المسيح يحمل ألقاب اللّه :
1 – لقب يهوه ( أي الرب ) :
وهو اسم الجلالة عند اليهود ، وكانوا لا ينطقونه أبداً إجلالاً للّه ،
ولكنهم كانوا يقرأونه أدوناي بمعنى السيد .
وفي العصور المتأخرة ، حسب ما جاء في المشنا ، سُمح للكهنة أن ينطقوا هذا
الاسم في نهاية العبادة داخل الهيكل فقط ، عند إعطاء البركة للشعب . ولكن في كل المناسبات
الأخرى كانوا يستخدمون كلمة أدوناي . ويقول فيلو: هذه الحروف الأربعة يهوه لا يجب أن
تُقال أو تُسمع إلاّ من أشخاص تطهَّرت آذانهم وألسنتهم بالحكمة .
+ والاسم يهوه يعني الكائن ( خروج 3: 14 ) . وعندما يطلق المسيح الاسم على نفسه
فإنه يعلن أنه اللّه . وهذا ما نجده في القول : أنا هو .. وفي يوحنا 8: 24 يقول المسيح :
إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا أَنِّي أَنَا هُوَ تَمُوتُونَ فِي خَطَايَاكُمْ . وفي آية 28 يقول : إنْ رَفَعْتُمُ ابْنَ الْإِنْسَانِ
( على الصليب ) ، فَحِينَئِذٍ تَفْهَمُونَ أَنِّي أَنَا هُوَ وهو بهذا يستعمل لنفسه اسم الجلالة يهوه
الذي أعلن به اللّه نفسه لموسى : أَهْيَهِ الّذِي أَهْيَهْ أي أنا هو الذي أنا هو – هكَذَا تَقُولُ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ :
أَهْيَهْ أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ ( خروج 3: 14 ) .
+ وفي إنجيل متى 13: 14 ، 15 يقول المسيح عن نفسه إنه الرب الذي أعلن ذاته في العهد القديم
( إشعياء 6: 8 – 10 ) .
( قارن خروج 3: 14 مع يوحنا 4: 26 ، 6: 35 ، 8: 12 ، 10: 9 ، 11: 25 ) .
+ وفي يوحنا 12: 41 نقرأ عن المسيح أنه الشخص الذي رآه إشعياء ( 6: 1) .
كما يقول إشعياء عن سابق المسيح ( المعمدان ) إنه سيُعِدُّ طريق الرب ( إشعياء 40: 3 ) .
وقد قَبِلَ المسيح إعلان أهل السامرة عنه أنه المسيح مخلص العالم ( يوحنا 4: 42 ) ،
وهذا ما يقوله العهد القديم عن اللّه ( هوشع 13: 4 ) : أَنَا الرَّبُّ إِلَهُكَ وَإِلَهاً سُوَايَ لَسْتَ
تَعْرِفُ ، وَلَا مُخَلِّصَ غَيْرِي .
2 – لقب ابن اللّه :
يقول هيلارين فيلدر إن جستاف دالمان أعظم علماء اللغة الأرامية التي كان يتحدث بها يسوع ،
وجد نفسه مضطراً للاعتراف : إن يسوع لم يعلن نفسه أنه ابن اللّه بطريقة يُفهَم أنه يعني مجرد العلاقة
الدينية أو الأدبية ، وهي العلاقة التي يمكن بل ويجب أن تكون لآخرين أيضاً ..
ولكن يسوع أعلن بكل وضوح – بعيداً عن أيّ لَبْس – أنه ليس ابناً من
أبناء اللّه بل أنه هو الابن الوحيد .
+ صحيح أن البشر يُدعَون أبناء اللّه ( هوشع 1: 10 ) كما أن الملائكة يُدعَون كذلك
( أيوب 1: 6 ، 38: 7 ) . ولكن المسيح يستخدم هذا اللقب عن نفسه بمعنى مختلف ،
فهو الوحيد ، المولود من اللّه، المساوي للّه ، الأزلي كاللّه . وفي مساواته نفسه باللّه نجد
عقيدة الثالوث .
( يوحنا 10: 33 – 38 ، 3: 35 ، 5: 19 – 27 ، 6: 27 ، 14: 13 ، )
( مرقس 13: 32 ، متى 23: 9 ، 10 ) .
