روما..
كان هناك صيّاد سمك جادّ في عمله ، يصطاد كلّ يوم سمكة ،
يأكل منها حتّى تنتهي ، فيذهب إلى الشاطئ ليصطاد سمكة أخرى ،
ذات يوم وبينما كانت زوجة الصياد تقطع مااصطاده زوجها ،
إذا بها ترى أمراً عجباً، رأت في بطن تلك السمكة لؤلؤة ! تعجّبت ؛ لؤلؤة ، في بطن سمكة ؟ !
سبحان الله ! يا رجل ، إنّها لؤلؤة....لؤلؤة !! لؤلؤة في بطن سمكة !!!
يا لك من زوجة رائعة . أحضريها ، لعلّنا نقتات بها يومنا هذا ،
ونأكل شيئا غير السمك .
أخذ الصيّاد اللؤلؤة وذهب بها إلى جاره في المنزل المجاور ، نظر إليها جاره التاجر
وقال له : لا أستطيع شرائها ، إنّها لا تقدّر بثمن ، فلو بعت دكّاني وبيتي ،
ما أمكنني إحضار ثمنها ، لكن اذهب إلى شيخ الباعة
في المدينة المجاورة ، لعلّه يشتريها منك .
أخذ صاحبنا لؤلؤته ، وذهب بها إلى البائع الكبير
في المدينة المجاورة ، وعرض عليه بيعها، والله يا أخي ،
إنّ ما تملكه لا يقدّر بثمن ، لكنّي وجدت لك حلّا ،
اذهب إلى والي المدينة ، فهو القادر على شرائها .
وعند باب قصر الوالي ، وقف صاحبنا ومعه كنزه الثمين
ينتظر الإذن له بالدخول ، فلمّا دخل ، قال له الوالي :
مثل هذه اللآلئ ، هو ما أبحث عنه ، لا أعرف كيف أقدّر لك ثمنها !
لكنّي سأسمح لك بدخول خزنتي الخاصّة ، حيث ستبقى فيها ست ساعات ،
خذ منها كلّ ما طاب لّك ، وهذا هو ثمن اللؤلؤة ! ،
سيّدي : ساعتان تكفي ، ستّ ساعات كثيرة على صيّاد مثلي ، لا !
بل ستّ ساعات كاملة ، لتأخذ ما تشاء ! ،
دخل صاحبنا خزنة الوالي ، وإذا به يرى منظراً مهولاً :
غرفة كبيرة جدّاً ، تقسم إلى ثلاثة أقسام .
الأوّل ملئ بالجواهر والذهب واللآلئ .
الثاني فيه فراش وثير .
والثالث فيه كلّ ما يشتهي من الأكل والشرب .
وقف الصيّاد محدّثاً نفسه : ستّ ساعات ؟
إنّها كثيرة جدّاً على صيّاد بسيط مثلي ؟
ماذا سأفعل في ستّ ساعات ؟
سأبدأ بالطعام ، سآكل حتّى تمتلئ بطني ، فأستزيد بالطاقة الّتي تمكّنني
من جمع أكبر قدر من الذهب .
ذهب صاحبنا إلى القسم الثالث ، وقضى ساعتين من الوقت ،
يأكل ويأكل ، حتّى إذا انتهى ، ذهب إلى القسم الأوّل .
في طريقه ، رأى الفراش الوثير ، فحدّث نفسه :
أكلت حتّى شبعت ، ما لي ، لا أستزيد بالنوم ؟ !
فهذا يمنحني الطاقة الّتي تمكّنني من جمع أكبر قدر ممكن من الذهب ،
فرصة لن تتكرّر، فأيّ غباء يجعلني أضيّعها ؟ !
ذهب الصيّاد إلى الفراش ، واستلقى . وغطّ في نوم عميق
وإذ بصوت يناديه : قم ، قم أيّها الصيّاد الأحمق .
لقد إنتهت المهلة ! ماذا ؟ نعم ، هيّا إلى الخارج !
أرجوكم ، ما أخذت شيئاً من الذهب ، لقد قضيت ستّ ساعات في هذه الخزنة ،
الآن أفقت من غفلتك وتريد الإستزادة
من الجواهر ؟ أما كان عليك أن تجمع كلّ هذه الجواهر ، حتّى إذا خرجت ،
تشتري لك أفضل الطعام وأجوده ، وتصنع لك أروع الفراش وأنعمه ،
لكنّك أحمق غافل ! ، لا تفكر إللاّ في اللذة الحاضرة ، أخرجوه إلى السّاحة الخارجيّـــة ! .
إنتهت قصّتنا، لكنّ العبرة لم تنته ! .
اللؤلؤة هي الروح ، إنّها كنز لا يقدّر بثمن .
الخزنة هي الدنيا ، أنظر إلى عظمتها ، وانظر إلى استغلالنا لها ،، الجواهر هي الأعمال الصالحة .
والفراش الوثير هو الغفلة ، أمّا الطعام والشراب فهو الملذّات والشهوات ، وصيّاد السمك هو أنت ! .
أما آنَ لك أن تستيقظ من نومك ؟ وتترك الفراش
الوثير، وتجمع الجواهر الموجودة بين يديك ؟
قبل أن تنتهي تلك المدّة الممنوحة لك ، وهي عمرك .
فتتحسر وأنـتَ تخرج من هذه الدنيا ؟ ! .
~ القصّـة منقولة للفائدة ~