مناظرة تظهر انقساما بين المصريين بشأن الحاجة لثورة جديدة
Tue, 26 Jun 2012
القاهرة (رويترز) - أظهرت مناظرة بحضور جمهور من المصريين انقساما في الرأي بشأن الحاجة الى ثورة جديدة أو إعطاء فرصة لاصلاح أخطاء الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك وأدت الى تولي رئيس إسلامي المنصب. ودافع هاني شكر الله رئيس تحرير موقع الأهرام أونلاين باللغة الإنجليزية عن رأيه المؤيد لحاجة مصر إلى ثورة ثانية بينما فند عبد المنعم سعيد الرئيس الأسبق لمجلس إدارة مؤسسة الأهرام الصحفية هذا الطرح وقال إن مصر ليست بحاجة إلى ثورة جديدة لأن ثورتها الأولى لم تكتمل بعد.
وأدار الاعلامي البريطاني المخضرم تيم سيباستيان المراسل السابق لتلفزيون هيئة الاذاعة البريطانية المناظرة التي أُقيمت في مركز "ساقية الصاوي" الثقافي بحي الزمالك في القاهرة لمحاولة الاجابة عن سؤال "هل مصر بحاجة إلى ثورة ثانية؟".
وأظهرت نتيجة التصويت الالكتروني بين جمهور الحاضرين وبينهم كثير من الشبان بعد المناظرة التي أجريت مساء الاثنين أن 50.9 في المئة يرون أن مصر بحاجة إلى ثورة جديدة وأن 49.1 في المئة يعارضون الفكرة.
وقال شكر الله في المناظرة إن الانتفاضة المصرية خُطفت في إشارة على ما يبدو إلى مكاسب الاسلاميين وخاصة جماعة الاخوان المسلمين التي فاز مرشحها محمد مرسي برئاسة البلاد رغم انها لم تبادر بالخروج في الاحتجاجات الاولى للانتفاضة ضد مبارك. وأضاف أن "الثورة يجب أن تستكمل لأنها تستحق أن تفوز."
وقال شكر الله إن الاصلاح الحقيقي لا يأتي إلا بثورة فالتخبط الذي ساد الحياة السياسية في مصر بعد الثورة جاء نتيجة فراغ مناخ السياسة في عهد مبارك لكنه قال إن الثوار المصريين بدأوا في تعلم كيفية تنظيم صفوفهم لكنهم فشلوا حتى الان في الانضواء تحت كيان واحد.
وأوضح شكر الله أن المصريين نزلوا إلى الشوارع في 25 يناير كانون الثاني 2011 للاحتجاج على الدولة البوليسية ولم يكن الهدف فقط هو إسقاط رأس هذه الدولة البوليسية وإقامة دولة دينية في مصر لكنهم طالبوا بالعدالة الاجتماعية والكرامة وحقوق الانسان وتوفير العيش الكريم لكل المصريين.
ورأى شكر الله أن ما آلت إليه الأمور في مصر الآن بوصول رئيس إسلامي إلى الحكم يضع المصريين أمام الفكرة التي طالما روج لها نظام مبارك أمام داعميه في الغرب وهي أنه إما مبارك في السلطة أو الدولة الدينية إلا أن الانتفاضة المصرية جاءت لتشق طريقا ثالثا.
وقال انه لا يعني بالثورة الثانية النزول والاعتصام في ميدان التحرير بالضرورة وإنما مجموعة من المبادرات الثورية لاصلاح الشرطة على سبيل المثال وأوضح أن هناك مبادرات ملموسة وضعت بالفعل لتحقيق هذا الغرض لكنه تساءل عمن لديه الرغبة في تنفيذها. ورأى أن الحل يكمن في الحراك السياسي في الشارع مع ضرورة توحيد القوى الثورية الان.
وقال إن الدولة البوليسية التي انتفض المصريون ضدها مازالت قائمة بل وإن البلاد شهدت انتهاكات أكثر بعد تنحي مبارك في فبراير شباط 2011 من قبل قوات الشرطة والجيش. وأشار إلى أن النظام القضائي مازال كما هو في مصر كما أن جهود الاصلاح لم تجد نفعا لسنوات مع النظام السابق. وأضاف أن الثورة قدمت وعدا عظيما لم يتحقق وهو العيش والحرية والكرامة الانسانية والعدالة الاجتماعية لكن سعيد قال إن المصريين بدأوا عملية وعليهم رغم ما ارتكبوه من أخطاء أن يمضوا قدما في طريق الديمقراطية.
وقال سعيد إن مصر مازالت في ثورة وإنه لا توجد مؤسسات للثورة حتى تحميها فالبلد في حالة استقطاب وتعاني من تراجع اقتصادي. وردا على هذه النقطة قال شكر الله إن الوضع السياسي الحالي في مصر لا ينذر باستقرار قريب ولا توجد تسوية سياسية حقيقية ومستقرة على المدى القريب لذا فإذا استطاع المصريون إحداث تغيير وتقديم شكل من أشكال الديمقراطية المستقرة فمن الممكن أن يكون لذلك مردود اقتصادي. ومن جانبه رأى سعيد أن الحل هو الاصلاح وإعادة هيكلة الشرطة لتطبيق النظام والقانون وقال إنه يجب تحويل قوة الشعب إلى مؤسسات كما يجب إصلاح القوانين وتحريك الرأي العام لرصد الانتهاكات ومحاسبة المسؤولين عنها.
وأكد أن بناء مؤسسات الدولة أمر شاق ولم يتحقق بين عشية وضحاها في دول أوروبية عدة وقال إن الثوار المصريين لا يتحلون بالصبر. وقال سعيد إن الثورة تحتاج إلى وقت وإنه يجب القبول بنتيجة الانتخابات الرئاسية وإعطاء مرسي فرصة لتحقيق ما تعهد به في برنامجه الانتخابي. وأضاف أنه يتفق مع مرسي في السعي لتحقيق نهضة في مصر طبقا للبرنامج الانتخابي للرئيس والذي سمي بمشروع النهضة لكن سعيد قال إنه لا يقصد النهضة الاسلامية بالتحديد.
وذكر سعيد الذي وصف نفسه بأنه يؤمن بالإصلاح وليس ثوريا أن ثورات التاريخ مرت بنفس مراحل الثورة المصرية وان من قاموا بالثورات من قبل شعروا بالتخبط ولم يدروا ماذا يفعلون أيضا وان تأسيس الديمقراطية استغرق سنوات لذا فلا توجد ثورة سهلة.
ويبدو ان حجج سعيد حققت تأثيرا اكبر في الحضور اذ كانت نتيجة تصويت الحاضرين على سؤال المناظرة قبل بدايتها هي تأييد 55.1 في المئة لحاجة مصر إلى ثورة جديدة بينما رفض 44.9 في المئة.
وتعليقا على الزيادة في نسبة الأصوات المؤيدة لطرحه بعد المناظرة قال سعيد لسيباستيان مازحا إنه يطلب مزيدا من الوقت لتعديل النتيجة بشكل أكبر وكسب المزيد من المؤيدين لآرائه.
وعقدت المناظرة في اطار برنامج "حوارات العرب الجديدة" الذي يسعى لتعزيز الديمقراطية بعد ثورات الربيع العربي ويحصل على تمويل من برنامج الشراكة التابع للخارجية البريطانية والوكالة السويدية للتعاون الدولي.
وتتضمن المناظرات إطلاق حملات مكثفة في المدارس والجامعات بهدف تشجيع الشبان على المشاركة في إدارة شؤون بلادهم وتطوير الحياة السياسية فيها من خلال التحاور.