ونعني بها الحكايات الخيالية التي توجد عند الأمم في حالتها الأولى . ومادتها أشخاص وحوادث أو أعمال
فوق طاقة البشر ، وتدور فكرتها العامة حول مظاهر تاريخية او طبيعية ، فقد شغل الإنسان قديماً إلى
جانب الحيوان بمظاهر الطبيعة التي يواجهها صباح مساء ولم يستطع لها تفسيراً ، وأبي أن يتركها كذلك ،
فشغل بها نفسه ، وأخذ يتأمل ويتساءل عن الكون ونشأته ومصدره والشمس والقمر والنجوم وحركتها ،
ولماذا كانت هذه الشجرة خضراء ، وتلك ذات لون أشهب ، وهذا الطير أسود الذيل . وغيرها من الأمثلة
وأجاب عن كل ذلك متأثراً بإحساسه بالمساواة بينه وبين المخلوقات ، فهو يعتقد عندئذ أنّ لكل حيوان
روحاً كروحه ، وأن لكل شي شخصية كشخصيته وحاول التوصل إلي أسرار الطبيعة في ضوء معتقداته هذه ،
وأجاب عن تلك الاسئلة في قصص حمل اسم الأساطير ، وتدور حول الحيوان وترتفع به إلي مرتبة الألوهية
أحياناً . ويجب ألا ننسي أن الحيوان يتردد كثيراً في الكتب الدينية ، وارتبطت به كثير من المعجزات ,
فهناك بقرة موسى وناقة صالح ونملة سليمان وغيرها .
وتتشابه أساطير الأمم فيما بينها إلي حد كبير ، ويرد بعض الباحثين هذا التشابه إلي الصدفة البحتة
ويعلله آخرون على نحو علمي فيردون التشابه القائم بين أساطير الهنود والفرس واليونان والجرمان والروس
وشمال أروبا إلى وحدة أصلهم ، وأنهم ورثوها عن آبائهم الأولين حيث كانوا يعيشون معاً في مرتفعات آسيا الوسطي وهاجرت معهم أينما حلوا وهو تحليل يضعفه أننا نجد هذه الأساطير عند شعوب أخرى غير آرية ،
كالصينين وهنود أمريكا ، والذي أراه أنّ الأساطير مهما يقال فيها فهي لون من ألوان الإبداع الإنساني
وتشابه المناخ والظروف المحيطة بالإنسان تؤدي إلى نوع من التقارب في الإبداع وبخاصة في طفولة
الإنسانية قبل أنْ تطغى عليها المؤثرات الخاصة من البيئة والحضارة والثقافة وعوامل الزمن فتباعد بين
أفرادها ، وتميز بينهم في الفهم والإحساس وردود الفعل .
المصدر / جسـد الثّقافـــة aljsad . net