سؤال:*** التجديف على الروح القدس ***
*** التجديف على الروح القدس ***
تزعجنى جدا الاية التى تقول " كل خطية وتجديف يغفر للناس .
واما التجديف على الروح القدس فلن يغفر للناس " مت 12 : 31 ...
واحيانا اظن اننى وقعت فى خطية التجديف هذه فأقع فى اليأس ...
ارجو ان تشرح لى مامعنى التجديف على الروح القدس
وكيف انه لا مغفرة لها فى هذا الدهر ولا فى الدهر الاتى
وعدم المغفرة هذا , كيف يتفق مع رحمة الله ومع وعوده الكثيرة
والاجابة طبعا لقداسة البابا شنودة الثالث اطال الله حياته لنا ...
مخاوفك هذه هى محاربة من الشيطان ليوقعك فى اليأس .. فأطمئن ..
اما معنى التجديف على الروح , والخطية التى بلا مغفرة , فسأشرحه لك بمعونة الرب ...
ليس التجديف على الروح القدس هو عدم الايمان بالروح القدس ولاهوته وعمله ... وليس هو ان تشتم الروح القدس ...
فالملحدون اذا امنوا , يغفر الله لهم عدم ايمانهم القديم وسخريتهم بالله وروحه القدوس ...
كذلك كل الذين تبعوا مقدونيوس فى هرطقته وانكاره لاهوت الروح القدس , لما تابوا قبلتهم الكنيسة واعطتهم الحل والمغفرة ...
اذن ما هو التجديف على الروح القدس وكيف لا يغفر
التجديف على الروح القدس
هو الرفض الكامل الدائم لكل عمل للروح القدس فى القلب , رفض يستمر مدى الحياة ...
وطبعا نتيجة لهذا الرفض , لا يتوب الانسان , فلا يغفر الله له ...
ان الله من حنانه سقبل كل توبة ويغفر .. وهو الذى قال " من يقبل الى , لا اخرجه خارجا - يو 6 : 37 , وصدق القديسون فى قولهم :
لا توجد خطية بلا مغفرة , الا التى بلا توبة ...
فأذا مات الانسان فى خطاياه , بلا توبة , حينئذ يهلك , حسب قول الرب " ان لم تتوبوا , فجميعكم كذلك تهلكون " لو 13 : 5 ...
اذن عدم التوبة حتى الموت , هى الخطية الوحيدة التى بلا مغفرة .. فأن كان الامر هكذا , يواجهنا هذا السؤال :
ماعلاقة عدم التوبة بالتجديف على الروح القدس
علاقته واضحة .. وهى ان الانسان لا يتوب , الا بعمل الروح فيه .. فالروح القدس هو الذى يبكت الانسان على الخطية - يو 16 : 8 .. وهو الذى يقوده فى الحياة الروحية ويشجعه عليها .. وهو القوة التى تساعد على كل عمل صالح ...
ولا يستطيع احد ان يعمل عملا روحيا , بدون شركة الروح القدس ...
فأن رفض شركة الروح القدس " 2 كو 13 : 14 " , لا يمكن ان يعمل خيرا على الاطلاق . لان كل اعمال البر , وضعها الرسول تحت عنوان " ثمر الروح " " غل 5 : 22 " ...
والذى بلا ثمر على الاطلاق , يقطع ويلقى فى النار كما قال الكتاب " مت 3 : 10 " , " يو 15 : 4 , 6 " ...
الذى يرفض الروح اذن : لا يتوب , ولا يأتى بثمر روحى ...
فأن كان رفضه للروح , رفضا كاملا مدى الحياة , فمعنى ذلك انه سيقضى حياته كلها بلا توبة , وبلا اعمال بر , وبلا ثمر الروح ...
وطبيعى انه سيهلك ..
وهذه الحالة هى التجديف على الروح القدس ...
انها ليست ان الانسان يحزن الروح " اف 4 : 30 " , ولا ان يطفئ الروح " اتس 5 : 19 " , ولا ان يقاوم الروح " أع 7 : 51 " , انما هى رفض كامل دائم للروح , فلا يتوب , ولا يكون له ثمر فى حياة البر ...
وهنا يواجهنا سؤال يقوله البعض , ويحتاج الى اجابة :
ماذا ان رفض الانسان كل عمل للروح , ثم عاد وقبله وتاب
نقول ان توبته وقبوله للروح , ولو فى اخر العمر , يدلان على ان روح الله مازال يعمل فيه , ويقتاده للتوبة ...
اذن لم يكن رفضه للروح رفضا كاملا دائما مدى الحياة ...
فحالة كهذه ليست هى تجديفا على الروح القدس , حسب التعريف الذى ذكرناه ...
ان الوقوع فى خطية لا تغفر , عبارة عن حرب من حروب الشيطان ...
لكى يوقع الانسان فى اليأس , ويهلكه باليأس . ولكى يوقعه فى الكأبة التى لا تساعده على اى عمل روحى ...
اما صاحب السؤال فأقول له :
مجرد سؤالك يدل على اهتمامك بمصيرك الابدى . وهذا من عمل الروح فيك ...
اذن ليست هذه حال التجديف على الروح ...
بقى ان نجيب على الجزء الاخير من السؤال :
هل تتفق عدم المغفرة , مع مراحم الله
اقول ان الله مستعد دائما ان يغفر , ولا يوجد شئ يمنع مغفرته مطلقا ... ولكن المهم ان يتوب الانسان ليستحق المغفرة ...
فأن رفض الانسان التوبة ,
يظل الرب ينتظر توبته ولو فى اخر لحظات الحياة , كما حدث مع اللص اليمين ...
فأن رفض الانسان ان يتوب مدى الحياة , ورفض كل عمل للروح فيه الى ساعة موته ,
يكون هو السبب فى هلاك نفسه ,
وليس الله الرحوم هو السبب ..
تبارك اسمه ...
مكتوب من كتاب ...
سنوات مع اسئلة الناس
اسئلة لاهوتية وعقائدية "
قداسة البابا شنودة الثالث