الميلاد والقيامة
نعيشهما دوماً كلّما اشتركنا في سرّ الافخارستية. لمغارة والقبر، هما كنيستُنا ندخل إليها لنلتقي يسوع على المذبح قرباناً؛ إلهاً حيّاً، ومعطيَ الحياة. وما المذبح الاَّ المذود والصليب. وها هم رعاة الكنيسة يعلنون لنا كلمة الله ويقدّمون إلينا خبز الحياة؛ ونحن كالمجوس والمريميات نحمل تقادمنا، لنصبح بدورنا قرباناً حياً. هي الجوقة تنشد الينا كالملائكة لحن السماء لتدخلنا في فرح القلب وبهجة الحبّ. وفي ملْء الزّمن، تجسّد الله، فدخل تاريخنا الخاطئ، ليقدسّه ويحوّله في آخر الازمنة، ليصبح "الله الكلّ في الكلّ". وفي ملء الذبيحة، في كلام التقديس، يتجسّد الرب، ليدخل أجسادنا الخاطئة، فيحوّل قلوبنا اليه، ويصبح هو الكلّ في الكلّ في حياتنا.
ولد يسوع في بيت لحم ومعناها بيت الخبز ،وهي أصغر مدن اليهوديّة: "وأَنتِ يا بَيتَ لَحمُ، أَرضَ يَهوذا لَسْتِ أَصغَرَ وِلاياتِ يَهوذا فَمِنكِ يَخرُجُ الوالي الَّذي يَرْعى شَعْبي إِسرائيل" متى 2/6. وها هو يتجسّد في القربانة الصغيرة، وما زال في بيت الخبز في بيت القربان.
أتريد أن ترى يسوع؟ تلمسه؟ وتحياه؟ وتتأمّله؟ وتحبه؟... ماذا تنتظر؟ وأين تبحث؟ إنّه هنا. أتى الربّ إلينا ليبقى معنا، لا لكي نعيش ذكراه مرّة في كلّ سنة. ولد مرّة في ملء الزمن وهو الحاضر دائماً أبداً في كل زمانٍ ومكان.
من فرح الميلاد الى مجد القيامة، نتأمّل وجه إلهنا الذي تنازل وصار مثلنا وواحداً منّا. نراه في المغارة طفلاً فاتحاً يديه، يدعو ويرسل، يطلب ويعطي. ونراه على الصليب، غامر الكون ومعطي الحياة. وفي القربان هو المعُطى والمعطي.
كلّ مرّة تعيش الذبيحة الالهية، إعرف أنّك تعيش سرّ التجسّد والفداء. إنّك تذوق طعم السماء. أليس هو الذي قال: من أكل جسدي له الحياة الأبديّة؟ فالميلاد ليس بذكرى عابرة، إنّه حدث مستمرّ.
وإن بهرتك زينة الشوارع والساحات، فلا تدعها تعمي إيمانك عن رؤية يسوع في قلبك وفي القربان لتراه في كل انسان. احمل البشرى الى كلِّ من يبحث عن معنى الميلاد، وقد اضاعه في عجقة الأعياد. كن الملاك القائل: من يولد اليوم لك في كنيسة رعيتك، هو المسيح الربّ. هلمّ الى الكنيسة وإليك هذه العلامة: ستجد خبزات صغيرة موجودة في علبة صغيرة، ، إنّه طفل المغارة، إنه يسوع، إنّه في بيت القربان.
صمتُ المغارةِ يكتُبُ سرَّكَ سرَّ التجسُّدِ في ملءِ الزمانِ
إلهَ السماءِ إنساناً نراكَ حاضراً أبداً في سرِّ القربانِ
مجوسٌ في الارضِ ما زالتْ تبحثُ والنجمُ في القلبِ يدلُّ عليكَ
جمالُ الحياةِ وجهَكَ يعكُسُ وكلُ الوجودِ من صُنعِ يديكَ