إيران تُضاعفُ إنفاقها العسكري ؛ هل قررت تسريع إنتاج سلاح نووي بالفعل ؟ .
الخميس 2020/12/03 | 09:50 |
إيران زادت من تخصيب اليورانيوم بعد تقليص التزاماتها بالاتفاق النووي - رويترز رَفَعَت إيران مخصصات مؤسسة الأبحاث والإبداع ، التي كان يرأسها محسن فخري زادة ، 5 أضعاف ، في مشروع موازنة 2021 ، فهل قررت طهران تسريع عملية إنتاج سلاح نووي كخيار استراتيجي ؟ هل إيران
قريبة بالفعل من إنتاج قنبلة نووية ؟ .
كانت إيران قد وصلت إلى نسبة نقاء 20 % لليورانيوم المخصب قبل التوقيع على الاتفاق النووي
عام 2015 ، والذي نص على ألا تتجاوز نسبة نقاء تخصيب اليورانيوم 3.67 %
وأن تخضع جميع المنشآت والأنشطة النووية لرقابة صارمة من جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية
الاتفاق أيضاً حدد كمية اليورانيوم المخصب التي يمكن لطهران أنْ تحتفظ بها بـ 202.8 كغم فقط ، والتزمت إيران ببنود الاتفاق الذي وقّعت عليه الولايات المتحدة الأمريكية برئاسة باراك أوباما وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وروسيا والصين ، حتى انسحاب واشنطن تحت إدارة دونالد ترامب بشكل أحادي
من الاتفاق في 2018 ، وبدأت إيران في التخلي عن التزاماتها ببنود الاتفاق النووي بداية من
مايو / أيار 2019 ، وأظهر آخر تقرير لمفتشي وكالة الطاقة الذرية أنّ مخزون إيران من اليورانيوم المخصب وصل إلى ما يزيد عن 2443 كغم ، وهو أعلى بأكثر من 12 مرة من المتفق عليه
في الاتفاق النووي ، كما أن نسبة نقاء اليورانيوم المخصب تتخطى 3.67 % دون أن يحدد التقرير
بدقة نسبة نقاء اليورانيوم لأسباب تتعلق بعدم تعاون إيران الكامل مع مفتشي الوكالة ، لكن العودة
لتقارير الوكالة الذرية تكشف أنه في يوليو/ تموز 2019 كانت إيران قد تخطت بالفعل نسبة نقاء التخصيب المتفق عليها ووصلت إلى أكثر من 4.5 % ، وفي الأيام القليلة الماضية في أعقاب
اغتيال العالم محسن فخري زادة – الملقب بأبوالقنبلة النووية الإيرانية – اتخذ البرلمان الإيراني
قراراً برفع نسبة نقاء تخصيب اليورانيوم إلى 20 % .
ماذا يعني هذا ؟ بحسب خبراء في جمعية الحد من الأسلحة النووية ومقرها الولايات المتحدة ، تحتاج
إيران إلى ما يقارب 1050 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب بنسبة تركيز 3.67% حتى تنتج يورانيوم كافياً يمكن استخدامه في قنبلة واحدة ، وهذا يعني أنّ طهران تمتلك بالفعل يورانيوم مخصباً
بنسبة تركيز أعلى من النسبة المذكورة ، وكان الخبراء يحذرون ، في أعقاب انسحاب ترامب من الاتفاق النووي ، من أنّ إستئناف طهران التخصيب بنسبة تركيز عالية يقربها بسرعة من الوصول لإنتاج
سلاح نووي ، وحددوا لذلك فترة زمنية في غضون عامين على الأكثر، فبحسب الخبراء ، زيادة نسبة تركيز اليورانيوم - 235 من 0.7% إلى 20% يستغرق نحو 90% من الجهود المطلوبة
لإنتاج يورانيوم يمكن إستخدامه في الأسلحة ، كانت إيران تمتلك ، قبل بدء تنفيذ الاتفاق النووي
في 2016 ، كمية كافية من اليورانيوم المخصب بنسبة تركيز 20 % ، وعدداً من أجهزة الطرد المركزي ، يمكّنها إن أرادت من إنتاج قنبلة واحدة خلال شهرين أو ثلاثة أشهر .
