عاكفين على إضافة الغرباء(رو 12: 13 )
نرى في إبراهيم، الرجل السخي الذي رفض أن يأخذ شيئاً من ملك سدوم، نراه الآن يعطي. فانطبق عليه قول ربنا يسوع "مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ" (أع 20: 35 ). لأن الذي يرفض أن يأخذ، يصبح الموجود عنده بلا قيمة. ففي وقت حر النهار، أين كان إبراهيم جالساً؟ ليس داخل الخيمة نائماً على الفراش الناعم، مع أنه كان غنياً، بل تحت الشجرة. وبالرغم من كِبر سنه إذ كان له من العمر ما يقرب من مائة سنة، السن الذي تلزمه الراحة، فإنه كان عند باب الخيمة وقت حرّ النهار في انتظار الضيوف. ليس كما يعمل البعض منا عندما نرى الضيوف نطاطئ رؤوسنا ونجتهد أن نهرب منهم.
لكن لنلاحظ العبارة الحلوة "فرفع عينيه ونظر وإذا ثلاثة رجال واقفون لديه". ولما نظرهم تهلل قلبه وركض كأنه وجد غنيمة، وهذا شعور الشخص السخي. ثم سجد علامة الاحترام والتقدير والإكرام "وقال يا سيد إن كنت قد وجدت نعمة في عينيك فلا تتجاوز عبدك. ليؤخذ قليل ماء واغسلوا أرجلكم واتكئوا تحت الشجرة، فآخذ كسرة خبز فتسندون قلوبكم ثم تجتازون" (تك 18: 3 ). ولما قبلوا الدعوة ماذا عمل إبراهيم؟ أسرع إلى الخيمة وقال لسارة عندنا اليوم بركة عظيمة، عندنا ضيوف "أسرعي بثلاث كيلات دقيقاً سميذاً، اعجني واصنعي خبز مَلة" (تك 18: 3 ). أما إبراهيم فمع أن له عدداً كبيراً من العبيد، وكان في استطاعته أن يأمرهم ما يلزم، لكنه أراد أن يخدم بنفسه، فأخذ عجلاً رخصاً وجيداً وأعطاه للغلام فأسرع ليعمله ... وإذ كان هو واقفاً لديهم تحت الشجرة أكلوا.
ولكن هل تفتكرون بأن هذا العمل يُعتبر إسرافاً؟ كلا، يقول سليمان "يوجد مَنْ يفرِّق فيزداد أيضاً، ومَنْ يمسك أكثر من اللائق وإنما إلى الفقر" (أم 11: 24 ). فإبراهيم عمل الضيافة بسرور، وسارة خدمت بسرور أيضاً. والرب لا يبيت مديوناً لأحد، فكافأ إبراهيم وسارة إذ أعطاهم الوعد بولادة إسحاق. فقبل أن يُفتح البيت، يلزم فتح القلب كما فتح الرب قلب ليديا أولاً، ومن ثم فتحت بيتها "لتثبت المحبة الأخوية. لا تنسوا إضافة الغرباء لأن بها أضاف أُناس ملائكة وهم لا يدرون" (أم 11: 24 ،2).