اللاجئون المسيحيون العراقيون في لبنان ، ظروف حياة قاسية وعمل بلا حماية قانونية !
الثلاثاء 16 ـ 02 ـ 2016
أكثر من ثمانية أشهر ، و ( م ح ، 34 عاما ) ، بكالوريوس علوم حاسبات ،
يبحث عن عمل لإعالة أسرته المكونة من زوجته وثلاثة اطفال ، في ظروف حياة
صعبة هنا في لبنان ، تحاصره المصاريف التي بدأت تستنزف مدخراته ،
فيما معاملات لجوئه الى بلاد الاغتراب أخذت تسير ببطء شديد ، ما يضيف الى همومه
هما آخر ، قصة قصيرة يرويها معظم اللاجئين من أبناء شعبنا .
في تقريرنا نفتح ملف عمل أبناء شعبنا اللاجئين ، لنسلط الضوء على مجموعة منْ المشاكل
والعقبات التي يعانون منها وهم يحاولون توفير الحد الأدنى من مدخول شهري ، بعمل يليق
بما يحمله الكثير منهم من شاهدات جامعية وخبرات عملية ، في ظل ظروف عمل أقل
ما يقال عنها أنها قاسية وبلا أيّ حماية أو غطاء قانوني لا بل عملهم بحد ذاته يعتبر
مخالفة للأنظمة والقوانين اللبنانية .
م ح قال لموقع عنكاوا كوم : إنّ " عملية البحث
عن عمل استغرقت مني ثمانية أشهر،
لكي أجد عملا ملائما في شركة للحاسبات الالكترونية " ، مبينا أنه " رغم ضعف
المرتب الشهري والذي لا يتجاوز الـ 400 دولار امريكي ، الا أنه يغطي جزءا من المصاريف " .
م ح أشار الى أنّ " ساعات العمل تقارب الثمان ساعات مع يومين عطلة ، وهو جيد مقارنة
بباقي الاعمال ، فيما العمل يتطلب الجلوس على جهاز الكمپيوتر لكل الوقت بلا أيّ راحة " ،
وشكى قائلا : أنّ " المرتب هو قليل جدا مقارنة بالجهد المبذول " .
أما عن تعامل رب العمل مع العاملين ، الذين اغلبهم من العراقيين فأوضح :
أنّ " التعامل الى حد ما جيد ، رغم أنّ هناك تأخير مستمر في تسليم الرواتب ،
فيما العمل اليومي يزداد بشكل منتظم ما لا يتوازى لا مع الراتب ولا مع ساعات العمل " .
أما مختارة سدة البوشرية السيدة ليلى لطي ، والمطلعة عن كثب على أوضاع أبناء شعبنا
حيث تتمركز الغالبية العظمة منهم في تلك المنطقة ، فقد حدثتنا قائله :
إنّ " اغلب أبناء شعبنا لا يعملون باختصاصاتهم او شهاداتهم بل بخبراتهم ،
وفي الكثير من الحالات نجد أنّ محامين او مدرسين او مهندسين يعملون
في مصانع ومعامل أو نواطير للبنايات " ، مشيره إلى أنها
" بالمجمل أعمال دون المستوى وإذا صنفت فهي أعمال فئة ثالثة " .
