في مثل هذا اليوم تنيحت القديسة أكساني، التي كانت من بنات أشراف رومية وأغنيائها وكانت وحيدة لوالديها، وقد نشأت من صغرها علي مداومة الصوم والصلاة وزيارة المسجونين والتصدق علي المحتاجين. وكانت تزور أديرة العذارى برومية للنسك والعبادة، وكانت توزع ما تحضره معها علي الفقراء والمساكين، وتكتفي بطعام الراهبات، وكانت تلازم قراءة أخبار القديسين وتكثر الطلبة إلى الله ان يجعل لها نصيبا معهم. وحدث ان أحد وزراء رومية خطبها لابنه. فاهتم والدها بالأمر كثيرا واحضر لها احسن الثياب وأغلي الأواني. ولما حان وقت زفافها قالت لامها إنني بعد ان يتم زواجي لا يليق بي ان اذهب لزيارة صديقاتي الراهبات، فاسمحي لي بان اذهب إليهن الآن لأودعهن. وإذ آذنت لها أسرعت فأخذت بعض حليها واثنتين من جواريها وقصدت شاطئ البحر، وهناك وجدت سفينة متجهة إلى جزيرة قبرص فاستقلتها. وعند وصولها ذهبت إلى القديس ابيفانيوس وأعلمته بأمرها، فأشار عليها بان تذهب إلى مدينة الإسكندرية، فسافرت إلى هناك حيث التقت بالأنبا ثاؤفيلس بابا الإسكندرية الثالث والعشرين، وأطلعته علي رغبتها في الترهب فوافقها علي ذلك وقص شعرها والبسها لباس الرهبنة. ثم باعت كل ما كان لها من الحلي والثياب وبنت بثمنه كنيسة علي اسم القديس استفانوس رئيس الشمامسة. وأقامت مع جماعة من العذارى الراهبات، أسكنهن معها الأنبا ثاؤفيلس البطريرك. وقد آخذت في ممارسة النسك والجهاد فكانت تعيش علي الخبز وقليل من البقول المبللة ولم تذق طعاما مطهيا، كما كانت تنام علي الأرض. وقد استمرت في جهادها هذا مدة تزيد عن العشرين سنة. ولما تنيحت اظهر الله آية تدل علي مقدار ما حصلت عليه من النعم السمائية، وذلك انه ظهر في السماء في نحو نصف النهار صليب من نور تغلب ضوءه علي ضياء الشمس، وحوله دائرة من النجوم مضيئة كإكليل، ولم يزل ظاهرا إلى ان تم وضع جسدها مع أجساد الراهبات القديسات ثم غاب. فعلم الناس ان ظهور هذا الصليب كان لإظهار فضلها. وبعد ذلك قصت الجاريتان علي الآب البطريرك أمر سيدتهما، وكيف عاهدتهما علي إخفاء أمرها، وان يدعونها أختهن. فتعجب الآب البطريرك من ذلك ومجد الله وكتب سيرتها.
صلاتها تكون معنا ولربنا المجد دائماً أبدياً آمين.