+ وقد مدح المسيح بطرس عندما أعلن أن المسيح هو ابن اللّه ( متى 16: 16 ، 17 ) .
ويخاطب المسيح الآب بقوله : أبي ويقول عنه للتلاميذ أبوكم لكنه لا يجمع أبداً نفسه مع
تلاميذه بالقول : أبونا السماوي . وحتى عندما يتكلم عن شيء مشترك سيفعله مع تلاميذه يقول :
حِينَمَا أَشْرَبُهُ مَعَكُمْ جَدِيداً فِي مَلَكُوتِ أَبِي ( متى 26: 29 ) . ويقول :
أُرْسِلُ إِلَيْكُمْ مَوْعِدَ أَبِي ( لوقا 24: 49 ) . تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي ( متى 25: 34 )
وهكذا يفرّق دائماً بين بنّوَته هو للآب وبنّوَة التلاميذ للآب .
+ وقد فهم سامعو المسيح أنه يقصد أنه هو اللّه . وقد خاطب المسيح الآب في
الأناجيل 104 مرة ، فهم التلاميذ والأعداء منها أن المسيح يعلن ألوهيته .
3 – لقب ابن الإنسان :
يستخدم المسيح هذا اللقب بثلاث طرق مختلفة :
( أ ) في خدمته الأرضية :
( متى 8: 20 ، 9: 6 ، 11: 19 ، 16: 13 )
( لوقا 19: 10 ، 22: 48 )
( ب ) في الإِنباء بآلامه :
( متى 12: 40 ، 17: 9 و 22 ، 20: 18 )
( ت ) في التعليم عن مجيئه ثانية :
( متى 13: 41 ، 24: 27 و 30 ، 25: 31 )
( لوقا 18: 8 ، 21: 36 )
+ ولم يستخدم هذا اللقب أحد غيره في العهد الجديد ، ولم يخاطبه به أحد إلاّ في مرة واحدة
كانوا يسألونه فيها عن كلام اقتبسوه عنه ( يوحنا 12: 34 ) وإلاّ في قول استفانوس
وقت استشهاده ( أعمال 7: 56 ) . وواضح أن هذا اللقب يعني أنه المسيا الآتي كما
فهم اليهود ذلك ( يوحنا 12: 34 ) .
+ وفي هذا اللقب يعلن يسوع أن فيه تتم نبوات العهد القديم عن المسيا ، كما جاء في نبوة
دانيال ( دنيال 7: 13 ، 14 ) ، وفي مرقس ( 14 : 61 – 64 ) يطبّق المسيح ما جاء
في دانيال ( 7: 13 ، 14 ) مع مزمور ( 110: 1 ) على نفسه كشيء سيحدث أمام أعينهم ،
فهو قد جمع في نفسه بين المسيّا وعبد الرب ( يهوه ) .
4 – لقب أبا الآب :
لقد أكد المسيح أن علاقته بالآب علاقة فريدة لم يستطع أحد أن يدَّعيها من قبل .
ويجيء الأسم من الكلمة الأرامية أبا التي آستخدمها المسيح في صلاته . ولم يحدث أن خاطب
أحد من اليهود اللّه بهذه الكلمة ، لأنها الكلمة التي تُستعمل في البيت من الأبن لأبيه ،
وقد خاطب اليهود اللّه كأب بكلمة أبينا وهي خطاب الآب طلباً لرحمته وغفرانه ،
وهو ما لم يخاطبه به المسيح أبداً ، فالمسيح يخاطبه بكلمة أبا التي تعبّر عن الحب
والقُرب الوثيق . ولهذا ميَّز بين علاقته هو بالآب وعلاقة سائر البشر بالآب .
ومع أن داود تحدث عن علاقة الرب بشعبه كعلاقة الآب بأبنائه
( مزمور 103: 13 )
إلاّ أنه لم يخاطب اللّه أبداً كأب . وعندما قال المسيح : إنّ اللّه أبوه قال اليهود عنه :
إنّــهُ يجدف . ( يوحنا 5: 18 ) لأنهم أدركوا أن المسيح يساوي نفسه باللّه .
المصـــدر / الكنيســـة المغربيّـــــة .