"الإخوان المسلمون" والجيش المصري في طريق المواجهة |
|
|
|
|
|
بقلم: البروفيسور إيال زيسر
كانت الحكومة المصرية طوال شهور كيس ملاكمة لخيبة آمال الشارع المصري، بالإضافة إلى أنها كانت خط الدفاع الأول عن الجيش المصري برئاسة الجنرال الطنطاوي. فقد اعتادت الجماهير أن يصبوا الغضب وخيبة الأمل على حكومتهم. أول من أمس، رأت حكومة مصر أن السيل بلغ الزبى وقدمت استقالتها. وبهذا سُلب الجيش المصري الحجاب المريح الذي استتر من خلفه في الشهور الأخيرة عن غضب الجمهور في مصر. لكن استقالة الحكومة لا تغير شيئاً لأنها لم تكن هي الأساس ولأن عملها منذ البدء في الجهاز المصري كان محدوداً وضيقاً. فالمتظاهرون هتفوا هتافات تندد بالحكومة، لكنهم قصدوا هدفاً آخر – المشير طنطاوي، رئيس المجلس العسكري
الأعلى. استقر رأي الطنطاوي في الأيام الأخيرة على نزع القفاز، وكانت النتيجة عشرات القتلى ومئات الجرحى. وهكذا، بعد 11 شهراً من تنحية مبارك عن السلطة، يسود مصر شعور بأن الرئيس ربما زُج به في السجن لكن روحه لا تزال تغطي غرف جلسات متخذي القرارات في القاهرة. ومع ذلك، لا يتحمل المجلس العسكري المسؤولية عن التدهور إلى العنف. فهذا التدهور يعبر قبل كل شيء عن ارتياب بالجيش وبقادته وعن عدم ثقة بأنهم ينوون التخلي عن السلطة. وفي التظاهرات أيضاً تعبير عن خيبة أمل في الشوارع؛ فلا شيء تغير في الحقيقة في مصر بعد الثورة. ينبغي أن نرى التظاهرات في القاهرة لحن النهاية للثورة المصرية وبداية مواجهة بين "الإخوان المسلمين" والجيش. إن "الإخوان المسلمين" الذين يستمدون التشجيع من فوز إخوتهم في تونس، يتم تصويرهم اليوم على أنهم القوة الأكثر تنظيماً وانضباطاً في الشارع المصري. وقام في مواجهتهم الجيش الذي يريد الحفاظ على صورة الدولة المصرية باعتبارها دولة محررة من قيود الدين، لكنه يريد الحفاظ على مكانته في مصر المستقبل أيضاً. وفي الحقيقة فإن السبب
المباشر لنشوب أحداث الشغب هو محاولة الجيش إنشاء مجلس أمن قومي ليكون السلطة العليا في الدولة التي تفوق قوتها قوة مجلس الشعب والرئيس اللذين يفترض أن يُنتخبا. وُجد مجلس من هذا القبيل في تركيا وضمن سنين كثيرة سيطرة الجيش على الدولة إلى أن ظهر أردوغان في سنة 2003. ويعارض "الإخوان المسلمون" إنشاء هذا المجلس، ولهذا دعوا مؤيديهم إلى عرض عضلات هو الأول في نوعه في شوارع القاهرة. لا مصلحة الآن لأحد في إغراق مصر في اضطراب وفوضى – لا الجيش المعني بإنهاء النوبة التي فرضت عليه مع سقوط مبارك، ولا لـ "الإخوان المسلمين" الذين هم على ثقة بأنهم سيفوزون في الانتخابات فوزاً كبيراً. لكن لأحداث الشغب والمشاغبين حراكاً خاصاً بهم، وعلى كل حال حتى لو خفتت أحداث الشغب، فإن النضال من أجل مستقبل مصر – والسيطرة عليها وعلى صورتها – بدأ فقط، ويبدو أن "الإخوان المسلمين" والجيش مصممون على القتال حتى النهاية المرة.
عن "إسرائيل اليوم"
|
|
|
|
تاريخ نشر المقال
23 تشرين الثاني 2011 |
|