميّة إلى أن تنمو وتكبر فتتحوَّل بمرور الأيام إلى شجرة عميقة الجذور.
إنّ اللقاء الأوّل قد يحمل إلى الطرفين نوعاً من الارتياح وهذا يتحوَّل تدريجياً إلى إعجاب وبمرور الزمن قد يتحوَّل إلى حب.
فنحن لا نؤمن بالحب الصاعق فما يشتعل بسرعة ينطفئ بسرعة كذلك.
ولكن كيف يمكن أن نعيش الحب على صعيد الأسرة...؟
إنّ الحياة الزوجيّة فيها الكثير من الصعوبات والمتاعب التي يواجهها الزوجان يوميّاً:
• متاعب العمل الصعوبات الماديّة،
• صعوبات التكيّف مع الواقع الجديد في الأسرة.
• الخلافات في الرأي حول بعض الأمور.
كلّ هذه الصعوبات يسهل التغلّب عليها إذا كان الحب المتبادل الحقيقي موجوداً.
فالمحبّة لا يمكن أن تنفصل عن التضحية. إنّ المحب لا ينظر فقط إلى مصلحته بل يأخذ دائماً بعين الاعتبار شعور ومصلحة شريكه. قد يشعر المحب أحياناً بالغبن ولكن شعوره هذا يضيع في خضم المحبّة التي تربط بين القلبين.
وهنا نصل إلى نتيجة هامة هي أنّ الحب هو أخذ وعطاء كامل وهو تضحية. فإذا فهمنا الحب على هذا الأساس نكون قد بنينا اللبنة الأولى في صرح حياتنا الزوجيّة.
ولكن قد يخطر سؤال في ذهن البعض: هل تتحقق السعادة الزوجيّة ببناء المحبّة قبل الزواج أم بعده....؟
نقول لا بدّ من وجود حد أدنى من التوافق النفسي والروحي بين المقدمين على الزواج لبناء السعادة الزوجيّة.
وقد يسمّي البعض هذا حبا,ً لا بأس.
ولكن هذا الحب الوليد يحتاج وخاصة بعد الزواج إلى جهود الطرفين لكي ينمو ويتعمق بمرور الأيام فلا شيء يقضي على الحب كالإهمال وعدم الرعاية.
فلا يكفي أن نؤمن بوجود الحب بيننا بل يجب أن نعيش هذا الحب وأن نسير معاً وبخطوات ثابتة نحو آفاق جديدة.
إنّنا نشعر بعد 20 عاماً من الحياة المشتركة بأنّ الطريق أمامنا ما زالت طويلة وبأنّنا ما زلنا في أوّلها.
فأمامنا الكثير لكي نصل إلى العطاء الكامل والتضحية المثلى.