القديس جـلاسيوس

نشـأتـه

ولد هذا القديس من أبوين مسيحيين، فربياه تربية مسيحية وعلماه علوم الكنيسة، ثم قدماه شماساً فأجهد نفسه فى طاعة المسيح

ذهابه إلى البرية
ذهب القديس فترهب فى برية شيهيت، وبعد وقت رُسم قساً فأرشده ملاك الرب إلى مكان بعيد، وهناك جمع حوله جماعة من الرهبان، فكان لهم خير مثال. وكان يعد نفسه كواحد منهم .. وكان يتمتع بالصبر وطول الأناة حتى أمكنه نسخ الكتاب المقدس بعهديه، ثم وضعه فى الكنيسة ليقرأ فيه مَن يشاء من الرهبان
مواقف من حياة القديس
كان الكتاب المقدس الذى قد نسخه القديس مصنوعاً من جلد قيمته ثمانى عشرة قطعة نقدية. وحدث أن جاء أحد الإخوة الغرباء لزيارة الشيخ، فرغب لمجرد رؤيته الكتاب، فى أن يأخذه. فسرقه ومضى
أما الشيخ فلم يلحقه ليمسك به مع أنه شعر بما فعل. فمضى الأخ إلى المدينة ملتمساً بيع الكتاب. ولما وجد من يشتريه، طلب ثمنه ست عشرة قطعة نقدية. فقال له الذى أراد الذى يشتريه : أعطنى الكتاب أولاً لأتفحصه، ومن ثم أدفع لك الثمن. فأعطاه إياه. هذا لما أخذ الكتاب، مضى به إلى الأب جلاسيوس لكى يثمّنه قائلاً له السعر المدفوع، وذاكراً له البائع. فقال له الشيخ : خذه لأنه جيد ويستحق الثمن. ثم عاد ذلك الإنسان وقال للأخ غير ما قاله الشيخ : ها قد أريته للأب جلاسيوس، فلما سمع هذا قال : ألم يقل لك الشيخ أمراً آخر ؟
قال له : كلا
عندئذ قال : لا أريد أن أبيعه
ثم جاء إلى الشيخ بتأثر نادماً وراجياً إياه أن يقبله. لكن الشيخ أبى أن يأخذ الكتاب
فقال الأخ : إن لم تأخذه لن أكون فى راحة
أجابه الشيخ : إذا كنت لن ترتاح عندئذ سأقبله
وأقام الأخ هناك حتى انتقاله .. مستفيداً من عمل الشيخ ومنتفعاً
أورث أحد الشيوخ - وكان راهباً يسكن قرب نيكوبوليس(1)- القلاية التى كان يقيم فيها حاكم نيكوبوليس المدعو ﭭيكاتوس، والأرض التى حولها إلى الأب جلاسيوس. ولكن أحد المزارعين القريبين من الشيخ المتوفىَّ جاء إلى الأب جلاسيوس وطلب منه الأرض مدعياً أنه بحسب القانون كان ينبغى أن تكون الأرض له. وكان عنيفاً، فأراد أن يغتصب الأرض بالقوة. لكن الأب جلاسيوس رفض طلبه لأنه لم يرد أن يعطى رجلاً من العالم قلاية رهبانية. فلما رأى ﭭيكاتوس حيوانات الأب جلاسيوس تنقل له زيتوناً من هذا الحقل، اختطفها بالقوة وأخذ الزيتون إلى بيته، وبالجَهد والهوان صرف الحيوانات ومرافقيها. أما القديس المغبوط فلم يطالب بالثمر أبداً، ولكن السيادة على الأرض لم يتساهل بها للسبب الذى ذكر سابقاً. فغضب ﭭيكاتوس من الأب جلاسيوس، ولم استدعته حاجات أخرى، وكان محباً للخصام، توجه إلى القسطنطينية. ولما بلغ إنطاكية فى وقت لمع فيه القديس سمعان العمودى كالنور، أراد كمسيحى أن يراه. فلما رآه القديس سمعان من العمود وهو يدخل الدير، سأله
من أين أنت، وإلى أين تتوجه ؟
قال له : أنا من فلسطين مررت من هنا قاصداً القسطنطينية
أجابه القديس سمعان : ولأى سبب تقصد القسطنطينية ؟
مدينة فى فلسطين
قال ﭭيكاتوس : لحاجات كثيرة، وأرجو بصلواتك أيها الأب القديس أن أعود وأسجد لآثارك المقدسة
فقال له القديس سمعان : ألا تريد أيها الإنسان البائس أن تقول إنك ذاهب للعمل ضد رجل الله (الأب جلاسيوس). إلا أن الأمور لن تكون كما ترغب، وبيتك لن تراه بعد الآن. وإذا سمعت لى عد حالاً إليه تائباً، هذا إذا وصلت ذلك المكان حياً. ففى الحال انتابته الحمى، فأسرع يطلب مسقط رأسه حسب قول القديس سمعان محمولاً على نقّالة من قبل مرافقيه لكى يعرب عن ندامته وتوبته للأب جلاسيوس. وما أن وصل إلى بيروت حتى وافته المنية دون أن يرى بيته حسب نبوءة القديس سمعان
هذه الحادثة سردها ابنه الذى كان اسمه ﭭيكاتوس أيضاً، إلى أُناس كثيرين يثق بهم، وذلك بعد وفاة والده
نياحته
ولما أكمل هذا الأب حياته بشيخوخة صالحة أراد الرب أن يريحه من أتعاب هذا العالم، فتنيح تاركاً هذا التذكار الحسن
وتعيد لـه الكنيسة فى يـوم 12 أمشير الموافـق 19 فبراير

بركة صلاته تكون معنا
ولربنا المجد الدائم إلى الأبد آمين