- التغـيير الثقـافي:
إن نقطة البداية في التغيير هي تحديد جوانب السلوك والأداء المتوقع ودفعها داخل أرجاء التنظيم، بناء على تشخيص دقيق للوضع الحالي للإطار الثقافي، من خلال تحليل سلوكات الأعضاء والطرق التسييرية، وعلى ضوء النتائج المتوصل إليها يجري التفكير في أنسب الطرق لإحداث تغيير يساعد تجديد نظام القيم السائدة وإحلالها بقيم وثقافة وقائية تكون معدة لتتلاءم مع التحولات المستمرة.
ليس هناك حل سريع ولا سر يكشف عنه لتحرك مؤسسة من ثقافتها الحالية الجامدة والتي تتسم بالانسحاب والإهمال والإدمان على السلبية والتسيب والالتزام وتعدد مضيعات الوقت....
إلى ثقافة تركز على التميز والإنجاز، والنتائج والتجانس، والجماعية والتفتح على الخارج والداخل، واليقظة والتركيز على الأهداف القصيرة والطويلة، والمشاركة والابتكار، الاهتمام بالعاملين كآدميين وتنمية معارفهم ومهارتهم وترسيخ صفات شخصية مدعمة للتغيير.
إن تحقيق هذه الأشياء ليس أمرا سهلا، فالإقلاع عن العادات السيئة، وتغيير نظم ونمط الإدارة وفلسفة، وقيم الإدارة العليا والدوافع والاتجاهات والافتراضات أمر يصعب – فمعظم الثقافات تحيط بنا منذ فترات طويلة، كما أن نظام القيم يعتبر نظاما متكاملا ترتبط فيه كل قيمة بالقيم الأخرى وتدعمها، ومن الصعب تغيير قيمة معينة بمفردها عن بقية القيم – وبطول أمد إحداثه، غير أن المؤسسات التي تدرك أهمية التغيير وتستعد له بالفكر الجديد ستحافظ على بقائها وازدهارها، أما التي لا تفعل ذلك فسوف يكون مصيرها الإفلاس والانسحاب حتى لا نقول الاضمحلال والاختفاء، كما حدث للكائنات الحية المنقرضة.
إن تعديل القيم التنظيمية والاتجاهات وسلوكيات ومواقف الأفراد لا يمكن إحداثه إلا بتمهيد أذهان العاملين وتهيئتهم نفسيا قصد إقناعهم برفض السلوك الحالي واعتباره سلوك غير مرغوب أو ضار. وأنه في التغيير تتعاظم مصالحهم الذاتية وسيكونون في وضع أفضل نتيجة هذا التغيير [الجودة ص 100 – 92]
عندما تنجح الإدارة في إقناعهم بأن مصالحهم تتعارض مع سلوكهم وطريقة أدائهم الحالي وتتكامل مع التغيير حين إذن فقط نجد كل من في المؤسسة يسعى نحو الغرض الذي أنشأت من أجله المؤسسة.[بحث ع.ع غير منشور]
إن الأوضاع الجديدة تتطلب وجود منظومة من القيم والمعتقدات والاتجاهات والسلوكيات تتلاءم معها، تبررها وتدعمها الدعم المكاني والزماني المطلوب لواقع قائم بالفعل، فلابد أن تكون هذه القيم منسجمة ومتجانسة مع الواقع والأوضاع الحالية.
قيم تقوم على التفكير العقلاني البعيد عن الغيبيات وكذلك متطلبات العمل والقواعد التي تحكمه وتنظمه في عصر تسيطر عليه روح المنافسة والرغبة قي تحقيق التقدم والنجاح، مع توفير أكبر قدر من الحرية الشخصية وترسيخ مبادئ ديمقراطية.
قيم إيجابية فاعلة أكثر منها مواقف سلبية انفعالية، إحلال التفكير العلمي والتصرفات والأحكام والقرارات العقلانية، التميز والإنجاز والإتقان في العمل والمبالغة في التحسين مع الاعتراف بمسؤولياتنا عن الوضاع الراهنة.
