"طرق التوبة الخمس"
+ "لو كان الله قد وضع طريقا واحدا للتوبة لكان لدينا سبب قوي في عدم مقدرتنا علي التوبة وهو اننا لا نستطيع ان نسلك هذا الطريق الواحد ولكن الله قد وضع لنا عدة طرق للتوبة لنسلك بها".
+ طرق التوبة الخمس هي :
1- الاعتراف : (أعتراف داود)
2- التواضع : (العشار الذي خرج من الهيكل مبررا)
3- الصدقة : (كرنيليوس)
4- الصلاة
5- الصوم : (أهل نينوي)
+" أيا كنت خاطئا أو بارا، سارع بالذهاب إلي الكنيسة لانها ميناء الخلاص ، فالخاطي فيها يقر بخطاياة والبار في حضنها يثابر في الطريق المستقيم للبر".
+ "هل أنت خاطي ؟ لا تستسلم لليأس بل سارع للتوبة وإن إقترفت خطية قل لله : يا إلهي لقد أخطات إليك ، فمن الافضل التقدم والاعتراف بخطأكم لتنالوا المغفرة".
- لماذا أنال المغفرة بمجرد أن أعترف؟؟ إن الكتاب المقدس يقدم لنا الاجابة من خلال مثالين :
1/ المثال الاول : لشخص لم يعترف بخطيتة فيدان.(مثال قايين)
2/ المثال الثاني : لشخص يقر بخطيتة فينال عنها الغفران.(مثال داود)
مثال قايين :
كان قايين يغير جدا من أخوه هابيل حتي أنه قام وقتله ، فسأله الله حينئذ : أين أخوك هابيل؟ لقد سأله الله وهو عالم بما فعله مريدا بذلك أن يستحثة بالتوبة فقال قايين : لا أعلم أحارس أنا لاخي؟
قاين لم يتب لانه لم يعترف بخطيته لذلك قال الله له : صوت دم أخيك صارخ إلي من الارض. (تك10:4)
وهذا الحكم لم يكن بقدر الخطية أكثر مما هو بسبب وقاحة قايين وعدم الاعتراف بخطيته لان الله يوبخ الوقاحة بشدة أكثر من الخطية ذاتها.
وقد دين قايين لانه تظاهر بجهله لخطيته ولم يعترف بها ولو أعترف بها لكانت قد محيت في وقتها.
+ الطريق الاول للتوبة : الاعتراف :
المثال الثاني : أعتراف داود :
لنفحص الان حاله خاطي نال الغفران عن خطيته بالاعتراف داود وهو متقدم في السن سقط في الزنا وأقترف جريمة قتل تحت إلحاح الفكر وهو لم يدرك أنه أخطا.
أرسل الله ناثان النبي إلي داود ولم يهجم عليه ناثان بسيل من التوبيخات ولكنه سرد عليه القصة التالية :
يا سيدي لدي قضية أعرضها عليك : كان رجلان في مدينة أحدهما كان غنيا والاخر فقيرا وكان للغني غنم وبقر كثير جدا وأما الفقير فلم يكن له شي إلا نعجة واحدة وقد أقتناها وكبرت معه ، تأكل من قصعته وتشرب من كاسه وتنام في حضنه ، فجاء ضيف إلي الرجل الغني ، فعفا أن يأخذ من غنمه وأخذ نعجة الفقير وذبحها وهيأ للرجل الذي جاء إليه.(2صم12)
فصاح داود : حي هو الرب إنه يقتل الرجل الفاعل ذلك ويرد النعجة بأربعة أضعاف لانه فعل هذا الامر ولانه لم يشفق.
وللوقت رد ناثان قائلا : أنت هو الرجل.
فأجاب داود : لقد أخطات للرب.(إن داود لم يعترض ولكنه أعترف وأقر بخطيته)
وفي الحال أجاب ناثان : والرب قد نزع عنك خطيتك.
إنك تملك نفس عظيمة لاعترافك بخطئك وقد نلت الغفران.
حاسب نفسك لكي تبرر (إش43)
أي صعوبة في أن تبادر بالاعتراف حتي تنال الغفران.
+ الطريق الثاني للتوبة : التواضع :
مثل الفريسي والعشار :
- صعد الفريسي والعشار إلي الهيكل للصلاة وبدأ الفريسي يعدد فضائله
ويقول : اللهم أنا أشكرك إني لست مثل باقي الناس الخاطفين الظالمين الزناة ولا مثل هذا العشار.(لو11:18)
- لكن العشار لم يقل مثله بل إنحني وقال : "اللهم أرحمني أنا الخاطي".
وإذ قد برهن علي تواضعه فقد نال التبرير والغفران.
- إن الفريسي قد غادر الهيكل وهو محروما من الحل والغفران بينما خرج العشار بقلب جديد متبرر .
+ إن كان تباهي وكبرياء الفريسي قد قاده إلي الملامة فأن كلمات تواضع العشار قد بررته ونال الغفران.
+ مع أننا لسنا أما شخص نبيل (العشار) أستخدم هذه الكلمات فتحسب له أتضاعا ، فالعشار لم يتصرف من منطلق التواضع بل من منطلق الحقيقة فهو بالحق خاطي فإذ كان وهو خاطي قد حصل علي مكافاة كهذه بتواضعة فكم ينبغي حينئذ أن يكافأ البار حينما يتواضع.