أما عن ساعات العمل وطبيعته والأجور المدفوعة ، تعتبر لطي أنّ " ساعات العمل طويلة
ومتعبة جدا وخارج قانون العمل اللبناني والذي يحدد بـ 8 ساعات بينما أبناء شعبنا
يعملون 10 او 12 ساعات ، وبأجور اقل من الحد الادنى لا تتعدى نصف ما يدفع للبنانيين ،
رغم أنّ هذا متفاوت أيضا ، فهناك العديد من أرباب العمل ملتزمين مع أبناء شعبنا
بالقوانين اللبنانية ، وتتراوح أجورهم الشهرية بين 500$ الى 800$ وهي تعتمد
على الكثير من المعطيات منها العمر، والشهادة العلمية ، وساعات العمل وطبيعته ،
من جانبنا نحاول أنْ نساعد من خلال مكتب المختارة الكائن وسط البوشرية
في إيجاد فرص عمل ، حيث نستقبل الراغبين ونقيد اسمائهم وهواتفهم ونتصل فيهم
عند وجود عمل ما " ، فيما نوهت لطي إلى حالة سيئة تفرضها الظروف القاسية
ألا وهي عمل القاصرين ، فتقول : " لتوفير مستلزمات الحياة البسيطة نرى
أنّ كل افراد العائلة يعملون ، وما فاجأني وآلمني أنّ هناك
بعض العوائل تضطر لتشغيل أبنائها القاصرين ، وهذه نقطة خطيرة جدا يجب التوقف
عندها ، فصعوبة الحياة ومستلزماتها من إيجارات مرتفعة جدا وخدمات أساسية أيضا
هي الاخرى مرتفعة تجبر العديد من العوائل على تشغيل جميع أفراد الاسرة في بعض الاحيان " ،
أما بما يخص الاشكالات التي تحدث بين أرباب العمل ومستخدميهم ،
وهل يعمل مكتب المختارة على حلها أوضحت لطي " نحن بما نعتبره كمسؤولين
في الدولة اللبنانية قربين من الشارع ، فعند حصول أيّ أشكال خاص بالعمل
وتعاطي الطرفين رب العمل والمستخدم ، فيلجئ الكثير من أبناء شعبنا الينا ،
وعندما نجد نحن أنّ المستخدم لم يتجاوز القانون وتم آستلاب حقوقه ،
سنقف معه ونحاول أنْ نأخذ له حقه ، بالتأكيد قانونيا لا حيلة لنا ،
ولكن نحاول أنْ نحلها بالتراضي ووديا ، كما في بعض الاحيان والتي تكون
مستعصية نستعمل علاقاتنا السياسية على حد ما نمتلك من تلك العلاقات ،
وجميع المشاكل التي وردت لمكتبنا تم حلها وديا ، والتي لم نستطع حلها
بكل تلك الوسائل السابقة نطلب من الموظف ترك العمل ونحاول إيجاد عمل آخر له " ،
أما الشاب رافل تيسير 25 سنة دبلوم معهد إدارة / قسم أنظمة حاسبات ،
فيشرح لعنكاوا كوم رحلته الطويلة مع العمل بالقول : إنّ " مشكلة العمل هي طبيعة ظروفه الصعبة ،
وفي اغلب الاحيان نستغل نحن كعراقيين من قبل أرباب العمل ، واوجه الاستغلال
هي ساعات العمل الطويلة ، طبيعة العمل الصعبة في أغلب الأحيان ،
وآنخفاض الأجور مقارنة باللبنانيين " ، وآعتبر تيسير أنّ " العمل مهم جدا لنا
ليس فقط لتوفير دخل ثابت للشاب أو لأسرته ، ولكن السبب الاكثر أهمية هو قتل
ساعات طويلة من الفراغ " ، منوها أنّ " العمل يجعلك تشعر بأنك منتج ضمن محيطك
مهما كان ذلك العمل بسيطا " ، وآستطرد تيسير أنه " ليس بالصعوبة العثور على عمل ،
لا بل قد تجد عدة فرص في وقت واحد ولكن لكل فرصة مشاكلها ، ولنْ نجد فرص ذهبية
الا ما ندر، والذهبية هي التي تتوفر فيها مقومات العمل المقبولة ، لقد عملت بأكثر من خمس
الى ست أعمال وأمكنة مختلفة وفي كل مرة أترك العمل لسبب خارج عن إرادتي ،
وفي أغلب الأحيان يكون إستحالة التعايش مع ظروف العمل هو السبب الرئيسي ،
