رأي المدينة
تونس ومصر
الأربعاء 23/11/2011
حمل لنا هذا العام نموذجين لثورتين عربيتين، فيما أصبح يُعرف بثورات الربيع العربي، أحدهما في تونس، والآخر في مصر، اندلعت الثورتان لنفس الأسباب، ولنفس الأهداف تقريبًا، وحيث اتّضح من متابعة الأحداث أن النموذج الأول استطاع أن يحقق قدرًا جيدًا من النجاح؛ بوضع تونس على طريق الاستقرار والاستجابة لمطالب الشعب، فيما أعادت أحداث الأيام الأربعة الماضية الثورة المصرية إلى المربع الأوّل بكل ما يزخر به من مشاهد العنف. في الحالة الأولى تم التوافق على أسماء رئيس الوزراء، ورئيس الجمهورية، ورئيس المجلس التأسيسي، بعد انتخابات أكتوبر الماضي، التي اتسمت بالشفافية، واتّساع المشاركة الشعبية، حيث تضع الحكومة الائتلافية الجديدة هدفًا لها مباشرة القضايا العاجلة التي تهم الشعب التونسي، وإجراء الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إلى جانب الإعداد للانتخابات العامة، وإقرار الدستور النهائي للبلاد في غضون عام.
في المقابل فإن الانتخابات التي ستجرى في مصر نهاية الأسبوع المقبل تواجه احتمالات التأجيل، في ظل استمرار الاحتجاجات، والاضطرابات في ميدان التحرير، وفي مناطق، ومدن أخرى في البلاد، لا سيما بعد الاستقالة الجماعية للحكومة، وعودة مشاهد العنف التي ميّزت الأيام الأولى من ثورة 25 يناير، الأمر الذي يعطي المؤشر بأن هنالك عقبات وصعوبات تعترض مسيرة الثورة المصرية، بما يزيد المخاوف بأن تزداد موجة العنف. وهو ما يدعو إلى ضرورة تطلّع كافة المسؤولين في الشقيقة مصر من عسكريين، وقوى حزبية وسياسية إلى إجراء قراءة متأنية ومتعمقة للنموذج التونسي، والاستفادة من إيجابيات ذلك النموذج، انطلاقًا من الحرص على أمن مصر واستقرارها، الذي يعتبر مفتاحًا لأمن المنطقة واستقرارها، مع الأخذ في الاعتبار أن نجاح تونس في المرحلة المقبلة بكل ما تزخر به تلك المرحلة من تحديات، يتوقف على اجتياز مصر لأزمتها الراهنة، والخروج منها متعافية. فالمنطقة لا تحتمل المزيد من الاضطرابات التي تزيد من وطأة وصعوبة الوضع الاقتصادي المتدني أصلاً، بتأثير الأزمة الاقتصادية العالمية، وبعد تراجع قطاعي السياحة والاستثمار؛ بسبب تلك الاضطرابات بما يضع المنطقة بأسرها أمام مهددات حقيقية لأمنها واستقرارها.
المدينة