باسم الآب والأبن والروح القدس الإلــــــه الواحـــــد آميــــــــن
سيرة حياة القدّيس المعظّم في القدّيسين يوسف النّجار ( حافظ السّر الإلهي )
أحبائي ... قصتنا اليوم هي سيرة عطرة لأب حنون وقديس عظيم بل هو المعظم وسط القديسين ،
هذا الرجل البارالذي قد إختاره المسيح يسوع حافظا وصائنا لسر التجسد الإلهي كما إختاره أيضا ليحافظ ويرعى
أمه القديسة العذراء والدة الإله مريم إبنة يواقيم ، هذا الرجل الذي يجب أن
نعظمه والذي يجب أن يلقى منا كل التكريم والتبجيل وقد ترتفع مرتبة هذا القديس العظيم تقريبا لمرتبة
العذراء مريم فهي التي حملت المسيح وكذلك القديس يوسف الذي كان أول من شاهد
وعاصر أحداث الميلاد كلها ، فلنستمع إلى تلك السيرة العطرة سويا ولنتعلم المزيد من تلك
السيرة الطاهرة ومن قديس طاهر ، فأسمعوا له : -
+ بداية حياته : -
يوسف هو ابن يعقوب ابن متان ابن اليعازر ، ويمتد سلسلة عائلته إلى داود النبي والملك ومنه
إلى يمتد إلى سبط يهوذا آبن يعقوب آبن آسحق آبن ابراهيم ، ولد القّديس يوسف بمدينة بيت
لحم بأورشليم وكان يعمل نجّاراً بسيطا فيقوم بعمله كمثل أيّ شخص عادي ولكنّـه كان بارّاً وعاش
حياته بتولاً لمدة أربعون عامـاً لم يكن متزوّجـاً في تلك الفترة ولكنّه تزوّج فيما بعد
( كما هو مكتوب في السّنكسار ) لمدة اثنين وخمسون عاما وتوفيت زوجته وصار أرملا تسعةعشرعاما
لتكن حياة هذا البار مائة واحدى عشرة عاما ، وفي أحد الأيام بينما هو جالس في مكان عمله سمع بفتاة فائقة
الجمال والروعة تعيش بهيكل الله وتخدمه بكلّ طهارة ووداعة وهم يقومون بجمع عصي جميع رجال
بني إسرائيل لينظروا من سيقوم برعايتها أوليتزوجها وأخذوا عصاته لعلّه قد يختاره الله فقام الكاهن
زكريّا بن براخيا بالصّلاة والتقدمات إلى الله وفيما هو يصلي سطع نورا بهي فوق تلك العصا
وليس هذا فقط بل أفرخت وأثمرت تلك العصا العجفاء اليابسة وما كانت تلك العصا سوى عصا
هذا الرجل البار القدّيس يوسف النّجار وحينها قام الكاهن زكريّا بإعلان أسم الشّخص صاحب العصا
وكانت مفاجأة لهذا الرجل الكبير في سنه وقابل زكريّا الكاهن وقال له :
آرحمني يا أبي الكاهن أّنّي رجل عجوز كيف أقوم أنا برعاية تلك الفتاة الصغيرة ؟
ماذا سيقول الناس عنّي وأنا في تلك الشيبة ولن يصدقوا أنها خطيبتي ) ، فقال له الكاهن زكريا يوسف :
لم يكن هذا الأمر بإرادتي وإنّما بإرادة الله الواحد فهل سأعصي إرادته ؟ وقريبا ستتم تلك الخطبة )
وبعد ذلك تمّت الخطوبة وآنتقلت القدّيسة مريم العذراء إلي بيت القّديس يوسف ولم يلمسها أبدا ولم
يخطر بباله ذلك لأنّه يعلم أنّها عذراء الهيكل ومن المؤكّـد أنّها تريد أنّ تكون بتول عفيفة ،
فكان يعاملها كأخت له وصارت تلك الفتاة الصّغيرة تخدمه كأب لها أوكأخ أكبر وكانت تقوم بكلّ
الأعمال المنزلية لتعاون هذا الشيخ الكبير كما أنّها كانت تساعده أيضا في عمله ،
وفي أحد الأيام وبعد بشارة رئيس الملائكة العظيم جبرائيل ( غبريال ) بدأت بوادر الحمل
