من هم الكلدان ؟ ومن أين جاؤوا ؟
.........................
كثيرا مانسمع هذا الكلمة لاكن القليلون يعرفون معنى
هذه الكلمة او ماذا يعني ان تكون كلدانــــــي او آشوري .
هناك اعتقاد خاطى وغير صحيح بتاتا بان الكلدان والاشورين هم مجرد طائفة مسيحية
حالها حال باقي الطوائف لباقي الاديان مثل الفريسين والصدوقين لليهود سابقا والسنة
والشيعة للدين الإسلامي . وإن الكلدان والآشوريين هم قوم عربي يعتنقون المسيحية
وينقسمون الى كلداني واشوري وسرياني وحتى ارمني .
لهذا قررت توضيح بعض الامور لمعنى كلمة كلداني ولماذا هية فقط في العراق
نسمعها ولا يملكلها غير العراقين .. هنا بعض اللمحات السريعة للتاريخ الكلداني :
الكلدان تاريخيا :
..............
لقد تيقّنَ علماءُ الآثار مؤخّراً من تواجد شعبٍ في منطقة وسط وجنوب العراق القديم
عُرفت تاريخياً بالقطر البحري ، سبقَ وجودَ الشعب السومري بما يقربُ من ثلاثة قرون ،
كان يعيشُ حياةً حضارية في المدن التي أنشأها ، ومن أشهرها :
كيش ، اور ، اوروك واريدو ، سمّى العالِم والمؤرخ الكبير
لاندزبيركَر Landsberger ذلك الشعب بالفراتيين الأوائل ، وقد سمّاه
بهذا الاسم أيضاً بعضُ المؤرخين العراقيين ، وفي المدوّنات الرافدية القديمة ،
وردتٌ تسمية سكان العصر البابلي القديم < كلدايي : ܟܠܕܝܐ> وهي التسمية
التي سمّاهم بها العلاّمة المطران يعقوب اوجين منا في مُعجمه الشهير
( دليل الراغبين - قاموس كلداني = عربي ) وسمّى لغتهم < كلديثا : ܟܠܕܝܬܐ>
وانتسابَهم الجغرافي واللغوي < كلدَيُوثا : ܟܠܕܝܘܬܐ> وامتهم < بَثٌ كلدايي : ܒܪܬܟܠܕܝܐ>
الامة الكلدانية ص. 338 . أما الكتاب المقدس العهد القديم ، فقد سمّاهم
باسم كسديم أو كشديم ، وكلتا اللفظتين تعنيان ( الجبابرة أو المُنتصِرين )
وباللغة الاغريقية دعاهم أبناء اليونان وباقي الاوروبيين < كالدْيَنس : Chaldeans >
وترجمَها العربُ الى < الكلدان > وبهذه اللفظة اعتمدَتْها ترجماتُ الكتاب المقدس العربية .
إذاً كان موطن الكلدان الأصلي في وسط وجنوب بلاد ما بين النهرين وسواحل
الخليج الكلدي ( الخليج العربي ) منذ عهودٍ سحيقة ، وكانوا مجموعات بشرية كثيرة العدد جداً
تتشكَّلُ مِن قبائل عديدة يتزعَّمُ كُلَّ فبيلة الرئيسُ الأكبر فيها يُطلق عليه لقب ( الملك ) ،
يقول بطرس نصري في كتابه ذخيرة الأذهان / الجزء الثاني ص . 24 - 25 <
إن أول دولةٍ ظهرت بعد الطوفان هي الدولة الكلدانية
- 1881 ق . م ) وجَعلَ مِن بابل عاصمةً لها مُستقِلَّةً عن سُلطة سُلالة اور الثالثة ،
ويؤيِّدُ ذلك المؤرخ هاري ساكز في كتابه / عظمة بابل / ترجمة الدكتور عامر سليمان ص. 90 <
في العام الثامن والعشرين مِن حُكم شمس ايلونا بنِ حمورابي ، حَدَثت ثورة في جنوب
البلاد بمنطقة الأهوار المعروفة ببلاد البحر والتي لم يستطِع إخضاعَها ، ونتيجةً لذلك
ظهَرَت سُلالة القطر البحري وسيطرَت على البلاد السومرية أثناءً حُكمِها الذي ناهزَ المئَتي عام .
