أجمل جزيرة رأتها عيناي، جبال مهيبة تتدحرج عند أقدامها أودية حرجية، وتنبسط بسخاء حقول وسهول». هكذا وصف كريستوف كولومبوس جزيرة جامايكا التي تبعد 145 كيلومترًا عن جنوب كوبا، وثالثة كبرى جزر الكارييبي.
وإذا أدهشت جامايكا كولومبوس قبل قرنين فإن «أرض الغابات والماء» كما يعني اسمها لا تزال تحتفظ بسحرها الطبيعي، مما يجعلها جزيرة تحار الأخيلة في وصفها، وتعجز الكاميرا ولو كانت ثلاثية الأبعاد عن رصد جمالها، فتبقى الجزيرة الحلم لمن يريد أن يمضي إجازة في عالم يسبح وسط البحر الكارييبي اللازوردي الذي لا يمل من غسل شطآن لؤلؤية تجفف كثبانها خيوط شمس أرجوانية لحظة المغيب.
كينغستون عاصمة جامايكا وقلبها النابض، ومركزها الاقتصادي والثقافي. وتطوّق العاصمة جبال تسللت عند أقدامها أحياء جميلة تضج بالأخضر تشرف على البحر. وعلى مقربة من الجبهة البحرية يقع الوسط التاريخي للمدينة، فيما كينغستون الجديدة تتمدد في الشمال، حيث يقع متحف بوب مارلي نجم موسيقى الريغي الراحل، ففيه يجول الزائر في عالم مارلي حيث يتلمس أشياءه في غرفته ويتظلل الشجرة التي كان يعزف تحتها أجمل الألحان على غيتاره.
وعند جبهة البحر يمكن التجوال في عالم من السكينة الذي يحتشد فيه جمال كينغستون الطبيعي، فهنا يبرع أصحاب المتاجر في سوق الأعمال اليدوية التقليدية في عرض اللوحات الصخرية التي تشتهر بها جامايكا بحيث تجدها في طول البلاد وعرضها منحوتة على الغور المبعثرة في كل مكان. وعلى مقربة من البيوت المأهولة يقع المتحف الوطني الذي يعرض لأعمال تعود إلى عام 1920. وتقوم غالبية فنادق الخمس نجوم جنوب كينغستون الجديدة، فيما يضم الوسط التاريخي الفنادق والمطاعم الأقل كلفة.
ومن شمال كينغستون الجديدة وبالتوجه نحو الغرب يقع ريد هيلز رود Red Hills Road حيث يؤخذ الزائر برائحة التوابل الفواحة، واستعراضات راقصي الجيرك Jerk فيشعر بأنه وسط كرنفال من الأحاسيس المتحرّكة التي لا يمكن التفلت منها خصوصًا في ميدان ريغا.
عند شمال غرب البلاد مرفأ مونتيغو باي الذي يموج بالحركة عاكسًا نمط عيش سكان جامايكا بكل وجوهه الفريدة. هنا تختلط فوضى أبواق السيارات، بالمساكن التي شُيّدت على النمط الجيورجي التاريخي بكل أبهته وفخامته وسكونه، والشواطئ اللؤلؤية. وفي مقابل هذا الازدحام العفوي تنبسط ملاعب الغولف بهدوء الأخضر، والمتاجر الفخمة التي تعرض لمختلف أنواع الفن والحرفيات المصقولة بإتقان، فضلاً عن أن هواة الرياضات البحرية سوف يشبعون شغفهم الرياضي.
على مسافة 84 كيلومترًا من مونتيغو باي تقع نيغريل التي تزدهر بشكل ملحوظ سياحيًا لتعتبر المدينة الأولى في جامايكا التي تحمل شعار المرح في حضور الشمس fun in the sun. ففي هذه البلدة يلتقي السائح السكان بشكل متواصل، والنحاتين الذين يعرضون منحوتاتهم على الشاطئ، وبائعي البسطات الذين يعرضون المنتوجات الغذائية العضوية، ولا يمكن إلا أن تشتري منهم لأن لديهم طريقة طريفة في الإقناع، فيحيون السائح بحرارة شديد ويتحدّثون إليه بلطف شديد مما يخضعه لرغبتهم في الشراء منهم من حيث لا يدري. وتضم نيغيرل المحمية الطبيعية الأولى في جامايكا.