عليها ولاحظ القديس يوسف ذلك وبدأ الناس يكثر حديثهم الباطل نحو عذراء الهيكل البتول
الطّاهرة والشّيخ العجوز يوسف النّجار ، وحينما عاد القديس يوسف من عمله إلى البيت جلس
في غرفته يفكر كثيرا وكثرت التساؤلات حول رأسه ، هل هذه تلك العذراء البتول التي أتى
بها من الهيكل المقدس ؟ ، أنه لم يعرفها ولم يلمسها قط فكيف حدث هذا الحمل ، وممن حملت إنْ لم
يكن لم يلمسها ؟ ، ودارت الأسئلة والشكوك في رأسه بينما العذراء مريم تصلّي باكية إلى الله بعدما
أدركت ما يدور في ذهنه من شكوك وأسئلة محيرة ، وفيما كان القديس يوسف يفكر في الأمر فتوصل
إلى حل قد يقلل من حجم تلك المشكلة فعزم أن يتركها سرّا ويرحل بعيدا لحين أنّ تتم
الولادة ( وهنا تظهر حكمة الثّديس يوسف فلو كان أحداً غيره لكان قام بتشيرها أمام سائر بني إسرائيل
ويقومون برجمها ) ، وبينما كان يفكر في هذا الأمر نام من كثرة التفكير فظهر له ملاك الربّ
( الله في صورة ملاك إن لم يحدد الكتاب المقدس اسم هذا الملاك ) قائلا له :
يا يوسف آبن داود لا تخف أنْ تاخذ مريم آمراتك لأنّ الذي حبل به فيها هو من الروح القدس * 21
فستلد آبنا وتدعو آسمه يسوع لانه يخلص شعبه من خطاياهم * 22 وهذا كله كان لكي يتم ما
قيل من الربّ بالنبي القائل * 23 هوذا العذراء تحبل وتلد آبنا ويدعون آسمه عمانوئيل الذي تفسيره الله معنا )
فآستيقظ القّديس يوسف من نومه وظلّ بجانب القديسة مريم إلى أنْ جاء
ميعاد الإكتتاب وسافر بها إلى بيت لحم بعد أن كانوا يسكنون بمدينة الناصرة ، وكان هذا في
أواخر الشهر التاسع من الحمل الذي بلا دنس وكان القّديس يوسف يبحث عن مكان لتضع مولودها وأخذ
يبحث عن فندق أومنزل لترتاح فيه العذراء من تعب الولادة لكنه لم يجد مكان دافئ وبينما
هو يبحث أرشده أحد أصحاب الفنادق إلى مزود أو حظيرة أبقار والمواشي حيث وجده دافئـاً ومناسبا
لكي تضع القّديسة مريم مولودها وحينها قام القّديس يوسف مسرعا لسالومى القابلة
لكي تقوم بتوليدها فذهبت مسرعة معه فوجدوا طفلا رائعا بل هو الأبرع جمالا من بني الشر !
طفلا يبدو عليه السلام والحب فلم تتأكد سالومى القابلة وحين جائت لتقوم بعملها أصابت يديها الشلل
وتوقفت يديها عن الحركة وصرخت أمام والدة الإله العذراء مريم تتوسل إليها وتطلب العفو منها وعدم
إيمانها فعفت عنها العذراء مريم وتحركت يديها بصورة طبيعية بعد أن شلت وبينما هم جالسون أتى بعض
الرعاة ليروا من يكون هذا الطفل العجيب الذين رأوا الملاك يبشرهم به وبعدها أتوا مجوسا من المشرق
والذين اوصاهم الملك هيرودس أنْ يرجعوا إليه حين يجدوا المولود المزعوم بحجة أنْ يذهب إليه هو
أيضا ويسجد له ولكن حين علموا بنواياه الشريرة وأنّه يريد أنْ يقتل الطّفل الصغير الذي لا ذنب له
فأشفقوا عليه وعادوا لبلادهم ولم يأتوا إليه ، فغضب هيرودس كثيرا وأمر جميع جنوده بتفتيش كل منزل
موجود بأورشليم كلها ويقتلون كـلّ طفل صغير بها .
