س : هل جسد السيد المسيح مخلوق ؟
ج : أرجوك يا صديقي أن لا تتسرع في الإجابة ،
تريث قليلًا حتى ترى وتسمع رأي الكنيسة والآباء والعقل ،
ولنتساءل معًا : ما معنى المخلوق ؟
ـ معنى المخلوق أن له بداءة ونشأة ، أي إن الشيء المخلوق وُجِد في زمن معين ،
وقبل أن يوجد لم يكن له أي وجود ، وكل شيء في الكون كله ينطبق عليه هذا الوصف ،
ولذلك فالكون كله وكل ما فيه هو مخلوق ، حتى الملائكة الأطهار هم مخلوقين ،
ولنعقِب السؤال السابق بسؤال آخر:
من هو غير المخلوق ؟
غير المخلوق واحد فقط هو الله الأزلي الكائن قبل الدهور والمقصود هنا اللاهوت
فقط لا غير، ونأتي للسؤال الثالث :
هل جسد المسيح أزلي مثله مثل اللاهوت ؟
كلاَّ ، جسد المسيح ليس أزليًا لكنه وجد في لحظة معينة من الزمن ،
وهي لحظة بشارة رئيس الملائكة الجليل جبرائيل للسيدة العذراء ،
وقبول العذراء البشارة وحلول الروح القدس عليها ،
فمن هذه اللحظة بدأ يتكون جسد المسيح وقبل هذه اللحظة لم يكن هناك أي
وجود لهذا الجسد المقدس ، فهو لم يكن في السماء وعبر في أحشاء البتول
كما قال بعض الهراطقة ، ولا قبل لحظة التكوين بشهور
ولا بأسابيع ولا بأيام ولا بدقائق ولا بثوان كان لهذا الجسد المقدس وجود .
ومادام هذا الجسد قد وجد في لحظة معينة فهو ينطبق عليه وصف مخلوق .
وأيضًا نقول أن هذا الجسد مأخوذ من السيدة العذراء ، والعذراء مريم مخلوقة ،
فما أُخذ منها أعني الجسد فهو مخلوق ، وما لم يؤخذ منها
أعني اللاهوت هو الخالق الأزلي غير المخلوق .
وقد يطرأ على الذهن تساءل خاطئ وهو :
هل هذا الجسد المخلوق عندما اتحد بالخالق الأزلي تحوَّل عن طبيعته وأصبح أزليًا ؟
معنى الأزلي انه ليس له بداية ، وقد اتفقنا أن جسد المسيح له بداية ،
فكيف أصبح بعد الإتحاد ليس له بداية ؟ !! ، هذا ضد العقل والمنطق والتفكير السليم ،
وأيضًا نقول أن الإتحاد لم يلغِ صفات أحدى الطبيعتين كما سنرى فيما بعد ،
ويقول الپاپا أثناسيوس الرسولي :
" أنتم تقولون بأن الناسوت صار غير مخلوق بسبب إتحاده بالواحد غير المخلوق ،
ولكن خطأكم هذا سوف يظهر إنه متناقض مع نفسه ، لقد تم إتحاد الناسوت بلاهوت الله الكلمة
في أحشاء القديسة مريم ، عندما نزل الكلمة من السماء ، أي إن الناسوت لم يكن له وجود
قبل نزول الكلمة وتجسده ، فإذا قيل أن الناسوت " غير مخلوق " بسب إتحاده بالكلمة
غير المخلوق ، فكيف نمت القامة، ولماذا لم نره إنسانًا كاملًا وتامًا منذ الإتحاد ؟ فالذي ينمو
ليس إلاَّ مخلوقًا ، والإدعاء بأن الذي ينمو في القامة ( الناسوت ) غير مخلوق كفر وتجديف .
كيف أمكنكم أن تتصوَّروا أن الجسد غير مخلوق ؟ وإذا تغيرت طبيعة مخلوقة وصارت
غير مخلوقة ، ألا يعني هذا أنه يجب أن تصبح غير منظورة ،
بل تصبح أيضًا عديمة الموت ، ليس فقط بعد القيامة ،
بل تصبح غير قابلة للموت بالمرة ؟ فإن صح تصوُّركم فكيف يمكن
أن نقول أن الرب مات مادام قد تغيَّر ناسوته وصار
غير مخلوق عندما ظهر على الأرض ؟ .
بل كيف أمكن لمسه . ؟ "
إن السبب في رفض البعض للقول بأن جسد المسيح مخلوق هو الحساسية المفرطة
ضد البدعة الأريوسية ، ولكن يا أحبائي من ناحية أخرى
لو قلنا أن جسد المسيح غير مخلوق فمعنى هذا
انه لم يشابهنا في كل شئ ، لأن جسده لم يتخذه من نفس عجينة البشرية .
المصدر / St - Takla. org