بعد دورها المريب في الثورات العربية: متى يظهر (ميدان للتحرير) في قطر؟!
لدي، كمتابع، للثورات العربية في المنطقة (الزائف منها والصادق) سؤال بريء تماماً وهو: ألا يوجد ميدان للتحرير في دويلة قطر؟! ودوافعي للسؤال هو هذا الدور المشبوه الذي لعبته قطر عبر فضائيتها (الجزيرة) في الانتخابات المصرية الأخيرة، بل في الثورة كلها، وكذلك الدور الخطر الذي لعبه حمد بن جاسم والمؤسسات القطرية الدينية والسياسية في تمويل جمعيات أنصار السنة والتيار الوهابي وبعض المنظمات الحقوقية في مصر منذ بداية الثورة بما يوازي نصف مليار جنيه- وفقاً لتصريحات وزير العدل ووزيرة التعاون الدولي- وكذلك دورهم في تنفيذ المخطط الأميركي (الذي كتبه وأعده جيفري فيلتمان) لفرض حصار وعقوبات عربية على سورية بعد أن فشل مجلس الأمن في فرضها بسبب الفيتو الروسي والصيني.
ثالوث الفساد والاستبداد
والتبعية في قطر
إن دور قطر الإقليمي والدولي يتزايد، وهي تقول إنها الداعمة الأولى للثورات العربية عبر وسائل إعلامها (تحديداً الجزيرة) التي نعترف أنها كانت قوية ومؤثرة وإن فقدت تدريجياً المصداقية، لأنها تحولت كما قال الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل إلى (أداة للتحريض وليس للإعلام) (انظر نص حواره مع محمد كريشان) ومن المؤكد أن (الثورات العربية)- التي تزعم قطر أنها الراعية والداعمة لها- كانت ثورات على الفساد والاستبداد والتبعية، فإذا كان الأمر كذلك فإنها- أي قطر كان ينبغي من باب أولى ألا يكون بها فساد أو استبداد أو تبعية، إلا أن الواقع هناك ينبئ بغير ذلك، فهذا الثالوث مستشر فيها، إلا أن القطيع الإعلامي و(الثوري) العربي الذي يسير خلف الجزيرة بلا وعي، لا يراه أو لنقل إنه يغمض العين عنه في نفاق رخيص لدولة تقدم الأموال والإعلام الذي ملأ الأفواه فلم تعد تنطق، إذا كان الأمر أمر ثورة، فإن قطر والسعودية والبحرين وباقي منظومة الخليج هي الأولى بهذه الثورة، هي الأولى بأن نسأل وببراءة (ألا يوجد بهذه الملكيات الوراثية، ميدان للتحرير) شبيه بميدان التحرير المصري الذي فجر ولا يزال يفجر الثورة المصرية؟ ولأن الأمر مع قطر تحديداً دون سواه عن باقي منظومة الخليج العربي قد فاق الاحتمال، ودورها قد تجاوز حده والصمت لم يعد يليق وخاصة بالشرفاء بعد أدوارها الخطرة تجاه الأمة وقضاياها وتجاه مصر- تحديداً- الذي وصل إلى حد تفكيكها وإشعال الحرائق الطائفية والسياسية بها عبر الجزيرة- بقنواتها المتعددة- فإننا لذلك نريد أن نلقي بكرة اللعب إلى الملعب القطري قليلاً... لنفتش فيه عن ثالوث الفساد والاستبداد والتبعية وعن أخطر قضية فجرت الثورات العربية وهي قضية (التوريث) ألا يوجد في قطر صراع بين الأشقاء من أبناء حمد وموزة وزوجاته الثلاث؟!
وما دامت قطر قد فتحت باب الحرية والنقاش في أدق تفاصيل المشهد المصري والعربي (وتجاوزت في دورها أحياناً كثيرة حدود المنطق والعقل) فلتسمح لنا إذاً أن نجاريها ونسأل عن ملفات التوريث والفساد والاستبداد والتبعية هناك ولنسأل نحن وأنتم: أليس في قطر بعدما نقرأ عن كل هذا الاستبداد: ميدان للتحرير أم إن الأمر كله من ألفه إلى يائه مجرد مؤامرة لتفكيك المنطقة وإعادة تركيبها باسم الثورات، والثورات منها براء؟!
ولنفتح الملف... وبهدوء علنا بفتحه ننير الطريق أمام المضللين من نخبتنا وثوارنا.
