يروي لنا القديس لوقا: في الحال بعد البشارة، أسرعت مريم لزيارة نسيبتها أليصابات. عرفت من الملاك أن أليصابات المنبوذة لأنها عاقر قد حملت في شيخوختها. لقد قال الملاك لمريم: "ليس بشيء مستحيل أمام الله" (لوقا 1 : 27)
بالطبع يمكننا أن ننجذب بالمنظر العجيب للقاء هاتين المرأتين: واحدة يسكن فيها ابن الله والأخرى حبلي بطريقة عجائبية. ولكنني أريد أن استرجع هذه الزيارة من الناحية العامة واليومية: القيام بزيارة، الانتقال للمساعدة والمساندة للتعزية والفرح.
زياراتنا
كل واحدة من زيارتنا ولقاءاتنا، يمكنها أن تكون وقت فريد عندما تكون مستلهمة من الثقة في الله، سكون النظرة، حركة أو كلمة ود يمكن أن تجلب لحظة فرح؛ اللحظة التي قد تؤثر على حياة بأكملها. أيضاً، وبدون أن نتوقع يعيد لنا الذين نزورهم السلام ويدخلوننا في سر "التسبحة".
يا لها من لحظة فريدة تذكرتها صديقة لنا، يوماً، في إحدى لقاءات "إيمان ونور". هذه الصديقة من روما وتدعى: مارى أنجيلا برتولى وقد طلبت مني أن أسرد هذه الذكرى لتكون بمثابة شهادة حياة لها وليست لي.
منذ مولدها
رافقت ماري أنجيلا زوجها وابنتها الصغيرة إلى لورد مع أنها لم تكن ترغب في هذه الزيارة. كل ما في الأمر إنها كانت تتبع ذويها. كان قلبها منغلقاً. منذ ولادة ابنتها – فرنسيسكا – والثورة لم تفرقها. حتى أمام المغارة، كانت صلاتها تشبه صلاة أيوب عندما انفجر في توجيه الاتهامات لله (أيوب 10 : 17). لقد قالت العذراء: "أنت لا تستطيعين أن تفهمي لأن هذا لم يحدث لك! ثم إنك بعيدة جداً، لا يمكنك مساعدتي". ولكنها بالرغم من ذلك نظرت لتمثال العذراء في المغارة وأضافت "ولكن إذا استطعت افعلي شيئاَ من أجلى". كان هذا قول أكثر من إيمان، لم يكن عندها أمل.
في نفس الوقت تقريباً، لمحها شخص هي وابنتها، فاقترب منها وأعطاها ورقة، أخذتها ووضعتها في جيبها... عند رجوعها للفندق تذكرت الموقف فأخذت الورقة وقرأتها: "إذا أردت، يا سيدتي، تعالى هذا المساء للقاء من أهل لأطفال معوقين في بيت الزوار"... إنها لا ترغب في الذهاب، ثم إنها ترهب هذا اللقاء لكن زوجها على العكس، يرجوها أن تفعل.
من أجل إرضائه، ذهبت لهذه "الزيارة" الجديدة وقلبها متجمد دائماً. ها هي الآن، منذ وصولها، مختلطة مع مجموعة من الأهل وأبنائهم، أغلبهم شديدي الإعاقة.
بداية الاجتماع
بدأ الأهل يعرضون صعوباتهم، كيف تساندوا وتعاونوا مع بعض. لقد تجرأ البعض أن يقول أن طفلهم عمق وجودهم وأعطاه معنى جديد. لقد أحبوه، أحبوه في فقره، أحبوه لكونه فريد. أحد الأمهات – وهي ماري فرنسواز هندريكس – أكدت إنه كان من المستحيل أن ينفتح قلبها للآخرين إن لم يكن لديها هذا الطفل: "الذي هو ليس مثل الآخرين". تكلمت أيضاً عن فرح خفي من خلال حزنها، فرح الحب... لقد استمعت مارى أنجيلا لكل ذلك. لكنها كانت تتخيل أنه من عالم أخر أو إن هناك سوء فهم كبير. إنها تستمع، نعم، ولكن دون أن تفهم شيئاً.
في النهاية، أنشد الجميع "نشيد مريم". ورغماً عنها أنشدت هي الأخرى. كان عليها أن تنطق : "القدير صنع بي عجائب". لفظتها بملل ثم، بدون أن تعرف كيف ولماذا، شعرت إن قلبها يرق. رتلت بوضوح أكثر مع الآخرين
فشتت المتكبرين في قلوبهم
حط الأقوياء عن العروش
ورفع المتواضعين
اشبع الجياع من الخيرات
والأغنياء صرفهم فارغين (لوقا 1 : 52)
رحمته إلى الأبد
في هذه المرة، لم تكن ترنم فقط، إنما تفهم. إنها تبكى. لم يحدث لها مثل ذلك منذ ولادة ابنتها. إنها تبكى لأنها استردت إيمانها. حقاً : "الله يرفع المتواضعين". لقد فهمت الآن :"إن رحمته تمتد من جيل إلى جيل". لقد قابلت هذه الرحمة وإلى الأبد. نظرت إلى ابنتها المجروحة، المعذبة. لقد تعرفت، فجأة فيها، على ما لم تفكر أبدا فيه: وجه يسوع. ابنتها، مارى، جاءت لها بسر الفداء. لقد أصبحت وجود لله، ينبوع حياة، وباب لدخول ملكوت الله، ملكوت الطوباويات.