لايستطيع الذين يعتمدون على عقولهم ان يعرفوا الله , لان عقل الانسان محدود مهما حاول , الانسان له عقل وارادة وبامكانه ان يفكر كما يشاء , لكنه لايستطيع ان يصل الى معرفة الله تلك المعرفة التي حظي بها ابراهيم والانبياءوالتي جاء يسوع المسيح ليهبها بوفرة ( لا أحد يعرف الآب الاّ الابن , والذين يريد الابن أن يكشف لهم ) فمعرفة الله لاتتحقق الاّ بتواضع الانسان تواضع العقل والقلب , هذا التواضع الذي يتحلّى به انقياء القلب , فالله بالمسيح يريد ان يكشف لهم هذه المعرفة , وباختيارهم, لانه خلق الانسان حرّا . ثم ان هذه المعرفة تتطلب منّا الايمان وتجرى فينا كالينبوع الغزيز العذب بواسطة مواهب روح الله – الروح القدس , فهذه المعرفة هي كالدرّة الثمينة التي لايمكن ان نحصل عليهاالا عندما نبيع كلّ شئ لنقتنيها حتى ذواتنا , نبيع كل شئ أي نتجرّد من كل ما يشوّه كياننا الانساني الكامل , وخاصةالتشوّه الناتج من الغرور والتكبّر , فالشيطان كان اولا ملاك ولكن تكبره حوّله الى شيطان . اذا امنّا بالله برغبة فهو يرغب رغبة شديدة في أن يتجلّى لنا في صلاحه اللامتناهي , في قداسته , في حبه وفى فرحه الازلي, أي يتجلّى لنا كما هو في ذاته ( الحياة الابدية هي أن يعرفوك انت الاله الحق والذي ارسلته يسوع المسيح ) , فكل انسان سواءا كان مؤمنا ام ملحدا مدعو الى حب الله ولا طريق اخر للخلاص الاّ بهذا الحب . ان اكون مدعوا الى حب الله اي ان اكون مدعو الى معرفة الله ببساطة شديدة وبدون تعقيد او تفلسف الاشياء , وكلّما ازدادت معرفة البشر بالله كلّما تمجّد هو سبحانه , ولكي يعرف البشر الله ارسل ابنه الوحيد الى العالم ( لكي تمتلئ الارض من معرفة الرب كما تغمر المياه البحر . اشعياء 11 :9 ) . فاذن البشر جميعا مدعوون الى معرفة الله اي الى حبه , اما من هم مسيحيون مؤمنون من بين البشر فان عليهم حمل هذه المسؤولية بالتزام في الكنيسة _التي هي جماعة المؤمنين والتي تتألف غالبا من العوائل المسيحية _ , ثم يحملون هذه المسؤولية بايما ن وشجاعة وقوة وبوعي بين الامم ووسط الناس الذين يجهلون الله او لايعرفونه ولم يسمعوا عن خلاصه بالمسيح يسوع , فالله يريد خلاص جميع البشر , ومانحن المسيحيين الاّ اداة بيد الله لخلاص هؤلاء الناس المحيطين بنا , مستمرين في هذا العمل باحترام وبروح الانجيل, مستلهمين التطويبات وسائر مشورات يسوع المسيح له كل المجد , وخاصة مع من يحتقرنا او من يعتبرنا لاشئ .ودون ادانة احد او جرح مشاعره او المساس بمقدساته , لنكون فعلا ملحا ونورا .( لاتعملوا للقوت الفاني بل اعملوا للقوت الباقي للحياة الابدية , هذا القوت الذي يهبه لكم ابن الانسان , لأن الله الآب ختمه بختمه .) يوحنا 6 : 27 .