سيرة الشهيد أبانوب النهيسي *
كلمة " أبانوب " مشتقة من " بي نوب " التي تعني " الذهب " .
ولد بقرية نهيسة ( مركز طلخا ) في القرن الرابع ، من أبوين تقيين محبين لله ، هما مقارة
ومريم ، فقدهما وهو في الثانية عشرة من عمره ، فصار حزينًا لأيام كثيرة .
دخل الصبي الكنيسة في أحد الأعياد ليجد الكاهن يحث الشعب على احتمال الضيق والاضطهاد
بفرح ، إذ كان دقلديانوس قد أثار الاضطهاد على المسيحيين ، بعد التناول عاد الصبي
الصغير إلى بيته وكلمات الأب الكاهن تدوي في أذنيه .
عندئذ ركع الصبي أمام الله يطلب عونه ، ثم قام ليسير إلى سمنود وهو متهلل بالروح
ينتظر الإكليل السماوي .
في سمنود :
أخذ الصبي الصغير يطوف المدينة التي وجد فيها الكنائس مهدمة والناس يشتمون
في المسيحية .. فكان يطلب من الله مساندته له ، عندئذ أرسل له رئيس الملائكة ميخائيل
الذي عزاه وأرشده أن ينطلق في الصباح إلى الوالي ليشهد لمسيحه ، مؤكدًا له أنه سيقويه
ويشفيه وسط العذابات التي يحتملها .
أمام الوالي :
بكَّر جدًا أبانوب الصبي، وانطلق إلى الوالي وصار يكلمه بجرأة وشجاعة ، الذي دهش
لتصرفات هذا الصبي الصغير، فصار يلاطفه بوعود كثيرة ، أما الصبي فكان يشهد للإيمان الحق .
أغتاظ الوالي وأمر بضربه على بطنه حتى ظهرت أحشاؤه .. وجاء رئيس الملائكة يشفيه .
أُلقى الصبي في السجن ففرح به المسيحيون المسجونون ، وتعرفوا عليه ، وتعزوا بسببه .
في اليوم التالي قتل الوالي من المسجونين حوالي ألفًا ، ونالوا إكليل الشهادة
في التاسع من برمهات .. استدعى الوالي الصبي أبانوب وأمر بربطه
من قدميه على صاري المراكب التي
أستقلها الوالي متجها إلى أتريب ، وفي تهكم قال : " لينظر هل يأتي يسوع ليخلصه ؟ ! " .
أقلعوا بالمركب مبحرين حتى المساء ، ثم أرخوا القلع ليجلس الوالي ويأكل ويشرب ،
وإذ بالكأس تتحجر في يده ويصاب الوالي بنوع من الفالج ، وأصبح الجند أشبه بعميان ؟ ،
فنظر الوالي إلى الطفل المعلق ليجد رئيس الملائكة يقترب منه ليمسح الدم النازل
من أنفه وفمه ، ثم ينزله ويتركه في مقدمة المركب ويختفي .
طلب الوالي من الصبي أن يصلي لإلهه ليشفيه فيؤمن هو وجنده .
لكن أبانوب أجابه أن الله سيشفيه في أتريب .. وبالفعل صلى عنه وشفاه
باسم الرب أمام والي أتريب ، وقد آمن عدد كبير من الوثنيين بأتريب واستشهد بعضهم .
في أتريب ( بنها ) :
قام والي أتريب بتعذيب الصبي بالجلد وبإلقائه في زيت مغلي وحرقه بنار وكبريت .
فظهر له السيد المسيح ومعه رئيسا الملائكة ميخائيل وجبرائيل .. وشفُى. عاد فوضع
سيخين محميين بالنار في عينيه والرب شفاه .. فأمر ببتر يديه ورجليه ، لكن الرب لم يتركه .
كان أبانوب في كل عذاباته سّر بركة لنفوس كثيرة قبلت الإيمان بالسيد المسيح ،
وتقدم كثيرون للاستشهاد بفرح .. وكان الرب يرسل ملائكته لتعزية الصبي !
إلى الإسكندرية :
إذ رأى الوالي الجموع التي تقبل الإيمان بسبب الصبي ، أوفده إلى الإسكندرية
مقيدًا بالسلاسل . التقى بامرأة بها روح نجس أخرجه منها وهو مقيد اليدين ،
فآمنت بالسيد المسيح ، فاغتاظ أحد الجنود وقتلها .
أمام أرمانيوس والي الإسكندرية إعترف الصبي بالسيد المسيح محتملًا عذابات أخرى ،
منها إلقاؤه في جب به ثعابين وحيّات جائعة ، والرب حفظه بملاكه ميخائيل .
خرج الصبي من الجب وقد تبعته بعض الثعابين .. فالتف أحدهما حول
رقبة أرمانيوس والصبي أنقذه ، الأمر الذي أدهش الكثيرين فقبلوا الإيمان وآستشهدوا .
تعرض لعذابات أخرى ، وأخيرًا قُطعت رأسه خارج المدينة على صخرة عالية بعد أن وقف
بفرح يصلي طالبًا أن يغفر الله له خطاياه ، ويتقبل روحه .. تقدم القديس يوليوس الأقفهصي
وحملَ جسده وكفنه وأرسله إلى نهيسة موطن ميلاده حيث دفن هناك .. وقد كتب سيرته .
نقل جسده :
نقل جسده من نهيسة إلى سمنود .. ويحتفل بعيد استشهاده في 24 من شهر أبيب .
* المرجع / Reference ( الذي استخدمه كتاب " قاموس آباء الكنيسة وقديسيها
مع بعض شخصيات كنسية " للقمص تادرس يعقوب ملطي ) .
المصدر / St . Takla . org