خادم المسيح مشرف (ة)
الجنس : عدد المساهمات : 24257 التقييم : 4957 تاريخ التسجيل : 11/08/2012 البلد التي انتمي اليها : العراق
| موضوع: † ما هـو موقف الدين المسيحي من الرّـا والرّشــــوة ؟ † الإثنين يونيو 30, 2014 10:50 am | |
| ما هو موقف الدين المسيحي من الرّبا والرّشوة ؟ لكلّ ســـــؤال جـــــواب .. - للإجابة على هذا السؤال يستحسن أولاً أن نعرف ماذا يُقصد بكلمة ربا ، ثم نلقي الضوء على ما يقوله الكتاب المقدس عن هذا الموضوع . فالربا بحسب تعريف قاموس اللغة هو الفائدة أو الربح الذي يتناوله المرابي من مَدنيه " . وبكلمات أوضح هو الفائدة المرتفعة جداً التي يدفعها المدين للدائن عن المال المقترض . أما بخصوص موقف الدين المسيحي من الربا ، فهو ولا شك مستمد من الكتاب المقدس ومن القوانين التي وضعتها الكنيسة على مر العصور، والمستوحاة من الكتاب المقدس أيضاً . فموضوع الربا موضوع شائك كثرت فيه الآراء والاجتهادات . ولكن بالرجوع إلى العهد القديم من الكتاب المقدس ، نلاحظ أنه يحرّم الربا . وسنورد الآيات الواردة بهذا الصدد . إلا أنه تجدر الإشارة بأن الشريعة الموسوية الواردة في كتاب التوراة ، كانت تنهي الناس في العهد القديم عن أخذ الربا من إخوتهم وتسمح بأخذه من الغرباء. وقد ورد في سفر التثنية ما يلي : " لا تقرض أخاك بربا ، ربا فضة ، أو ربا طعام ، أو ربا شيء ما مما يقرض بربا . للأجنبي تقرض بربا ولكن لأخيك لا تقرض بربا ، لكي يباركك الرب إلهك " ( تثنية 23: 19-20 ) . وبعد ذلك كان بعض الصيارفة والمرابين يقترضون الأموال بربا زهيد ويقرضونها بربا فاحش ، فيربحون الفرق ، لذلك ندد الكتاب المقدس بالربا وحرّمه . فيقول سفر المزامير، أي كتاب الزبور: " السالك بالكمال ، والعالم بالحق والمتكلم بالصدق في قلبه .. فضته لا يعطيها بالربا ولا يأخذ الرشوة على البري " ( مزمور 15: 2 و5 ) . وورد في سفر حزقيال النبي ما يلي : " الإنسان الذي كان باراً وفعل حقاً وعدلاً .. لم يعطي بالربا ولم يأخذ مرابحة ، وكف عن الجور وأجرى العدل .. حياة يحيا يقول السيد الرب " ( حزقيال 18: 5 و8 و 9 ) . كما أن نحميا النبي وبّخ الناس في العهد القديم للتغاضي عن وصايا الله ومن ضمنها والوصايا الخاصة بالربا ( نحميا 5: 1-13 ) . إن الدين المسيحي ينهي عن الربا ، لا سيما وأن الإيمان المسيحي مستمد من الكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد . وتشير بعض المراجع التاريخية إلى أن الكنيسة المسيحية كانت وما زالت تحرّم الربا في نطاق أخذ الفائدة من الفقراء عند إقراضهم لسد احتياجاتهم . وقد حث السيد المسيح الناس دائماً على محبة بعضهم بعضاً ومساعدة بعضهم بعضاً . ومن جملة حثّه للناس على العطاء " من سألك فأعطه ومن أراد أن يقترض منك فلا ترده " ( متى 5: 2 ) . وطبعاً المقصود هنا الإقراض لسد الحاجة بدون فائدة ، ومن هنا نلاحظ أن الدين المسيحي ينهي عن الربا في نطاق العوز والفقر والاقتراض لسد الحاجة . وأعتقد أن معظم الديانات تنهي ذلك أيضاً، ولكن النظرة بالنسبة للربا قد تختلف في القرن العشرين عما كانت عليه في العصور القديمة . لقد كان الربا محرّماً في العصور القديمة عندما كان طلاب القروض عادة هم الفقراء والمحتاجين ، والدائنون من الأغنياء والموسرين ، وكان الباعث على الاستدانة هو سد الحاجة وتفريج ضيق المحتاج بإعطائه مالاً عن طريق القرض الخالي من الفائدة بقصد مساعدته . أما اليوم فقد تغيّرت الأحوال ولم يبقَ عامة طلاب القروض من المحتاجين الذين يستدينون من الأغنياء لسد احتياجاتهم . إذ انعكس الوضع وأصبح الأغنياء ومؤسسو الشركات والبنوك وكبار التجار وشركات التأمين وحتى الدول الكبيرة والصغيرة