«كَٱلْوَارِثَاتِ أَيْضاً مَعَكُمْ نِعْمَةَ ٱلْحَيَاةِ» (1 بط 3: 7). إن سعادة وسلام البيت مؤسسان على العلاقة القائمة بين الزوج والزوجة.
يعود بنا الفكر إلى أيام الخطوبة. إن شخصاً ما قد أحاطك وحدك باهتمامه، لقد كان هناك معجبون آخرون، ولكنك في هذه المرة تقابلت مع الشخص الذي يحبك حقاً، ولقد استجاب له قلبك بحب متساوٍ مع حبه. كم كانت الأيام مليئة بالسعادة! كان يبدو لكما أنه لا يوجد اثنان في كل العالم غيركما، وأحياناً كنتما تتحدثان عن المستقبل، وفي مرات أُخر كان الصمت بينكما أبلغ من أي كلام.
ثم حان يوم الزفاف فعشتما بالعهود والوعود، وأصبح الواحد ملكاً للآخر إلى الأبد إذا ارتبطما في المسيح. ولا شك أن هذه المحبة وهذا البيت الجديد كان من ترتيب الله، ولذا وجب أن يكون البيت أسعد مكان في العالم للزوج والزوجة. إنه المرفأ للراحة والسلام والحصن في وجه الطمع والأنانية. إنه مكان تجديد القوة الجسدية لا بل هو أحسن مكان للراحة النفسية والسعادة الحقة.
أيها الأزواج، أحبوا زوجاتكم ولا تكونوا قساة عليهن. لا تسمحوا لهذه القساوة أن تزحف إلى البيت السعيد في وسط المشغوليات الكثيرة. صلوا كي يحميكم الرب من هذا الشر. تتعب الزوجة في عمل البيت طيلة اليوم ويحزّ في قلبها أن يقابلها زوجها في المساء بجبين مقطب ووجه عابس. إنه يحبها ولا شك في ذلك، ولكنه يبدو قاسياً دون أن يقصد.
تمر السنوات سريعة، وينعم الله على الأسرة بالأطفال الصغار الأصحاء أو الأعلاء الذين هم عطية الله لنا.
أما العلاقة بين الزوج والزوجة فينبغي أن تكون مؤسسة على المحبة والاحترام المتبادل. على الزوجة أن توقر زوجها وتحترمه. أن تثق في أحكامه، وأن تظهره أمام أطفاله وأمام المجتمع كشخص جدير بالإحترام. هناك من تسخر من زوجها أمام أطفاله، لا بل تستخف بنصائحه وتهزأ بمشروعاته!
إن الزوجة هي الشريك الصامت في نجاح مشروعات زوجها. فنجاح الرجل يرجع إلى ثقة زوجته فيه. وهناك من الرجال من يُرجعون الفضل في نجاحهم إلى زوجاتهم، ويعترفون فعلاً بحكمتهن في الحكم على الأمور. يقول الكتاب المقدس: «زَوْجُهَا مَعْرُوفٌ فِي ٱلأَبْوَابِ حِينَ يَجْلِسُ بَيْنَ مَشَايِخِ ٱلأَرْضِ» (أم 31: 23). لقد أخذ مكان الكرامة في المجتمع، وكان لزوجته النصيب الأكبر في الفوز بهذا المكان.
أيتها الزوجة: تذكري مرة أخرى تلك الأيام الأولى من الزواج، حاولي أن تجددي على الدوام محبتك واحترامك لزوجك. إن اعتمادك عليه وثقتك به سوف يدفعه إلى الأمام وهو مزود بثقة الانتصار.
لقد رتب الرب أن يكون الرجل رأس المرأة في البيت، كثير من النساء لا يعجبهن هذا الوضع ويعترضن على هذا الحق للرجل، ولكن الواقع يؤكّد أن هذا الوضع الإلهي هو أحسن الأمور لراحة المرأة. فلماذا تأخذين على كاهلك حمل مسؤولية البيت؟ اتركيه لصاحبه. ضعي هذه المسؤولية على زوجك. إن هذه الثقة فيه والاعتماد عليه هما مصدر الراحة المستمرة لك، كما أنهما سيزيدانك اقتناعاً بأنك قد أحسنت الاختيار حينما تزوجت مثل هذا الرجل الكفء.
إن الأطفال لا بد وأن يلمسوا هذه التصرفات من الأم، وحينئذ يحبون ويحترمون والدهم. وإحساسهم المرهف هذا سوف ينعكس أيضاً في إيمانهم وثقتهم في «بابا». إن احترامك لزوجك هو المحبة العملية له.
اجعلي من بيتك الحصن المنيع في وجه زوابع الحياة. وخذي لنفسك عبرة من بعض النساء اللواتي يجعلن منه مركزاً للزوابع بدلاً من التصدّي لها.
إن معارضة الواحد للآخر أمام الأطفال يربكهم ويزعزع ثقتهم ويجعلهم لا يعرفون من يطيعون.
أما المشاحنات الكلامية بين الزوجين فأمر يُؤسف له. إن كان هناك اختلاف في الرأي، فيجب مناقشته وتسويته على انفرادٍ. إن النزاع يقسم البيت ويؤثر على مشاعر الأطفال وأمنهم. عيشا حياة مسيحية حقيقية معاً. اشكرا الرب على توجيهاته لكما لحياة زوجية سعيدة. إن اتفاقكما يساعد على نجاح البيت، واختلافكما المستمر في وجهات النظر معناه الفشل. لتكن لكما فرصة اللقاء مع الرب في المذبح العائلي. وليكن شعاركما دائماً هذا القول المأثور:
المسيح هو رأس هذا البيت،
والضيف غير المنظور على المائدة،
والمستمع الصامت لكل حديث.