بطبيعة الحال فإن مشاعر الغيرة جزء طبيعى من حياة الطفل ومن طفولته
تتعدد أسباب تلك المشاعر ما بين ولادة شقيق جديد للطفل أو وجود زميل له فى
المدرسة محبوب من الجميع أكثر منه. ويجب على كل أم أن تعلم أن الغيرة فى حد
ذاتها قد لا تكون مشكلة فى حياة الطفل ولكن ما يخلق المشاكل والصعوبات هو
المشاعر المصاحبة للغيرة مثل الغضب والحزن. ولذلك يجب على كل أم مساعدة
طفلها على فهم مشاعره واستيعابها وهو الأمر الذى سيمكن الطفل من عدم الشعور
بالغيرة تجاه الآخرين. إن الأطفال مثلهم مثل الأشخاص البالغين يمكنهم أن
يختبروا مشاعر الغيرة ويتصرفوا بناء على تلك المشاعر وهو الأمر الذى قد
يكون مؤلما لهم ولباقى أفراد العائلة. واعلمى أنك إذا قمت بتأنيب الطفل
بشدة بسبب مشاعر الغيرة فإن هذا الأمر لن يجدى بل إنه قد يجعل الموقف أسوأ.
ويجب على الأم أن تساعد طفلها على التعامل مع أى نوع من أنواع مشاعر
الغيرة التى قد تنتابه لأن هذا الأمر سيفيده فى التعامل مع أى مشاعر سلبية
فى المستقبل.
فى البداية عليك أن تخبرى طفلك أن مشاعر الغيرة التى قد تنتابه هى مشاعر
طبيعية واحرصى على أن يشعر الطفل أنك تتفهمين مشاعره لأنك قد مررت بها فى
يوم من الأيام.
استمعى لطفلك وأنصتى له وهو يتحدث عن مشاعر الغيرة التى يشعر بها، ومثلا
إذا قال لك طفلك أنك تهتمين بشقيقه أكثر مما تهتمين به فعليك أن تسأليه عن
شعوره فى مثل هذا الموقف. لا تتحدثى كثيرا وتحاولي فرض رأيك على طفلك ولا
تخبرى طفلك أبدا أنه يجب ألا يشعر بمشاعر معينة مع الحرص على الانتباه إليه
جيدا وأنت تتحدثين معه.
تناقشى مع طفلك حول الموقف الذى جعله يشعر بالغيرة واعلمى أنك إذا قلت
لطفلك أن عليه تجاوز الموقف دون التحدث معه فإن هذا سيزيد الأمور سوءا. ومن
الأفضل أن تعملى مع طفلك على التفكير فى حلول إيجابية لمشاعر الغيرة.
إن التنافس والضغوطات بين طفلك وبين زملائه أو أصدقائه فى المدرسة أيضا
أمور قد تجعل الطفل يشعر بالغيرة. فمثلا إذا كان طفلك لا يمتلك نفس الأغراض
أو الأجهز الإلكترونية التى يمتلكها زميله فإنه قد يشعر بأنه منبوذ وغاضب،
ولذلك فمن الأفضل أن تتحدثى مع طفلك حول سبب عدم امتلاكه لمثل تلك الأغراض
التى يمتلكها زميله.
يجب ألا تعاقبى طفلك بسبب شعوره بالغيرة بل من الأفضل أن تعلميه كيف
يستوعب هذا الشعور وكيف يتعامل مع المواقف التى تجعله يشعر بالغيرة.
وبالنسبة للغيرة بين الأشقاء، فيجب عليك كأم أن تعاملى كل طفل من أبنائك
ككيان مستقل مع عدم المقارنة بينهم مع الحرص على قضاء وقت مميز مع الطفل
الذى يشعر بالغيرة بمفردكما دون وجود شقيقه أو أي من أفراد العائلة.ستستمر
مشاعر الغيرة مع طفلك فى الكبر لو لم تعلميه كيف يتعامل معها ولذلك فيجب أن
تنظرى لمشاعر الغيرة تلك على أنها فرصة إيجابية يمكنك من خلالها مساعدة
الطفل في الحصول على حياة سعيدة فى المستقبل بالرغم من كل نواحى المنافسة
فى الحياة وهو شخص بالغ.
تمسكى بموقفك فيما يخص القواعد التى تضعينها داخل المنزل واحرصى ألا
تستسلمى لشكوى الطفل بسبب أمر داخل المنزل يشعره بالغيرة لأنك إذا استسلمت
فإن طفلك قد يستغل هذا الأمر للضغط عليك.
حاولى أن تزيدى من ثقة طفلك بنفسه لأن شعور طفلك بالغيرة قد يكون بسبب
شقيقه أو حدوث أمر جديد فى العائلة مثل زواج والده أو والدته بعد طلاقهما
من بعضهما البعض. إذا شعر طفلك بأنه مهمل فيجب أن تقضى معه الوقت وتجعليه
يشعر أنه مميز بالنسبة لك. وإذا كان طفلك يشعر بالغيرة من شقيقه الأصغر منه
فى العمر فتحدثى معه عن كل الأشياء التى يمكنه فعلها و لا يمكن لشقيقه
الأصغر فعلها فى المقابل. حاولى التركيز على الصفات المميزة التى تجعل طفلك
شخصا رائعا. عليك أيضا أن تحرصى على تنمية أى مواهب خاصة قد يكون طفلك
يمتلكها لتفرقيه عن شقيقه وتجعليه يشعر بالتميز.قومى بإشراك طفليك الاثنين
فى أى نشاط داخل المنزل لأن استبعاد الطفل صغير السن قد يجرح مشاعره ولذلك
عليك أن تجدى لطفلك الصغير مهام بسيطة يمكنه أن يشارك فيها.
يجب أن يتعلم أطفالك احترام بعضهم البعض أى أنه الابن الأكبر يجب ألا
يسخر من شقيقه الأصغر بينما يجب على الابن الأصغر ألا يضايق شقيقه الكبير.
علمى طفلك أن يستأذن قبل دخول غرفة شقيقه.
فى المدرسة يجب على المعلم ألا يقارن بين تلاميذه لأن هذا الأمر قد
يجعلهم يشعرون بالغيرة من بعضهم البعض، ومن الأفضل أن يركز المعلم على
تحسين أداء التلاميذ وتحفيزهم على التفوق. إن المسابقات الجماعية ستمكن
التلاميذ من التعاون مع بعضهم البعض بدلا من النظر لبعضهم البعض على أنهم
تهديد، كما أنها ستساعدهم على تنمية ثقتهم بأنفسهم.