الربيع العربي يبعثر أوراق المستثمرين الأجانب ‏ الاقتصادية - منذ 5 دقيقة

الربيع العربي يبعثر أوراق المستثمرين الأجانب

‏
الاقتصادية - منذ 5 دقيقة

لينا سايجول

عندما أعلنت شركة فرانس تليكوم في العام الماضي أنها في سبيلها إلى إطلاق شركة أورانج تونس، قالت إنها ''فخورة بأن تقرن نفسها بمروان مبروك'' لتأسيس أول شركة اتصالات مشتركة في تونس، يتم بموجبها دمج خدمات مختلفة في شبكة واحدة.

وبعد 16 شهراً فقط، تمت مصادرة حصة مبروك، صهر الزعيم المخلوع زين العابدين بن علي، البالغة 51 في المائة في شركة أورانج تونس من قبل السلطات التونسية المؤقتة التي تجري تحقيقاً في ظروف استحواذ مبروك على تلك الحصة.

وهذا موقف وجدت شركات دولية كثيرة نفسها فيه بصورة غير مقصودة، مع قيام الحكومات الانتقالية في تونس ومصر وليبيا بمراجعة كثير من الاستثمارات الأجنبية التي لها صلات بالأعضاء السابقين في الأنظمة الفاسدة والمستبدة التي تمت الإطاحة بها.

وإلى أن يتم اتخاذ قرار بشأن حصة مبروك، يسير العمل كالمعتاد بالنسب لشركة فرانس تليكوم التي أكدت على التزامها تجاه البلد، بما في ذلك خطط لإيجاد 150 وظيفة في المستقبل القريب.

من الناحية الظاهرية، لدى شركة الاتصالات الفرنسية القليل لتقلق عليه. فبموجب القانون الدولي تظل العقود، أو الامتيازات المبرمة في إحدى الدول تحت أحد الأنظمة سارية في عهد الحكومات التالية، مهما كان التغير جوهرياً.

''إن استبدال رئيس تنفيذي لإحدى الشركات لا يؤثر على هويتها القانونية والتزاماتها التعاقدية، وهذا هو المبدأ الذي ينطبق على البلدان التي تشهد تغيرات من أحد أشكال الحكم إلى شكل آخر'' كما يشرح الأمر شاي ويد، الشريك في شركة ريد سميث الدولية للمحاماة.

لكن أداة مبروك الاستثمارية كان لها أربعة مديرين في مجلس إدارة شركة أورانج تونس، وبموجب اتفاقية المساهمين، فإن أي تغيير في هذا الوضع ينبغي أن يعرض للتصويت في اجتماع عام للمساهمين.

وبالنسبة لبعض المستثمرين الأجانب، فإن مصادرة الدولة التونسية لبعض الأصول يمكن أن يكون نعمة.

فشركة قطر للاتصالات، مثلا، تمتلك 75 في المائة في شركة تونسيانا للهواتف الجوالة. وقامت السلطات المؤقتة بمصادرة نسبة الـ 25 في المائة المتبقية التي يملكها اثنان من مساهمي الأقلية، أحدهما صهر آخر لابن علي. وقالت شركة قطر للاتصالات الآن إنها تدرس شراء هذه الحصة، الأمر الذي يمكنها من زيادة حضورها في السوق العربية التي تتسم بالمنافسة.

لكن مستثمرين خليجيين آخرين لم يحظوا بهذه النتائج الإيجابية. ففي أيار (مايو)، مثلاً، ألغت الحكومة المصرية المؤقتة اتفاقية تقضي ببيع سلسلة محال عمر أفندي الكبيرة لشركة أنوال السعودية، بعد أن اتهم منتقدون الرئيس المخلوع، حسني مبارك، ببيعها بثمن بخس قبل خمسة أعوام. وطعنت السلطات أيضاً في قانونية بيع أرض للأمير السعودي الوليد بن طلال، تم شراؤها أثناء حكم مبارك.

وقد توصل الأمير الذي فكر بداية باللجوء إلى التحكيم الدولي ضد الحكومة المصرية، في النهاية إلى اتفاقية أولية تقضي بإعادة 75 ألف فدان من الأرض الزراعية البالغة مساحتها 100 ألف فدان.

وعلى نحو متزايد، عندما لا تتمكن الشركات الأجنبية من حل خلافاتها مع الحكومات الانتقالية، فإنها تتوجه إلى المركز الدولي لتسوية النزاعات الاستثمارية الذي يتخذ من واشنطن مقراً له، لحماية ممتلكاتها.

وفي أيار (مايو)، رفعت شركة داماك العقارية التي تعمل في التطوير العقاري ويوجد مقرها في دبي، قضية للتحكيم الدولي لدى المركز الدولي لتسوية نزاع استثماري ضد الحكومة المصرية بشأن خلاف على أرض وإدانة رئيس مجلس إدارتها.

وعلى صعيد آخر في مصر، تم اتهام مجموعة الفطيم الإماراتية التي تقوم بتطوير مدينة القاهرة للمهرجانات في القاهرة الجديدة، بشراء أرض بسعر أقل من سعر السوق، وهي تفكر في اللجوء إلى القضاء لاستعادة 3.5 مليار دولار تعويضاً عن الأرض التي تملكها في مصر.

ويقول المحامون والاستشاريون إنه إذا اعتقد المستثمرون الأجانب أنهم عوملوا بإجحاف ومطالبون بالتخلي عن حقوقهم التعاقدية من دون الحصول على تعويض كاف، يمكنهم اللجوء إلى معاهدات الاستثمار الثنائية التي يمكن أن تؤمن لهم بعض الحمائية.

لكن بينما ستكون هذه الحكومات الجديدة حريصة على أن تظهر أنها لا تتهاون مع الفساد عبر إعطاء أمثلة لبعض القضايا، يقول الخبراء إن من المرجح أن تقوم بتسوية كثير من المزاعم خلف الأبواب المغلقة.

''لقد شوهدت قضايا خارج المحاكم أيضا، وهذا لإنقاذ الحكومة من الإحراج ولإبقاء رجال الأعمال الفاسدين خارج دائرة الضوء من أجل تسهيل إبرام مزيد من الصفقات وعدم ضرب ثقة المستثمرين'' كما يقول جوناثان تيري، من شركة ميبلكروفت الاستشارية التي تعمل في مجال تقدير المخاطر البيئية والاجتماعية ومخاطر الإدارة الرشيدة.

ومن المرجح أن تلعب الاعتبارات التجارية دوراً على هذا الصعيد. ذلك أن المستثمرين الأجانب وبسبب حرمانهم من الإيرادات في أسواق بلدانهم المشبعة، في حاجة لأن يكونوا قادرين على التوسع في أسواق جديدة، كمصر وتونس وليبيا، وهم في حاجة لإبقاء السلطات إلى جانبهم.

لكن مهما أبرمت الشركات الأجنبية من اتفاقيات مع سلطات تصريف الأعمال حالياً، فإن كل شيء يمكن أن يتغير بعد بضعة أشهر عندما يتم انتخاب حكومات جديدة.