كان للبابا كيرلس السادس علاقة وطيدة بشهداء وقديسي كنيستنا المنتصرين – فكان كل مساء يقوم برفع بخور عشية – ثم يقدم التحية والسلام للقديسين والشهداء الذين ستحتفل الكنيسة بذكراهم في صبيحة اليوم التالي وذلك بعمل التماجيد لهم.
ولكن كانت للشهيد العظيم مار مينا ، بين هؤلاء القديسين والشهداء جميعاً ، منزلة خاصة في قلب البابا كيرلس السادس ، نشأت منذ أن كان البابا كيرلس طفلاً صغيراً، إذ تعودت أسرته أن تحتفل بذكرى الشهيد العظيم مار مينا كل عام، فكانت تذهب لتقضي اسبوعاً كاملاً في كنيسة مار مينا المقامة بديره بأبيار غربية، وإزدادت هذه العلاقة قوة ومتانة ، إذ شاءت عناية الله، أن يتسمى البابا كيرلس عند رهبنته باسم "مينا" ، وعبّر البابا كيرلس السادس عن هذه العلاقة الوطيدة القوية في صورة تماجيد وتشفعات كان يقدمها صباحاً ومساءً، كما بنى وهو راهب كنيستين اسماهما باسم الشهيد مارمينا: الأولى في طاحونة الهواء بجبل المقطم، والثانية بمنطقة الزهراء بمصر القديمة. وقام بنسخ سيرته بخط يده بالطريقة التي كان الرهبان قديماً ينسخون بها الكتب ، ووضع نسخاً منها في الكنيستين المذكورتين.
وما أن صار بطريركاً حتى بادر بتحقيق أمنية كانت تجيش بصدره منذ زمن طويل.... فأنشأ دير مار مينا بصحراء مريوط وجعله باكورة أعماله.
وبادله الشهيد مار مينا العجائبي الحب، فكان يأتيه ويجالسه ويحدثه ويعزيه ويؤازره، ويكشف له الكثير من الأسرار الخفية ، وكانت للبابا كيرلس السادس دالة عظيمة عند صديقه مار مينا ، كثيراً ما كان يعلنها ، فنجده يقول لمن يقصده "سوف أرسل لك مار مينا"، وكان الشهيد مار مينا يذهب فعلاً، ويقضي لذلك الشخص حاجته ، كأن يشفيه من مرض أو ينجيه من ضيقة شديدة.
وتُظهر الوقائع الثابتة التي رواها أصحابها ، العلاقة القوية بين الشهيد مار مينا والبابا كيرلس والتي استمرت إلى ما بعد رحيل البابا كيرلس السادس.
الواقعة الأولى: يتشفعون بالبابا كيرلس فيأتيهم مار مينا
ذهب د. عزت ناشد وأسرته إلى الولايات المتحدة الأمريكية وتقدم لإمتحان المعادلة لكي يستطيع أن يمارس مهنة الطب ، بعد استذكار وسهر لمدة سنتين متواصلتين، ونجح في امتحان المعادلة، وحاول أن يعمل كطبيب بأحدى المستشفيات هناك، ولكنه فشل في ذلك لوجود منافسة قوية له من الأمريكيين الحاصلين على نفس شهادته، حتى داخله يأس شديد. ولكن زوجته أخذت تصلي وتتشفع بالبابا كيرلس السادس وكانت تقرأ كتب معجزاته وتطلب شفاعته.
وفي أحدى الليالي استيقظت الزوجة من النوم على حلم جميل : فقد رأت الشهيد العظيم مار مينا العجائبي، بوجهه الملائكي ولبسه المعتاد الذي كان كله من الذهب اللامع البراق. وقصت على زوجها هذا الحلم واستبشرا خيراً، ولم تمض أيام حتى استدعته إحدى المستشفيات التي كان قد تقدم إليها وأفادته قد تم قبوله للعمل بها.
وهكذا قام الشهيد العظيم مارمينا العجائبي بنجدتهم بمجرد استشفاعهم بحبيبه البابا كيرلس السادس.