السلطان والعجوز الحكيم
عاشَ في بلادِ الهند أحد السلاطين المتعجرفين ، وكان شغوفًا بسماع الحكايات وفي كل يوم يطلب إحضار الناسِ إلى قصره ويطلب إلى أحدهم أن يحكي له حكاية ما، على ألا تكون مكررةً أو يكون السلطان يعرفها من قبل وإلا كان السجنُ مصير الذي يحكي الحكاية، تشاءم الناس كثيرًا وظلوا يدونون الحكايات التي حكوها للسلطان حتى لا يعودوا لسردها من جديد فيكون السجن مصيرهم.
وجاء اليوم الذي انتهت فيه كل حكايات الناس ولم يعد لديهم الجديد الذي يعجب السلطان.
جمع السلطان الناسَ وهددهم جميعًا إن لم يخرج من بينهم من يحكي له حكاية فلن يعودوا إلى بيوتهم أبدًا وسيكون السجن منزلهم الأبدي، أخيرًا تطوع رجلٌ عجوز من بين الناس وقال للسلطان: أنا عندي حكاية يا مولاي السلطان.
سر السلطان كثيرًا بعد غضبه وضيقه وطلب إلى الرجل العجوز أن يحكي فحكى: لقد اشترك جدي وجدك قديمًا في شراء أرض وزرعاها بالأرز وفي موسمِ الحصاد كان يتم تخزين الغلة في المخزن الكبير الذي كان يستغرق الوصول من بدايته إلى نهايته يومًا كاملاً، فهل كنت تعرف ذلك يا مولاي؟
هز السلطان رأسه وأجاب: لا، لم أكن أعرف ذلك.
وقال الرجل العجوز: غدًا سأحكي لك حكاية أخرى عن جدي وجدك.
لم يعجب السلطان كثيرًا بحكاية الرجل العجوز إلا أنها قضت على شيء من الفراغ الذي يشعر به وأرضت عجرفته تجاه الناس.
في اليوم التالي حضر الناس إلى قصر السلطان وجاء الرجل العجوز وحكى للسلطان حكاية جديدة: لقد اشترك جدي وجدك قديمًا في شراء ثور لحراثة الارض وكان للثور قرنان طويلان جدًا حتى أن العصفور لو حط على القرن الأول للثور ثم أراد الانتقال للقرن الثاني لاستغرق ذلك الأمر يومين، فهل كنت تعرف ذلك يا مولاي؟
رد السلطان بحنق واستياء من تفاهة الحكاية التي حكاها الرجل: لا، لم أكن أعرف ذلك أيها الرجل العجوز!
وقال الرجل العجوز: في الغد سأحكي لك حكاية أخرى عن جدي وجدك.
في اليوم التالي حضر الناس وخرج الرجل العجوز من بين الصفوف ليحكي: عندما اشترك جدي وجدك أيها السلطان في شراء الأرض وحراثتها اكتشفا كنزًا بداخلها وكان نصيب جدك منه جرتان من الذهب ونصيب جدي منه أيضًا جرتان من الذهب، ولقد أودع جدي جرتاه من الذهب أمانة لدى جــدك فهل كنت تعرف ذلك يا مولاي؟
ودون تفكير وبغيظ أجاب السلطان بسرعة: نعم أعرف ذلك أيها الرجل العجوز.
وهنا هتف الرجل العجوز: إذن أطلب إليك أيها السلطان أمام كل هؤلاء الناس أن تعيد إليّ جرتي جدي الأمانة التي أودعها لدى جدك!
شعر السلطان بالخجل الشديد من تسرعه بالإجابة لغضبه من حكايات الرجل العجوز السخيفة والوهمية وجره غضبه للتأكيد على شيء لم يحدث وعليه ألا يعود في كلمته أمام الناس أو يتهم الرجل العجوز بالكذب لأنه تسرع وأجاب نعم أعرف ذلك، ولقد كلفه ذلك الأمر إخراج جرتين مملوءتين بالذهب من ثروته، لكنها وضعت حد لفطرسته مع الناس