إعتمد الكلدانُ قبل العهد الامبراطوري نظامَ الممالك ، حيث تُشيرُ المصادر التاريخية
الى قيام ممالكَ عديدة قوية منذ الجيل الحادي عشر قبل الميلاد ، ولم يتوَحَّدوا
في الزمن الغابر تحت راية دولة عُظمى ليخلقوا لهم كياناً سياسياً كبيراً إلاّ
في الربعِ الأخير من القرن السابع قبل الميلاد ، وكانت ممالكُهم تشغَلُ مساحات شاسعة
مِن وسطِ وجنوبِ بلاد ما بين النهرين ( العراق الحالي ) بالإضافة
الى جنوب غربي ايران وكافة سواحل الخليج وجُزُره ، وكانت جزيرة الدَيلمون
أكبر تلك الجُزُر وتُسمّى اليوم ( البحرين ) ، وجزيرة ( فيلكا ) التابعة لدولة الكويت حالياً ،
واسم هذه الجزيرة مُشتَقٌ من لفظة كلدانية ( بَلكا أو بَلكَوثا )
وتفسيرُها بالعربية ( المُنتصف ) وسُمِّيَت بهذا الاسم لموقِعِها الوسطي
بين البر والبحر الكلدانيين ، وكان يُطلَقُ على بلاد الكلدان في الزمن
السابق للقرن الحادي عشر قبل الميلاد ( بلاد البحر ) نَظراً لكثرة أهوارها وبُحَيراتِها ،
وجاء ذِكرُ هذه التسمية في حَوليات الملك الآشوري
( تُوكَلتي نينورتا الأول 1245 - 1208 ق . م ) وكذلك على عهدِ الملك
( تَكلَتبيلاصَّر الأول 1115 - 1076 ق . م ) ، بينما وردت تسميتُها في
حوليات الملك الآشوري ( آشورناصربال الثاني 882 - 860 ق . م )
( بلاد الكلدان ) و ( بحر الكلدان ) وهي تَرِدُ في الوثائق الآشورية لأول مرة ،
حيث يتحدَّث الملك شلمَنَصَّر الثالث أيضاً في حولياته عن شعبٍ اسمه الكلدان ،
وأشار أنه ساعدَ حلفاءَه البابليين بإرساله إليهم قواتٍ عسكرية لدعمهم ضِدَّ
تهديدات الكلدان والآراميين للدولة البابلية ، وأنه قد أغار على بلاد ( كلديا ) .
إن أهمَّ الممالك الكلدانية القوية التي قامت في جنوب ما بين النهرين في مطلع
القرن الحادي عشر قبل الميلاد كانت التالية:
1- مملكة بيث - ياقين : Beth -Yakin كانت عاصمتُها دور - ياقين : Dur - Yakin
( تَل اللحم حالياً / بين الناصرية والبصرة )وتشمُل رُقعتُها الحَوضَ الأسفلَ
مِن الفرات وشواطيءِ الخليج وجُزُره حتى الخليج العُماني ، أشهر ملوكِها كان الملك
( مردوخ بلادان 733 - 710 ق . م ) ، احتلَّ سنة 733 ق . م
مدينة بابل الواقعة تحت الهيمنة الآشورية ، ونودِيَ به ملكاً على الدولة البابلية ،
تَمَيَّزَ بالقوة والعزيمة فقام بتوحيد كافة الممالك والقبائل الكلدانية في مملكة مُتحدة واحدة ،
مؤكِّداً استقلالَ بابل السياسي وحَقَّها الشرعي في حُكم البلاد البابلية ،
ولكن الملك الآشوري ( سركَون الثاني 722 - 705 ) انتصر عليه عام721 ق . م
واستعاد بابل منه ، كانت مملكة بيث - ياقين أكبر وأقوى الممالك الكلدانية ،
ومِن بين أبنائها ظهر أغلبُ ملوك الكلدان في العهد البابلي الحديث
( عهد الامبراطورية الكلدانية 626 - 539 ق . م ) .