على سبيل المثال في أحد الاعمال لم تكن هنا عطلة نهاية الاسبوع ،
وكان ساعات العمل تقترب من 10 ساعات ، وبأجور ليست بالمغرية " ،
ونوّه تيسير في حديثة الى أنه " في كل مرة يترك العمل فيها يتم إنهاء
جميع الالتزامات المالية بين الطرفين ولم يحدث أنْ تنكر رب العمل عن تسديد ما بذمته " ،
من جهة اخرى يجد ، الشاب بسمل بهاء 22 عام ، طالب هندسة أنّ
" منْ الممكن أنْ تحصل على عمل جيد وضمن الحدود المعقولة ،
رغم الاجور قد لا تكون كبيرة ، ولكن ساعات العمل وظروفه قد تكون بأفضل ما يكون " ،
مبينا أنه عمل في " مكتبه ضمن إحدى الجامعات اللبنانية ، وكان العمل
الى حد كبير جيد رغم أنّ الاجور كانت لا تتعدى 400 دولار، الا أنه مقارنة بغيره
من الاعمال كان ممتاز " ، وأضاف بهاء أنّ " رب العمل كان لطيفا ، وكان عادلا الى حد كبير،
كما أننا كنا نتمتع بعطلة يومين نهاية الاسبوع ، رغم أنّ العطلة الدراسية لشهرين
لم تكن مدفوعة الثمن الا أنه كان جيدا " ، وعن سبب تركه العمل أجاب بهاء قال :
" لم أترك العمل ولكن خلاف وقع بين ادارة الجامعة والمكتبة
كونها داخل الحرم الجامعي أنهى العمل بشكل كامل " ، فيما لا يزال بهاء يبحث
عن عمل آخر حملنا مجموعة أسئلتنا لنطرحها الى المحامية مرأى فرحات
والمتخصصة في شؤون شعبنا حيث تعالج الكثير من مشاكلهم وقضاياهم ،
كونها تعمل في مكتب مختارة سدة البوشرية ، التي قالت لموقع عنكاوا كوم :
إنه " من الناحية القانونية ، لا يسمح قانون العمل اللبناني عمل أيّ أجنبي غير لبناني
إلا بموجب اقامة عمل ، والحصول على إقامة عمل لأي عراقي مستحيل ، لأنه قدم
الى لبنان كلاجئ ومن الصعوبة أنْ يعمل ويستمر بوضعه كلاجئ " ، مبينة في الوقت ذاته
أنّ " واقع الحال يخبرنا إنّ الغالبية العظمى من أبناء شعبنا اللاجئين يعملون " ،
وأشارات فرحات الى أنه " ليس من مسؤولية الدولة اللبنانية أنْ توفر لهم اقامات عمل ،
وهم دخلوا البلد كلاجئين هاربين منْ إضطهاد ديني وسياسي وطائفي ،
كما أنّ الدولة ليس لها القدرة على آستيعابهم جميعا " ، مستدركة :
" ولكن الأجهزة الامنية في اغلب الاحيان تغض النظر عنهم ولا تلاحقهم
بتهمة العمل خارج القانون ، الا في حالات وجود شكوى يقدمها رب العمل كالسرقة
أو اثارة مشاكل داخل العمل ، عندها تتدخل هذه الاجهزة " ، وزادت فرحات أنّ
" أصحاب العمل والشركات والمعامل ، هم أيضا يغضّون النظر عن كون هذا العامل
لا يحمل أيّ اقامة عمل ، ولكن هذا يجعل موقف العامل أو الموظف ضعيف جدا ،
حيث لا يخضع لقانون العمل اللبناني الذي ينظم العلاقة بين رب العمل والمستخدمين ،
من حيث الاجور وساعات العمل والضمان الاجتماعي والصحي وطبيعة العمل " ،
وأضافت فرحات : إنه " في كثير من الاحيان نجد أنّ ارباب العمل يستغلون أبناء شعبنا
من خلال كونهم خارج غطاء قانون العمل ، وبالتالي يصبح مجرد إيجاد فرصة
عمل هو منة او تفضل من قبل أرباب الأعمال ، وبالتالي فلا حماية لهم اذ تجاوز رب العمل
على حقوقهم ، لأنّ عملهم بحد ذاته مخالفة قانونية ، وللأسف هناك بعض أرباب العمل
يستغلوا أبناء شعبنا من خلال هذه النقطة " .