+ الهروب إلى مصر: -
وفي تلك الأثناء كان القديس يوسف نائما ليلا فظهر له ملاك الرب قائلا له قم وخذ الصبي وأمه
وآذهب إلى أرض مصر لأنّ هيرودس الملك مزمع أن يقتل ا لصبي ) فقام القديس يوسف مسرعا
ولم يفكر في تعب ومشقة السفر الطويل وهل ستطول تلك الرحلة ولم يفكر في تلك الأشياء كلها بل
كان كل هدفه الحفاظ على الطفل الصير وأمه فأيقظ القّديسة مريم من النوم وأخبرها بالأمر فقامت مسرعة
وربطوا الأمتعة على ظهر الحمار الذي كان يستخدمه القديس يوسف في عمله وحملت الطفل وأسرعوا
خارجين في منتصف الليل بعيدا عن أورشليم ذاهبين إلى أرض مصر ولتلاحظ +
عزيزي القارئ عدم مجيئهم لمدينة الأسكندرية وهذا يرجع السبب إلى تمركز السلطة الرومانية
في الأسكندرية كما أنها البلد الأقرب لروما من ناحية الشمال ، وتحمل القديس يوسف مشاق
تلك الرحلة الطويلة ولكنه كان صبورا لا يعرف الكلل أو الملل ولا العناء المهم الآن هو الحفاظ على الطّفل
وأمه وآستمرت الرحلة الشاقة لمدة ثلاث سنوات وكانت السيدة العذراء تقوم بعمل معجزات كثيرة في مصر
وفي هذه الأثناء كانت أورشليم تبكي وتنوح من جراء تلك المذبحة الدامية التي قام بها جنود
الملك هيرودس ولمّا علم هيرودس أنه لا يزال موجودا وعلى قيد الحياة ولم ينقذ من تلك المذبحة سوى
ثلاثة أطفال أولهما لمسيح له المجد وهرب مع أسرته إلى مصر، الشهيد يوحنا المعمدان والذي إختطفه
الملاك من المذبح المقدس وقتل والده زكريا الكاهن لأنّه لم يريد أنْ يبوح بمكانه ، نثنائيل أو برثلماوس
الرّسول والذي قد خبأته أمّه تحت شجرة تين قوية حيث لا يظهر تحتها ) ،علم هيرودس أنّ الطفل يسوع
لا يزال موجودا وهو الآن بمصر فأرسل فرقة من الجنود للتفتيش والبحث عنه وحين حدث هذا كان
القديس يوسي شقيق يعقوب أبناء مريم ابنة خالة العذراء مريم فلم يتوان القّديس يوسي بأن يذهب إلى مصر،
ويسأل عنهم ليحذرهم كانوا في تلك الأثناء في منطقة جبل الطير بصعيد مصر فأسرع إلى هناك
وأخبرهم بأن يسرعوا في الهرب لأنّ جنود الملك هيرودس قادمون يبحثون عن الطّفل وحينما أعلمهم
يوسي بهذا مكث معهم قليلا ولكنّه تنيح بسلام بعد تحذيرهم فقام القديس يوسف بدفن القديس يوسي في
منطقة جبل الطير ، وآستمر هذا الحال ينتقلون من مكان إلى آخر إلى أنّ أصيب الملك هيرودس بمرض
الجذام ومات فظهر ملاك الربّ ليوسف النجار قائلا لهإ : إذهب الآن وآرجع إلى أورشليم لأنّ المزمع
أن يقتل الطفل قـد مات ) فقام القّديس يوسف بالعودة إلى أورشليم موطنه بعد أنْ باركت
تلك الأسرة أرض مصر كله .
+ النهاية : -
حينما كان السيد المسيح يكبر في القامة كان يساعد القّديس يوسف في أعمال النجارة ويقال
أنّه اول ما أنتجت يداه الطاهرة صليبا كبيرا وكان يجيد تلك الصناعة يوما بعد يوم إلى أنّ وصل إلى
سن السادسة عشر وكثرت أحمال القديس يوسف وأصبح كبيـراً في السن ولم يستطيع العمل وأصبحت
يديه مرتعشتان من كثرة التعب وكان السّيد المسيح يساعده يوما بعد يوم وكان هو الذي يقوم بكل تلك
الأعمال بينما كان القديس يوسف مريضا هزيلا طريح الفراش وبلغت سنين عمره مائة وأحدى عشرعاما
وكانت السيدة العذراء تقوم برعايته وتمريضه وتسهر على راحته ولمّا حضر الوقت الذي ينتقل فيه من
هذا العالم إلى عالم الأحياء حضر السيد المسيح نياحته ووضع يده علي عينيه وبسط يديه واسلم
الرّوح ، ودفن في قبر أبيه يعقوب وتنيح هذا القديس الطّـاهر بسلام ويقال أنّه قد تنيح في نفس
اليوم الذي قام فيه السيد المسيح بعمل أوّل معجزة له في أورشليم وهي معجزة تحويل
الماء إلى خمر في عرس قانا الجليل .
بركة صلوات وشفاعات هذا القديس البار حافظ السر الإلهي فلتكون معنا ولربنا كل المجد
والكرامة من الآن وإلى الأبد .
ولإلهنا كلّ المجد والكرامة من الآن وإلى الأبد . أمين .
المصدر / موقـع العـذراء مريـــــــم .