هل أنت واثق
قرّر رجلاً من هواة تسلّق الجبال، تحقيق حلمه في تسلّق أعلى جبال العالم وأخطرها. وبعد سنين طويلة من التّحضير، وطمعًا بأكبر قدر من الشّهرة والتّميّز، قرّر القيام بهذه المغامرة وحده، وبدأت الرّحلة كما خطّط لها ومعه كلّ ما يلزمه لتحقيق حلمه. مرّت السّاعات بسرعة ومن دون أن يشعر، حتّى فاجأه اللّيل بظلامه وكان قد وصل تقريبًا إلى منتصف الطّريق حيث لا مجال للتّراجع، وحيث قد يكون الرّجوع أكثر صعوبة وخطورة من إكمال الرّحلة. وبالفعل، لم يعد أمام الرّجل سوى مواصلة طريقه الّذي ما عاد يراه وسط هذا الظّلام الحالك و البرد القارس، وهو لا يعلم ما يخبّئه له هذا الطّريق المظلم من مفاجآت.
وبعد ساعات أخرى من الجهد، وقبل وصوله إلى القمّة، فقد الرّجل اتّزانه وسقط من أعلى قمّة الجبل بعد أن كان على بُعد خطوات من تحقيق حلم العمر أو ربما أقلّ، وراحت أهمّ أحداث حياته تمرّ بسرعة أمام عينيه وهو يرتطم بكلّ صخرة من صخور الجبل. وفى أثناء سقوطه تمسّك الرّجل بالحبل الّذي كان قد ربطه حول وسطه منذ بداية الرّحلة، ولحسن الحظّ كان الطّرف الآخر من الحبل معلّقًا بقوّة بإحدى صخور الجبل. فوجد الرّجل نفسه يتأرجح في الهواء، لا شيء تحت قدميه سوى فضاء لا حدود له، ويداه المضرّجتان بالدّم، تمسكان بالحبل بكلّ ما تبقّى له من عزم وإصرار. وسط هذا اللّيل وقسوته، التقط الرّجل أنفاسه كمَن عادت إليه الرّوح، وأمسك بالحبل باحثًا عن أيّ أملٍ في النّجاة، ثمّ صرخ: "إلهي! إلهي! تعال أعنّي". فاخترق هذا الهدوء صوت أجابه: "ماذا تريدني أن أفعل؟"
- "أنقذني يا ربّ".
- "أتؤمن حقًّا بأنّي قادرٌ على إنقاذك؟"
- "بكلّ تأكيد، أؤمن بهذا يا إلهي، ومَن غيرك قادر على إنقاذي؟"
- "إذًا، اقطع الحبل الّذي أنت ممسكٌ به".
وبعد لحظة من التّردّد لم تطل، تعلّق الرّجل بحبله أكثر فأكثر. وفي اليوم التّالي، عثر فريق الإنقاذ على ارتفاع مترين فقط من سطح الأرض، على جثّة رجل يمسك بيده حبلاً، وقد جمّده البرد تمامًا.
ماذا عنك؟ هل قطعت الحبل أم مازلت تظنّ أن حبالك سوف تنقذك؟ إن كنت، وسط آلامك ومشاكلك، تتّكل على الحكمة والذّكاء والكذب لتنجو بنفسك، فاعلم أنّه ينقصك الكثير كي تعلم معنى الإيمان الحقيقيّ.
يعلّم سفر الأمثال 3: 5-8 : "توكّل على الرّبّ بكلّ قلبك وعلى فهمك لا تعتمِد. في كلّ طرقك اعرفه وهو يقوِّم سبلك. لا تكن حكيمًا في عينَي نفسك. اتّق الرّبّ وابعد عن الشّرّ، فيكون شفاء لسرّتك وسقاء لعظامك."