أعترفوا بخطأكم وتواضعوا فتنالوا الغفران.
+ الطريق الثالث للتوبة : الصدقة :
أود أن أحدثكم عن الصدقة ملكة الفضائل التي ترتفع بالبشر بسرعة حتي السماء حيث تترافع بداله لصالحكم.
الكتاب المقدس يعلن لنا ذلك : " يا كرنيليوس إن صلواتك وصدقاتك صعدت تذكارا أما الله." (أع10)
إن الكلمات " صعدت تذكارا أمام الله " تعني أنه حتي ولو أخطاتكم كثيرا فالصدقة تترافع لصالحكم.
لا يوجد في القوات العلوية من يعترضها إنها تطلب أن يوفي ما علينا من دين ، بل أنها أقتنت هذا الشرف العظيم الفائق الادراك من فم الرب عندما قال : "بما أنكم بأحد إخوتي هؤلاء الاصاغر فبي قد فعلتم"(مت40:25)
- وهكذا أيا كانت خطايانا نستطيع أن نلاشيها بالصدقة.
- تخيلوا نحن نستطيع أن نشتري السماء ونهمل فعل ذلك !!!!!!!
برغيف خبز تقدمونه تحصلون في مقابله علي الفردوس ، قدموا ولو أشياء زهيدة القيمة فتحصلوا علي كنوز ، أعطوا عطايا مادية فانية تحصلون علي الخالدة ، أعطوا خيرات أرضية تنالون مقابلها خيرات سمائية.
- أي شان أعظم من فضيلة البتولية !! ولكن يجب أن تلازمها الصدقة
فالعذاري الجاهلات لم يقرن البتولية بالصدقة ولذلك لم يدخلن مع العريس.
+ الطريق الرابع للتوبة : الصلاة :
ولكن أنا مشتاق جدا ان أحدثكم عن طرق مختلفة تؤدي الي التوبة وخصوصا طريق الصدقة وقد وجدتم معي أن الصدقة منفذ ممتاز ومأمون للتوبة.
سأحدثكم الان عن طريق أخر للتوبة مدخله سهل جدا ويتيح لكم التحرر من الخطية ألا وهو طريق الصلاة.
صلوا كل حين ، صلوا بلا انقطاع ، تضرعوا بمثابرة إلي المراحم الإلهية فالله لا يرفض من يثابر بل يمنحه مغفرة خطاياه ويستجيب صلواته.
يا أحبائي إن الصلاة قوة عظيمة جدا فاجتهدوا أن تعطوا أنفسكم للصلاة كعمل دائم ، فالإنجيل يعلمنا أن الصلاة تغفر خطايانا.
إن ملكوت الله يشبه برجل أغلق بابه ورقد في الفراش مع أسرته ولكن في وقت متأخر جدا أتي إليه شخص ما يطلب خبزا وطرق الباب وقال : أفتح لي فأني أحتاج خبزا ، فأجابه رب البيت في الحال : لا أستطيع أن أعطيك الان ، فنحن كلنا نيام. فواصل الرجل الطرق علي الباب وجاءه نفس الرد ولكن هذا لم يمنع السائل من الإلحاح دون يأس حتي قام رب البيت وأعطاه .
لذلك يجب علينا أن نصلي دائما ولا ندع اليأس يتطرق إلينا كما يعلمنا هذا المثل لانه حتي ولو كانت صلاتنا بلا إستجابه في الوقت الحالي فيجب أن نلح ونثابر حتي نصل لحكم لصالحنا.
هل أخطأتكم أذهبوا إلي الكنيسة وأعترفوا بخطاكم ، توبوا في كل مرة تقترفون فيها خطية ، فالتوبة سلاح ينهزم أمامه الشيطان دائما ، سارعوا إلي التوبة كمسارعتكم للقيام من الوقوع عند العثر في مكان عام.
لا تفقدوا العزيمة علي الاطلاق وإن وقعتم في مرة أخري في نفس الخطا توبوا مرة أخري ولا تفتروا بل تشجعوا وحتي ولو سقطتم في الخطية في سن متقدم سارعوا بالذهاب الي الكنيسة وتوبوا لان هناك في الكنيسة تجدون علاجا لا مسألة ، تجدون غفرانا لا عقوبة.
+ الطريق الخامس للتوبة : الصوم :
مثال اهل نينوي :
جعل الله الصوم قادر علي الغفران للمجرمين والمدانيين واقتادهم الي الحياة مع ان حكم الموت كان قد صدر والتنفيذ كان موشك.
هذه الاعجوبة لم يصنعها الصوم لشخص او اثنين أو حتي عشرين ولكن لشعب مدينة باكملها لاهل نينوي مع ان الامر كان قد صدر باستئصال هذه المدينة ولكن الصوم خلصها من بين انياب الموت واقتادها الي الحياة.
ومن صلاح الله انه جعل صوم ثلاث ايام من هذه المدينة تكفر عن خطايا بمثل هذه الفظاعة ولكي لا تستسلموا علي الاطلاق لليأس عندما تكونوا محملين بخطايا لا تعد من الكثرة.
خلصت نينوي بالصوم.
من عظات واعظ المسكونة الاول - يوحنا ذهبي الفم
الرئيسية
أحدث الصور
التسجيل
دخول
الموقع
موضوع: من أروع عظات القديس يوحنا الذهبي الفم 
الإثنين يوليو 16, 2012 1:38 am
