بساطة العيش
لي في هذه الأيام فلسفه, من وحي هذه الأيام العصيبة: ألا وهي _ بساطة العيش , أدعو إليها لسببين:
الأول: لتخفيف وطأة هذه الأزمات التي أخذ ت تتوالى على البشر لأسباب ليس محل بيانها.
الثاني: لأني اعتقد أن البساطة عنوان الرقي فقد يكون الإسراف في الترف,والإغراق في الاستكثار من الزخرف وأدوات الزينة وسائر الكماليات دليلا على فقر النفس ,وانحطاطها,وخلوها من كل جمال.
تفتقر نفس المرء فيطلب الغنى حلالا أو حراما، تنحط فيرفع بناءه،تخلو من كل جمال فيستعيض عن جمال نفسه بجمال ثيابه ورياشه.
بل قد يكون الاستكثار من الأشياء دليلا على لؤم في الطباع .كيف يهون عليك أن تنعم بالعيش وغيرك يشقى به,أما سمعت قول الشاعر:
وكلكم قد نال شبعا لبطنه
وشبع الفتى لؤم إذا جاع صاحبه
انه للؤم أن يشبع الفتى وغيره جائع, أن يلبس الثياب الأنيقة الجميلة الغالية يزهى بها, وغيره عار ٍ أن يتمتع وغيره نصيبه الحرمان.
إذا لم ينعم البشر كلهم فلا أحب أن انعم , إذا لم يستريح البشر كلهم فلا أحب أن أستريح.
لهذين السببين أدعو إلى البساطة في العيش في المأكل والمشرب والملبس والمسكن,.وإذا وطنت النفس على الرضا بالبساطة, فلا يهمني أقبلت الدنيا أم أدبرت,اشتدت الأزمات أم انفرجت.
لا اشرئبّ إلى ما لم يفت طعما
ولا أبيت على ما فات حسرانا