فى تلك الليلة
كانت ليلة مختلفة عن كل ليالى الزمن من بداية الخليقة إلى نهاية الحياة على الأرض غنية بحدث لم ولن يتكرر فى حياة البشرية . حدث قسم التاريخ إلى قديم وجديد ما قبل الحدث سُمى قديماً وعتيقاً وما بعده سمى جديداً فرض نفسه على المؤرخين من كل الأجناس فى تسجيل الأحداث العظيمة .
فى الظلام الدامس أضاء نور عظيم ولم يكن النور شعاع الشمس الذى يعلن بداية النهار فلازال الوقت قبل الوقت بكثير لكن ملاك أرسلته السماء ليجذب بنوره جماعة فقيرة يحرسون حراسات الليل على راعيتهم . إذا كانوا رعاة أغنام ولما بدى عليهم الخوف قال لهم الملاك " لا تخافوا فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب أنه ولد لكم اليوم فى مدينة داود مخلص هو المسيح الرب " ( لو2 :10-11 ) . وأيضاً ظهر فجأة جمهور من الجند السماوى مسبحين الله وقائلين " المجد لله فى الأعالى وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة " ( لو13:2 ) . وهذا الحدث أنتظره اليهود منذ القديم وهو ميلاد المسيح .
كيف دخل المسيح البكر إلى العالم وهو بعيد عن العالم بطبيعته ويختلف عن الجبلة البشرية بطبيعتها ؟دخله بإن الله صار إنساناً وولد فى مزود فقير لم يجد له موضعاً بين البشر إنما وجد له موضعاً فى المزود بين البسطاء والأبرياء وأستقبلت الأرض خالقها فى صمت رهيب لكن لم يكن ممكناً للسماء أن تصمت فقد جاء ملاك الرب إلى جماعة من الرعاة الساهرين الأمناء وبشرهم بالميلاد .
هؤلاء الرعاة هم رمز للرعاة الروحيين الذين يظهر لهم الرب يسوع فيبشرون بإسمه فى كل مكان كما بشر رعاة بيت لحم بالمسيح فى بلدتهم بعد سمعهم أنشودة الفرح والأبتهاج من الملايكة .
يقدم القديس مارأفرام صورة مبهجة للقاء الرعاة بالطفل يسوع الراعى فيقول : ( جاء الرعاة حاملين أفضل الهدايا من قطعانهم : لبناً لذيذاً ولحماً طازجاً وتسبيحاً لائقاً : أعطوا اللحم ليوسف واللبن لمريم والتسبيح للآبن !
أحضروا حملاً رضيعاً وقدموه لخروف الفصح ، قدموا بكراً للآبن البكر وحملاً زمنياً للحمل الحقيقى أنه لمنظر جميل إن ترى الحمل يقدم إليه الحمل .