تتعامل بالقروض مع الفوائد ، وذلك سعياً وراء الإنتاج وتنمية الثروة . وقد وُضعت بهذا الصدد أنظمة وقوانين مختلفة للتعامل بالمال وإقراضه ، ولاستيفاء فوائد معينة على القروض وأصبح معظم الناس يتعاملون مع البنوك ويودعون نقودهم في المصارف لقاء فوائد معينة . ولا نعتقد أن هذا النوع من الربا أو الفائدة محرّم في الدين المسيحي أو حتى في الأديان . ولا بد من الإشارة إلى أن هناك آراء مختلفة لمجتهدين كثيرين حول هذا الموضوع . وللإيجاز نكرر بأن التعامل بالفائدة أو الفائدة الفاحشة بين الاخوة والأصدقاء الذين يضطرون إلى الاقتراض من بعضهم البعض لسد العوز، هو أمر غير مرغوب فيه ، وهذا ما تحرّمه الأديان بحسب الاعتقاد السائد ، إذ يجب أن يتعامل الناس مع بعضهم البعض بحسب مبدأ المحبة ومساعدة المحتاج ، وهذا ما يعلمنا إياه السيد المسيح . موقف الدين المسيحي من الرشوة : الرشوة بحسب قاموس اللغة العربية : ما يُعطى لإبطال الحق وإحقاق الباطل " . وتعريف آخر يقول : الرشوة هي العمل الذي يعطي أو يؤخذ فيه نقود " . وبحسب تعريف قاموس الكتاب المقدس هي : إعطاء شخص أو الأخذ من شخص نقوداً أو أشياء أو عمله في أمر لا علاقة بنا وفيه مصلحة لنا ( 1صموئيل 8: 3 وأمثال 17: 23 ) . والكتاب المقدس يحرّم الرشوة تحريماً قاطعاً ، ويحثّ الناس أن يتعاملوا على أساس المحبة والصدق والإخلاص والأمانة وإحقاق الحق والابتعاد عن الباطل . والتعامل بالرشوة أمر محرّم في شريعة العهد القديم في الكتاب المقدس ، أي في فترة ما قبل المسيح . فقد ورد في سفر الخروج ما يلي : " لا تحرّف حق فقيرك في دعواه . ابتعد عن كلام الكذب ولا تقتل البريء والبار ، لأني لا أبرر المذنب . ولا تأخذ رشوة ، لأن الرشوة تعمي المبصرين وتعوج كلام الأبرار " ( خروج 23: 6-8 ) . وفي سفر التثنية ورد عن الرشوة ما يلي : " لا تحرف القضاء ، ولا تنظر إلى الوجوه ، ولا تأخذ رشوة ، لأن الرشوة تعمي أعين الحكماء وتعوج كلام الصديقين " ( تثنية 16: 19 ) . ويقول سفر المزامير ما يلي : " السالك بالكمال والعالم بالحق .. فضّته لا يعطيها بالربا ولا يأخذ الرشوة على البريء " (مزمور 15: 2 و5 ) . وورد في سفر إشعياء ما لي : " ويل للقائلين للشر خيراً وللخير شراً ، الجاعلين الظلام نوراً والنور ظلاماً .. الذين يبررون الشرير من أجل الرشوة ، وأما حق الصديقين فينزعونه منهم " ( إشعياء 5: 20 و23 ) . والجدير بالذكر أن الكتاب المقدس مليء بكلام الله ضد الرشوة ، وقد ورد هذا التحريم على لسان معظم الأنبياء ، ومنهم إشعياء ، حزقيال ، ميخا ، أيوب ، صموئيل وأسفار الخروج والتثنية والأمثال وغيرها . ولم تكن الرشوة تُدفع قديماً لمجرد المواربة في الأحكام ، بل كانت تُدفع أيضاً لأذية الآخرين وقتل الغرباء الأبرياء ، وتعريج القضاء ، لذلك حذر الله من ذلك بقوله : " ملعون من يأخذ رشوة لكي يقتل نفس دم بريء " ( تثنية 27: 25 ) . وقد حذّر الله القضاة والولاة والحكام وذوي الجاه والسلطان من أخذ الرشوة وحثّهم على اتباع الفضيلة والاستقامة وإحقاق الحق ( ميخا 3: 11 و7: 3 ) . الخلاصة : ذُكر سابقاً أن موقف الدين المسيحي مستمد من أحكام الكتاب المقدس . وقد لاحظنا بوضوح أن الكتاب المقدس يحرّم الرشوة بكافة أشكالها . وأن السيد المسيح في العهد الجديد كان يذكر الناس بأحكام الله الواردة في كتابه المقدس ومن ضمنها موضوع الرشوة . كما أنه كان دائماً يحث الناس على المحبة والإخاء والاستقامة . الصدق في المعاملة ، والعدل في الأحكام ، والأمانة في الكيل والميزان ، والرحمة بالبائسين ، وإعطاء كل ذي حق حقه ، والسير حسب وصايا الله في كل مناحي الحياة . المصــــــدر / مُنتـــــدى المعرفـــــة . | |
|