كتاب لاهوت المسيح - للپاپا المتنيّح شنودة الثالث :
السيد المسيح هو الأول والآخر !
1 أنظر إلى نبوءة سفر الرؤيا : " هوذا يأتي مع السحاب ، وستنظره كل عين
والذين طعنوه وتنوح عليه جميع قبائل الأرض ، نعم آمين .
أنا هو الألف والياء ، البداية والنهاية ، يقول الرب الكائن والذي كان ،
والذي يأتي القادر على كل شيء "
( رؤ1: 7، 8 ) .
أريت هذه الآية لأحد شهود يهوه في سنة 1953 . فارتبك أولًا ، ثم قال :
" كلا إنّ الآية الأولى هي فقط عن المسيح ، أما الثانية فعن الله الآب " .
قال هذا على الرغم من وضوح الآية ، وعلى الرغم من كلمة يأتي هو المسيح .
فأشفقت عليه في ارتباكه ، وقلت له : أنا متنازل إلى حين عن هذه الآية ،
فالعقيدة لا تتوقف على آية واحدة . ولنأت إلى آية غيرها وهي أكثر وضوحًا .
قال الرائي :
2 أنا يوحنا أخوكم وشريككم في ملكوت يسوع المسيح وصبره .
كنت في الجزيرة التي تدعي بطمس .
وسمعت ورائي صوتًا عظيمًا كصوت بوق قائلًا
" أنا هو الألف والياء . الأول والآخر . فالتفت لأنظر الصوت الذي تكلم معي .
ولما التفت رأيت سبع مناير من ذهب .
وفي وسط السبع المناير شبه ابن إنسان متسربلًا بثوب إلى الرجلين . "
( رؤ1: 9 13 ) .
من هو هذا ، شبه ابن الإنسان ، إلا السيد المسيح الذي قال :
أنا الألف والياء ، الأول والآخر . هذا القديس يوحنا الرائي يؤكدًا فيقول :
3 " فلما رأيته سقطت عند رجليه كميت ، فوضع يده اليمنى على قائلًا :
لا تخف أنا هو الأول والآخر والحي وكنت ميتًا . وها أنا حي إلى أبد الآبدين آمين ."
( رؤ1: 17 ) .
فمن هو هذا الحي وكان ميتًا إلا ربنا يسوع المسيح القائم من الأموات .
4 ويتكرر هذا المعنى مرة أخرى في الإصحاح الأخير من سفر الرؤيا حيث يقول الرب :
" هاأنا آتى سريعًا وأجرتي معي ، لأجازى كل واحد كما يكون عمله .
أنا الألف والياء ، البداية والآخر . أنا يسوع . "
( رؤ22: 12 16 ) .
ماذا نستنتج ؟
أ ـ يقول الله في سفر إشعياء " أنا هو . أنا الأول والأخر " ويكرر هذه العبارة مرات .
ويسوع المسيح يقول في سفر الرؤيا
" أنا هو الألف والياء ، الأول والآخر ، البداية والنهاية " ويكرر هذا العبارة مرات .
فكيف يمكن التوفيق بين القولين إلا أنهما لكائن واحد هو الله ، وليكن الله صادقًا .
ب ـ قال السيد المسيح إنه هو الأول ، هو الألف ، أي لا يوجد أحد قبله .
وهذه العبارة لا يمكن تفسيرها إلا على أنه الله ، وإلا يكون الله موجودًا على الإطلاق ،
إذ لا يوجد من هو قبل الأول ، ولا قبل الألف .
كيف توفق إذن بين الأول ، قول الله " أنا هو قبلي لم يصور إله ، وبعدى لا يكون " .
التوفيق الوحيد هو أن قائل العبارتين واحد .
ج ـ إذا كان المسيح هو الأول ، إذن فهو ليس مخلوقًا ، لأنه لا يوجد قبله من يخلقه .
ومادام غير مخلوق إذن فهو أزلي ، وإذن هو الله محاولتان للرد :
بعد أنْ نشرنا الإثبات السابق في مجلة مدارس الأحد ( يوليو 1953 ) قام شهود يهوه
بمحاولتين للرد على مجلتهم برج المراقبة ( نوفمب / تشرين الثاني 1953)
من ص 174 وذلك بادعاءين هما :
أ ـ الادعاء بأن الذي يأتي هو الآب ! وذلك ردًا على (رؤ1:
.
ب ـ الإدعاء بأن ما ورد عن المسيح من حيث هو الأول والآخر،
إنما قيل فقط من جهة أمور محدودة ، تختص بموت المسيح وقيامته !
وقد كتبنا ردًا مطولًا على هذين النقطتين ، نشر في مجلة
مدارس الأحد في يناير 1954 ، نلخصه في الآتي :
1 لاشك أن الآتي هو السيد المسيح ، يأتي للدينونة ، ليجازى كل واحد بحسب عمله .
[ أنظر ( مت25: 31 46 ) ، ( مت16: 27 ) ] .
ولعل آخر آية في سفر الرؤيا تقول " أمين تعال أيها الرب يسوع "
( رؤ22: 20 ) .
والسيد المسيح نفسه قال لرؤساء الكهنة " من الآن تبصرون ابن الإنسان جالسًا
عن يمين القوة وآتيًا على سحاب السماء "
( متى26: 64 ) .
وقال في علامات الأزمنة " وحينئذ تنوح جميع قبائل الأرض .
ويبصرون ابن الإنسان آتيًا على السحاب بقوة ومجد كثير . فيرسل ملائكته . "
( متى24: 29 31 ) .
فإنْ كان شهود يهوه يقولون أنّ الآتي هو يهوه ، وثابت من الآيات أنّ الآتي
هو المسيح ، فإنهم يقدمون لنا بذلك إثباتًا جديدًا على أنّ المسيح هو الله .
ولكي يهرب شهود يهوه من هذا المأزق ، قالوا في ص 184 منْ نفس عدد برج المراقبة "
لأنّ يهوه يأتي ممثلًا بالمسيح يسوع " فهل معنى هذا عودتهم
إلى الاعتراف أنه الله ظهر في الجسد .
( تى3: 16 ) .
2 أما قولهم عن أنّ عبارة الأول والآخر قيلت عن المسيح فيما يخص موته وقيامته
فإننا نرد عليهم بالآتي :
أ ـ من جهة الموت ، لم يكن المسيح أول من مات ، ولا آخر من مات .
فقد مات الملايين قبله ، وملايين بعده .
ب ـ من جهة القيامة ، فهو وإنْ كان حقًا باكورة الراقدين ، أي أول القائمين
بجسد ممجد ، إلا أنه ليس آخر القائمين من الأموات ، لأنّ كل الناس سيقومون
في يوم القيامة ، الأبرار منهم والأشرار .
( يو5: 28،29 ) .