إنجيل اليوم : الروح يُعلّــم :
إنجيل القدّيس يوحنّا 27 – 21 : 14
: قالَ الرَبُّ يَسوعُ لِتلاميذِهِ : « مَنْ كَانَتْ لَدَيْهِ وَصَايَاي ويَحْفَظُهَا ، هُوَ الَّذي يُحِبُّنِي .
ومَنْ يُحِبُّنِي يُحِبُّهُ أَبِي ، وأَنَا أُحِبُّهُ وأُظْهِرُ لَهُ ذَاتِي » .
قَالَ لَهُ يَهُوذَا ، لا ذَاكَ الإِسْخَريُوطِيّ :
« يَا رَبّ ، مَاذَا جَرَى حَتَّى تُظْهِرَ ذَاتَك لَنَا ، لا لِلعَالَم ؟ » .
أَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ لَهُ : « مَنْ يُحِبُّنِي يَحْفَظُ كَلِمَتِي ، وأَبِي يُحِبُّهُ وإِلَيْهِ نَأْتِي ، وعِنْدَهُ نَجْعَلُ لَنَا مَنْزِلاً .
مَنْ لا يُحِبُّنِي لا يَحْفَظُ كَلِمَتِي ، والكَلِمَةُ الَّتِي تَسْمَعُونَهَا لَيْسَتْ كَلِمَتِي ، بَلْ كَلِمَةُ الآبِ الَّذي أَرْسَلَنِي .
كَلَّمْتُكُم بِهذَا ، وأَنَا مُقِيمٌ عِنْدَكُم ، لكِنَّ البَرَقْلِيط ، الرُّوحَ القُدُس ، الَّذي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِٱسْمِي ،
هُوَ يُعَلِّمُكُم كُلَّ شَئ ، ويُذَكِّرُكُم بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُم ، أَلسَّلامَ أَسْتَودِعُكُم ، سَلامِي أُعْطِيكُم .
لا كَمَا يُعْطِيهِ العَالَمُ أَنَا أُعْطِيكُم ، لا يَضْطَرِبْ قَلْبُكُم ولا يَخَفْ ! التأمل :
الروح يعلمماذا يعلم الروح ؟ يذكر يوحنا الانجيلي كلمة ” الحبّ ” سبع مرات في هذا النص
من الانجيل الذي يحتوي على سبع آيات .
ليست صدفة طبعا أنّ يركز يسوع على “ الحبّ ” فالانجيل كله هو انجيل “ الحب ” .
والروح القدس يعلم “ الحبّ ” ، الدرس الاول والاخير في الحبّ ، هو حفظ وصيتي الرب يسوع
اللتين تتمحوران حول “ الحب ” ببعديه العمودي والافقي ، العمودي مع الله ”
أحبب الرب الهك بكل قوتك وكل قدرتك وكل نفسك ” ، الافقي مع الانسان “ أحبب قريبك حبك لنفسك ” .
هكذا اختصر يسوع كل الشريعة وكل تعليم الانبياء بوصية واحدة تتمحور حول “ الحب” .
المقصود بالحب هنا كل أنواعه ، حب الآباء للأبناء ، حبّ الاخوة ، الاصدقاء والرفاق ،
الجيران والزملاء ، حب الاقارب والابعد ، حتى حبّ الاعداء .
لكني سوف أركز على الحب بين الشاب والفتاة الذي يتكلل بالزواج ،
ويثمر البنات والبنبن ضمن العائلة النواتية .
الروح يعلم أنّ “ الحفظ يكون في الفكر والقلب ” أي أنّ الحبّ يولد في الفكر ويثمر في القلب ،
يذرع في العقل وينبت في القلب ، فالعقل والقلب لا ينفصلان ،
كذلك حب المسيح وحفظ وصاياه لا ينفصلان ، لنلاحظ التدرج في الافعال :
القبول ، العمل ، الحب ، إظهار الذات ( الاقامة ) .
ماذا يعني ذلك عمليا ؟ كلنا يعلم أنّ الحبّ يتدرج من النظر الى الاعجاب من ثم اللقاء
فالالتزام بالخطبة وتبادل الرضى في الزواج ومن ثم الانتقال منْ حالة “ الأنا ”
الى حالة “ النحن ” أي العيش معا تحت سقف واحد “ الاقامة ” منْ أجل خير الزوجين
واسعادهما في انجاب الأولاد والعمل معا على تربيتهم ونموهم والسهر على سلامتهم
الجسدية والنفسية والروحية ، كل ذلك يسمى “ الحب ” ( سلة واحدة ) دون انفصال
أو آنقسام حتى دون تقسيط أو تجزئة ، الاعجاب ليس “ حبّ ” .
الافتتان ليس “ حب ” ، الغرام المغلف بالكلام الشعري والحركات اللطيفة ليست “ حبّ ” .
الحبّ قبل الزواج هو بداية المشروع ( Avant projet ) .
لا يسمى “ حبا ” الا عند إكتمال ، كما أنه لا يمكننا تسمية البذرة “ شجرة ” .
ستصبح شجرة متى زرعت في الارض الطيبة ونبتت بفعل الرطوبة والتعفن والحرارة ونمت
منْ خلال الانتظار وتوفر العناصر العضوية اللازمة بالاضافة الى عامل الوقت
الذي يحسم بالانتظار وينتصر بالصبر والثبات ، أيها الروح المعزي ، علمنا أنْ نحفظ
وصايا الرب يسوع في فكرنا وقلبنا كما نحفظ كنوزنا الثمينة ، علمنا أنْ نسمع ونحفظ
ونعمل بها ليكون لنا معرفة جديدة ومتجددة بمشروعك الخلاصي ، الذي يضمن لنا الفرح
والسعادة الدائمة الناتجة عنْ الثبات في الحبّ والالتزام
بالعهد والامانة للشريك الاخر في الزواج .
أحـــد مبارك
آمين .