لا يمكن تأمين نجاح التغيير بإجراء التغيير في المعايير والإجراءات بنصوص دون إحداث تعديل للسلوكات السياسية ونظام التربية والتعليم بمراحله المختلفة، واستعاب وإتقان ما لدى الآخرين من رصيد المعارف وفنون الإنتاج. فالأمر يحتاج إلى تغيير نمط و نظام الإدارة وتعديل ذهنية وقيم المسؤولين على كافة الأجهزة والمستويات بما يوفر اتجاهات إيجابية تقدر الإنتاجية والكفاءة والتمييز.
بيئة تؤكد على أن البقاء لمن يعمل افضل وليس من يتحايل أكثر.
إن التغيير يحتاج إلى بيئة ديموقراطية شفافة مدعمة لآليات التنافس مع العمل على خلق جيل جديد وقيم ثقافية جديدة في إدارة المؤسسات، جيل يؤمن بضرورة التغيير وبالمبادئ التي يريدون ترسيخها داخل المؤسسة، جيل يملك التخيل والتفكير الاستراتيجي والابتكار والمبادرة،
جيل له الاستقلالية وروح المنظم والاعتماد على النفس، الحاجة العالية للإنجاز،الميل إلى المخاطرة، متحر الفكر، ولابد أن تنعكس هذه القيم على أدائه وعلى سياسة المؤسسات التي يعمل بها كمدير أو منظم.(1)
الخطوات العملية لإحداث التغيير الثقافي:
- لا سبيل للبقاء والاستمرار في ظل التحولات المحلية والدولية إلا بتغيير سلوكاتنا واتجاهاتنا وقيمنا وافتراضاتنا اتجاه العمل، الوقت، النظام، السلطة، المؤسسة، القادة، أنفسنا، الآخرين، وبالإقلاع عن الخلط بين العلاقات الإنسانية والشخصية وهدف ومصالح المؤسسة، مع التأكيد على أهمية التقويم المستمر.
- قيام الإدارة بدراسة وفهم الثقافة السائدة، قصد التعرف على الجوانب الإيجابية والسلبية والعمل على استثمار ما هو إيجابي والتخلص من كل ما هو سلبي.
- إسهام القيادات الإدارية بأنماط السلوك الإيجابي المرغوب والمطلوب باعتبارهم القدوة والمثل في المؤسسة، وأن يتعلموا شيئا مهما هو كيفية حب العاملين وتقييمهم والنظر إليهم كمورد وليس كتكلفة.
- العمل بجد على التخلص من الاعتقادات الخاطئة وممارسات الإدارة بالأزمات واخلالها بمبادئ إدارة الأزمات.
- تنشيط وتفعيل الندوات والملتقيات قصد التعرف برصيد ومعارف وتجارب المؤسسات الرائدة.
- وضع نظام فعال للاتصال لتسهيل حركة الأفكار والممارسات بالشكل الذي يثري وينمي ثقافة المؤسسة.
- وضع نظام استحقاق يستجيب للحاجات غير المشبعة وينمي الحاجة إلى الإنجاز والتميز.
- تثمين وتفعيل نظم الاختيار والتعيين والتدريب والترقية وتقييم الأداء والحوافز باعتبارها الركائز الأساسية لزرع الانضباط والنظام والمسؤولية وتنمية روح الالتزام، والانتماء والولاء وترويضهم على الإبداع والابتكار وإبداء الرأي والرقابة الذاتية والعمل الجماعي.(2)
- الأقلمة والمواءمة الاجتماعية
- نقل الأعضاء الذين يقاومون التغيير والذين تتسم اتجاهاتهم بالسلبية أو إحلالهم بأفراد راغبين في التغيير ولهم الاستعداد للتكيف.
وضع آليات تحول دون سيطرة غير الأكفاء على الأكفاء.