تحدثنا الوثائق المنشورة، التي تولى العديد من المواقع والصحافة الدولية ومنها جريدة الميدان المصرية (بتاريخ 12/10/2011) أن رياح الربيع العربي قد اقتربت من قطر بشكل كبير ولكن بسيناريو يختلف عن ثورات مصر وتونس وسورية واليمن، فقد تسربت أنباء أن صراعات تدور بشكل غير مسبوق بين أبناء الشيخ حمد آل ثاني للسيطرة على كرسي الحكم في ظل تنامي الأخبار بإصابته (الشيخ حمد) بسرطان المعدة وإخفاق الأطباء الفرنسيين في معالجته ويدور الصراع بين أبناء الشيخ حمد الثمانية عشر الذين أنجبهم من ثلاث نساء على رأسهن الشيخة موزة والصراع على الحكم ليس غريباً على قطر ويبرز من أبناء حمد كل من جاسم ومشعل وتميم ولي العهد. والشيخة موزة نفسها كانت ضحية لصفقة مالية وسياسية بين أبيها ناصر المسند الذي كان يعارض الحاكم السابق الشيخ خليفة فقد كان ناصر المسند من أهم المعارضين للحكم وتزويج ابنته من الشيخ حمد ابن الحاكم تم عبر صفقة سياسية تخلى بموجبها المعارض عن معارضته في مقابل نفوذ من نوع خاص لم يكن الشيخ خليفة نفسه يتوقع أن يتطور إلى درجة تصبح فيها العروس الضحية الشيخة موزة هي الحاكم الفعلي في قطر والعقل المدبر لعملية انقلاب أبيض أطاح بالشيخ الأب خليفة (عام 1995) بل أطاح بأولاد زوجها حمد من زوجاته الأخريات والذي بدأ في الاشتعال المكتوم الذي لا يجد (قناة جزيرة) ولا (ميدان تحرير) في الدوحة ليتحدث عنه!!
«إسرائيل عربية»
تقود التفكيك باسم الثورة
نحن لا نشك أبداً في أن الشعب القطري، رغم صغر عدده (نحو ربع مليون نسمة) أنه شعب عربي، يرفض الظلم والاستبداد والتوريث، والتبعية، ويرفض أن يوسم بأن الدولة التي يعيش فيها أضحت بمنزلة (إسرائيل) العربية التي تقود عملية التفكيك في الوطن العربي باسم (الثورة)!!، إلا أن حظه العاثر أوقعه في براثن، من لا يرحم، ومع ذلك يظل السؤال قائماً: ألا يوجد ميدان للتحرير كي يثور هذا الشعب على حكامه مثلما ثارت الشعوب العربية الأخرى؟ ألا يخدش كرامة هذا الشعب وجود أكبر قاعدة أميركية في العالم فوق تراب بلده؟ ألا يعلم هذا الشعب أن قاعدة العيديد قتلت مليوني عراقي وهجرت 4 ملايين آخرين في حرب 2003 ودمرت نصف لبنان في حرب 2006 وأزالت 25 ألف منزل في غزة عام 2009 بالتعاون مع إسرائيل؟ وقتلت 50 ألف ليبي في عدوان الناتو الأخير باسم الثورة وهي بريئة من كل هذا الدم؟ ألا يجرح كرامة هذا الشعب عندما يجد تآمر حكامه واضحاً وجلياً على الشعب الليبي، والسوري، والآن المصري، وأن دماء هذه الشعوب شاركت الأموال والأسلحة القطرية في إراقتها، ألا يعلم هذا الشعب أن صراعاً للورثة يقوم على أشده بين أبناء الشيخة موزة وأبناء الزوجتين الأوليين للأمير حمد آل خليفة وأن هذا الصراع سوف ينعكس سلباً على استقرار وأمن هذا الشعب؟ ألا يحرك الضمير العربي لهذا الشعب أن يعلم أن رئيس وزرائه يمتلك قصراً في مستعمرة (نهاريا) الصهيونية في فلسطين المحتلة وأن سفارة العدو الصهيوني في بلاده تتواطأ على الأمة العربية وعلى حقوق الفلسطينيين؟ وأن الغاز القطري الذي تستورده إسرائيل يغطي 35% من احتياجات الدبابات والأسلحة الإسرائيلية؟ ألا يحركه الدور الخطر الذي لعبه حمد بن جاسم في التآمر على سورية في جامعة الدول العربية بعد تهديده وابتزازه لأمينها العام نبيل العربي من خلال قضية جنائية متهم فيها زوج ابنة نبيل العربي الذي يعمل في مشاريع اقتصادية في قطر؟ أليس لدى هذا الشعب القطري ميدان للتحرير وإذا وجد – وأعتقد أنه سيظهر قريباً – هل تجرؤ (الجزيرة) على نقل ما سيجري فيه من فعاليات مثلما تفعل في مصر وسورية وليبيا وغيرها من الدول العربية التي ابتليت بلعنة الربيع القطري الكاذب هذا في أغلب الثورات؟ أم إنها فقط ترى (الربيع) في بلادنا ولا تراه في بلادها أم هي العين الأميركية والإسرائيلية التي تقف خلف المشهد التفكيكي برمته؟
إن الوثائق المنشورة عن صراعات أهل الحكم في قطر، التي تستلزم (ميدان تحرير) و(جزيرة) محترمة، تقول: إن الشيخة موزة كانت عراب الانقلابات في الأسرة الحاكمة وقد نفذتها اعتماداً على رأس حربة من أبناء العائلة نفسها ونقصد بها الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني وزير الخارجية ورئيس الوزراء.
