هل هناك من يميت؟
الشعب يقول معزيا اهل الميت: "هيك إرادة الله" هذا ناتج من اعتقاد الأقدمين ان الله سبب مباشر للأفعال البشرية او انه هو يأمر بها. ومن هنا قول العهد القديم ان "الله يميت ويحيي". حتى اكتشف حزقيال النبي ان الفرد مسؤول عن اعماله.
طبعا الموت لا نقرره نحن. في العهد الجديد لا يقول الرب انه يقرره. يلاحظ الإنجيل فقط ان لعازر مات او مات ابن الأرملة. ولا يقول مرة ان هذا الانسان مات بمشيئة الله. فاذا قلنا ذاك فكأننا نقول ان الله دبر لإنسان معين حادثة سيارة او هو أرسل اليه نوعا من السرطان وقرر ان يفتك به السرطان في تاريخ معين. هذه اشياء في غاية السخف. اجل الله يعنى بكل واحد منا ويتلقى كلا منا عند موته ولكن ليس يمسك سجلا يكتب فيه مسبقا مدة العيش لفلان او فلان ويركب الأسباب كأنها آلة تنقض على الانسان لتضع حدا لحياته.
لقد وضع الله من بعد سقوط الإنسان قوانين للطبيعة يحكم هذه الطبيعة بموجبها. والإنسان الفرد جزء من آلة الطبيعة فهي التي تسحقه في حركتها او لا تسحقه كما تسحق الحيوان او الزهرة. الله يستعيد الإنسان اليه من موت نتج عن جسد الإنسان الذي هو مجرد مختبر كيميائي او نتج عن الحركات الطبيعية مثل حريق او زلزال. ليس عند الله قصد في إحداث حرائق او زلازل. الله بوضعه قوانين الطبيعة لا يأتي باستثناء ليعزل انسانا ما عن مسيرة الطبيعة. قد يحدث هذا ونسميه اعجوبة او معجزة ولكن هذا لا يحدث لمجرد ان احدا من الناس يريد ذلك. الأعجوبة بيد الله وهو يعرف صالحنا وما يبنينا روحيا. لا يمنعك الله من طلب الأعجوبة ولكنه لا يقيد نفسه بكل طلب منك. هو يقدر ما ينفع خلائقه روحيا. المهم عنده ان تأتي الى الخلاص اي الى خلاص نفسك من الخطيئة.
ما يريده الله هو ما عبر عنه في إنجيل يوحنا: "قد أتيت لتكون لهم حياة" (10: 10). ولما تكلم بعد هذا بقليل عن خرافه قال: "انا اعطيها حياة ابدية". ليس من كلام هنا عن حياة في الجسد. من يسوع نستمد حياة لا تفنى بنعمته أعشناها هنا ام عشناها فوق. وهو القائل: "انا القيامة والحياة" (يوحنا 11: 25). هو لا يبدي اي اهتمام بأن تطول حياة امرئ وليس ما يدل اذا طالت انها افضل له. فاذا عمّر طويلا قد تكثر خطاياه. ليس من مقياس يدلنا على ان الحياة الطويلة افضل في العمق لنا ولأنسبائنا.
نحن نتعامل مع الموجود اي مع الحياة او الموت. واذا مات عزيز نرتب حياتنا على ان هذا العزيز صار خارج سمعنا وبصرنا ومعشرنا. هذا صعب وموجع لأننا كنا نستطيب هذا الصديق. والرب لم يطلب الا نتوجع ولكنا نحمل القريب الينا في الصلاة لنصبر على الألم.
في الواقع يخف الألم في اليوم الثالث ويخف في الأربعين واذا لم يكن الميت غاليا جدا يقول العلماء ان الحزن الشديد يزول بعد سنة. وليس مفيدا ابدا ان نستبقيه عاطفيا فينا اذا اخذ هو يغيب. العلاقة يجب ان تتحول الى علاقة صلاة اي الى بقاء في جسد المسيح.
عندما يقول السيد لا يسقط عصفور على الأرض الا بإذن ابيكم او لا يسقط شعرة الا بإذن ابيكم هذا يشير الى العناية الإلهية ولا يعني ان الله يأمر بإسقاط عصفور او إسقاط شعرة. نحن نموت بأذنه ولا نموت بقراره الا اذا اعتبرنا انه وضع قراره ضمن آلة الكون. هذا الكون يميت والله يعطينا الحياة الأبدية ويردنا اليه بحبه