2 - مملكة بيث - دَكّوري : Beth- Dakkuri كان موقعُها في حَوض الفرات
الى الجنوب مِن مملكة بابل ، تمتدُّ مساحتُها مِن مدينة بورسيبا ( برس نمرود حالياً / جنوب الحلة )
من الشمال وحتى حدود مدينة اوروك ( الوركاء ) من الجنوب .
تَعَرَّضت لحَملةٍ عسكرية من قبل الملك الآشوري أسَرحَدون ،
تَمَّ فيها سَلبُها وأسرُ ملكِها شمش-ابني .
3 - مملكة كَمبولو : Gumbulo وعاصمتها ( دور- ابيهار Dur-Abihar
وبدورها كانت ضحية الحملة العسكرية الأسَرحدونية التي شَنَّها أسَرحدون عليها
وعلى مملكة بيث- دَكّوري .
4 - مملكة بيث - شيلاني : Beth-Shilani عاصمتُها ( سَر أنابا Sar-Anaba )
في سنة 732 ق . م قاد الملكُ الآشوري ( تَكلّتبيلاصَّر الثالث 745 - 727 ق . م )
حملةً عسكرية على عاصمتِها سَر أنابا ، قُتِلَ خلالها ملكُها وسُبيَ خمسةٌ وخمسون ألفاً
من أبنائها الكلدان ورُحلوا الى البلاد الآشورية .
5 - مملكة بيث - أموكاني : Beth-Amukani عاصمتُها ( شيبيا Shipia )
الواقعة في حَوض دجلة الأسفل ، كانت تحتضِنُ بالإضافة الى قبائل أموكاني قبائل الفوقودو
( بْقيذي ) كان الملك ( نابو موكِن زيري ) مؤسِّسُ سُلالة بابل العاشرة أحدَ أبنائها ،
تسنَّمَ عرش بابل عام 731 ق . م .
6 - مملكة بيث - شعالي : Beth-Shaali عاصمتُها ( دور- ايلاتا Dur-Elata )
وقد شملَتها حملة تَكلَتبيلاصَّر الثالث العسكرية التي قادها عام 732 ق . م ضِدَّها وضِدَّ مملكة بيث - شيلاني حيث أسِرَ من سُكّانِها خمسين ألفاً وأربعمِئَة فردٍ ورَحَّلهم الى المناطق الآشورية .
وقد أشارت المصادر التاريخية ومنها ( مجلة لغة العرب /
للأب أنستاس الكرملي / المُجلَّد الأول )
بأن الكلدان عموماً ، كانت ممالكُهم تَزهرُ بوضعٍ اقتصادي مُزدَهِر ، لا يعرف الفقرُ إليها سبيلاً ،
يجنون أرباحاً هائلة مِمّا تَدُرُّه عليهم أراضيهم الوافرةُ الخِصب بفضل المياه التي
يَرفُدُها النهران الخالدان دجلة والفُرات ، فكانت غِلالُ مزروعاتهم وأشجارهم غَزيرةً
ومناطقُ الكلأ واسعةً ، أتاحت لهم اقتناءَ أعدادٍ كبيرة جداً من قطعان الماشية
والأبقار والبِغال والحَمير والخيل ، ولم تَكُن تجارتُهم أقلَّ ازدهاراً مِن زراعتِهم ،
فكان أبناؤهم يركبون البحر بمهارةٍ لا يُجاريهم بها مُنافسٌ ، وتًشيرُ بعضُ
اللوحات الآثارية المُكتشفة الى تجارةٍ رائجة كانت تجري مع الأقطار
الشرقية بصورةٍ متواصلة ، تتبادلُ بها البضائعُ عن طريق مُقايضة مُنتجاتِها
الزراعية والحيوانية بالمعادن المتوفرة لدى تلك البلدان . لقد حافظت
هذه الممالكُ القبلية على استقلالها وديمومَتِها زَمناً قارب الخمسمائة عاماً .
>> منقول >>