طفل المغارة في بيت القربان
للأب ميشال عبود
"المجد لله في العلى وعلى الارض السلام". إنّه نشيد الميلاد، نشيد الملائكة في بدء سرِّ الخلاص. ننشده اليوم في بدءِ كل قداس. وما القداس او الذبيحة الالهيّة إلاّ ذكرى موت الرب يسوع وقيامته. وما من عجب في ذلك: أليس من ولد في المغارة هو المصلوب على الصليب؟ أليس من أنشدوا له الملائكة هو القائم من بين اللأموات؟ أليس من ولد في بيت لحم،( ومعناه بيت الخبز)، هو خبز الحياة على مذابحنا؟ عجيب سرّ إلهنا، ما أجمله وما أروعه! إنه سرّ الحب! إنّه سر الجمال! سر التجسّد وسرّ الفداء! وما سرّ الفداء إلاَّ سر موت وقيامة يسوع!
بين الميلاد والقيامة تشابه وتكامُل. أولاً أنّه يسوع نفسه.
في الميلاد مذود عليه الطفل يسوع، وفي الفداء هو نفسه على الصليب.
في الميلاد هيرودس يقلق ويقتل الأطفال، وفي الفداء بيلاطس يحكم على يسوع.
جاء المجوس يسألون: "أين المولود ملك اليهود". وعلى الصّليب لوحةٌ تدلُّ عليه :"يسوع المسيح ملك اليهود" .
حول المذود مريم تتأمل بصمت بالقرب من يوسف، وتحت الصليب تتألّم بصمت واقفةً بالقرب من يوحنا الحبيب.
في الميلاد راحيل تبكي على بنيها؛ وفي الفداء نساء أورشليم يَنُحنَ ويضربن الصدور.
في الميلاد مغارة، فيها الطفل ملفوف باللأقمطة، وفي القيامة قبر فيه المصلوب ملفوفاً بالاكفان.
الى المغارة أتى الرعيان يشاهدون "العلامة" التي قال عنها الملاك : "طفلاً ملفوفاً بالاقمطة"؛ وفي القيامة ، بطرس ويوحنا، رعاة الكنيسة يأتيان الى القبر ليشاهدا الحيّ من بين الاموات.
في الميلاد مجوسٌ يحملون الهدايا الى الملك الاله اللأبدي؛ وفي القيامة تحملن المريميات الأطياب.
في الميلاد، الملائكة يعلنون ولادة المخلّص، وفي القيامة يعلنون قيامته من بين الأموات.
في الميلاد يقول الملاك للرعاة: " لا تَخافوا، ها إِنِّي أُبَشِّرُكُم بِفَرحٍ عَظيمٍ يَكونُ فَرحَ الشَّعبِ كُلِّه: وُلِدَ لَكُمُ اليَومَ مُخَلِّصٌ في مَدينَةِ داود، وهو الـمَسيحُ الرَّبّ". وفي القيامة يقول للنسوة : "فقالَ لَهُنَّ: "لا تَرتَعِبنَ ! أَنتُنَّ تَطلُبْنَ يسوعَ النَّاصريَّ المَصْلوب. إِنَّه قامَ وليسَ ههُنا، وهذا هو المَكانُ الَّذي كانوا قد وضَعوه فيه".