موزة .. عراب الانقلابات
في الأسرة الحاكمة
الشيخ المعزول خليفة – الذي أطاح به ابنه حمد – هو خال حمد بن جاسم، فزوجة خليفة هي أخت حمد وقيل: إن الأخت قطعت علاقاتها بأخيها بل أصدرت بياناً داخلياً في أوساط العائلة وزعته من مقر إقامتها آنذاك في أبو ظبي أعلنت فيه براءتها من أخيها حمد ومن ولديها عبد الله ومحمد اللذين انضما إلى أخيهما حمد في انقلابه على أبيه بعد أن وزع حمد الكعكة على الجميع، فمنح رئاسة الوزارة لعبد الله وقتها (والآن لحمد بن جاسم) ونصب خاله وزيراً للخارجية وهو الأمر الذي دفع إلى القول لقد وصل الملك لير الدوحة والملك لير هو بطل إحدى مسرحيات شكسبير وتقوم المسرحية المذكورة على الخيانات والغدر في أوساط العائلة الواحدة.
وإذا كان الانقلاب التلفزيوني في قطر عام 1995؛ قد نجح في إيصال الشيخ حمد إلى حكم المشيخة إلا أن رفض الأب خليفة القبول بالأمر الواقع ودعمه لعملية الانقلاب الفاشلة كشف النقاب عن الكثير من أسرار الحكم في مشيخة قطر وعن علاقاتها الدولية والإقليمية. فقد تبين أن عائدات النفط تذهب بالكامل إلى حساب شخصي باسم الأمير (نحو عشرة مليارات دولار) وإن أقل من عشرين بالمئة من هذا الدخل يصرف على سكان المشيخة والأجهزة الخدماتية فيها... وتبين أيضاً أن للأمير حصة معلومة في جميع الشركات والمؤسسات العاملة في المشيخة وأن جميع رشا وعمولات صفقات العلاج والسلاح وخلافه تذهب إلى الأمير وأولاده.
هذه الأسرار خرجت إلى العلن بعد أن قام الابن بالطلب رسمياً من البنوك السويسرية بالحجر على أموال أبيه؛ على اعتبار أنها تعود للمشيخة وتم حل المشكلة وراء الأبواب المغلقة وبوساطات عربية بعد تعهد الأب بالامتناع عن القيام بأي تحركات مريبة أو الاتصال بمؤيديه في الداخل وموافقته على تسليم كبار معاونيه ممن كانوا آنذاك يقيمون في هيلتون أبو ظبي؛ وإذا كانت الشيخة موزة قد نجحت في تنصيب ابنها جاسم ولياً للعهد ثم أزاحته وجاءت من بعده بـ(تميم) ولياً للعهد؛ إلا أن هذا لم يمنعها من تطوير علاقاتها ودورها في أوساط الأسرة الحاكمة حتى تضمن المشيخة لابنها بعد وفاة زوجها الذي يعاني من مرض السرطان!! وخاصة أن للشيخ الصغير (تميم) أكثر من خصومة.. فأخواه من زوجتي أبيه يطلبان المشيخة لنفسيهما.
وعمه القوي الشيخ عبد اللـه يرى نفسه أحق بولاية العهد لذا فتحت الشيخة موزة نافذة على واشنطن التي تحتل تقريباً نصف هذه (الإمارة) عبر قاعدة (العيديد)؛ ولا يزال الصراع مستمراً.
ترى أين (الجزيرة)؟ وأين ميدان التحرير القطري؟! ألا يستحق كل هذا الفساد والتوريث، ثورة ينايرية على ضفاف الخليج؟.
الوطن