موازنة إيران للعام المقبل :
أمس الأربعاء 2 ديسمبر/ كانون الأول ، أحالت الحكومة الإيرانية مشروع موازنة العام القادم
( يبدأ 21 مارس / آذار 2021 ) ، إلى البرلمان لمناقشته تمهيداً لإقراره ، وبحسب مشروع الموازنة الجديدة، الذي اطلعت عليه الأناضول ، فإنّ الحكومة رفعت مخصصات مؤسسة الأبحاث والإبداع
بوزارة الدفاع الإيرانية للعام المقبل ، إلى نحو 10 ملايين دولار ، بعد أنْ كانت حوالي مليوني دولار
في 2020 .
انتقام إيران لاغتيال عالمها النووي :
العالم النووي الإيراني الذي تم اغتياله محسن فخري زاده .
ومؤسسة الأبحاث والإبداع هي التي كان يرأسها محسن فخري زادة الذي تعرض للاغتيال في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020 ، إثر إستهداف سيارة كانت تقله قرب طهران ، وكان رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو قد حدد فخري زادة بالاسم عام 2018 معتبراً إياه العقل وراء سعي إيران
لإنتاج قنبلة نووية ، لكن زادة لم يكنْ العالم النووي الأول الذي يتعرض للاغتيال دون أن يؤدي ذلك
لوقف أو إنهاء المشروع النووي الإيراني .
موازنة العام المقبل أظهرت أيضاً رفع مخصصات " الحرس الثوري " إلى 1.5 مليار دولار
بعد أن كانت ملياراً واحداً في 2020 ، كما ارتفعت حصة الجيش الإيراني في مشروع الموازنة إلى 700 مليون دولار ، بعد أنْ كانت 500 مليون في 2020 .
بايدن يحذر من سباق تسلح نووي في المنطقة ، وفي هذا السياق من المهم أيضاً رصد موقف الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن من الملف النووي الإيراني في أعقاب التطورات التي أعقبت إغتيال فخري زادة ، ففي حوار له مع صحيفة نيويورك تايمز أعاد بايدن التأكيد على أن السبيل الأفضل لتحقيق الاستقرار في المنطقة هو التعامل مع الاتفاق النووي الموقع بين إيران والقوى الكبرى ، محمد بن سلمان قال أنّ بلاده ستشتري سلاحا نوويا إذا ما أنتجت طهران قنبلة نووية " هناك الكثير من الحديث عن صواريخ دقيقة وأشياء أخرى تزعزع الاستقرار بالمنطقة ، لكن أفضل سبيل لتحقيق الاستقرار
في المنطقة هو التعامل مع الاتفاق النووي " ، مضيفاً :
" إذا حصلت إيران على قنبلة نووية ، فإنّ هذا يضع ضغطاً هائلاً على السعودية وتركيا ومصر
ودول أخرى للحصول على أسلحة نووية لأنفسها " ، ما يقصده بايدن هو أنه في حالة حصول طهران
على سلاح نووي ، فإنّ ذلك على الأرجح سيؤدي إلى انطلاق سباق تسلح نووي ، وهذا ما كان
ولي عهد السعودية وحاكمها الفعلي الأميرمحمد بن سلمان قد عبر عنه بالفعل سابقاً ، بالقول إنه في حالة تطوير إيران سلاحاً نووياً فإنّ المملكة سوف تشتري أسلحة نووية هي الأخرى ، وهذه بالطبع نتيجة منطقية في ظل الصراع الإقليمي بين طهران والرياض ، وهو ما يبرر إعلان بايدن نيته العودة مرة أخرى للاتفاق النووي مع إيران بعد تنصيبه رسمياً في يناير/ كانون الثاني المقبل ، لكن التطورات الأخيرة ربما تكون قد أضافت مزيداً من التعقيد على هذا المسار ، فقرار البرلمان الإيراني حدد فبراير/ شباط المقبل موعداً لرفع العقوبات الأمريكية التي فرضها ترامب على طهران كشرط لعودة الجمهورية الإيرانية للالتزام ببنود الاتفاق النووي ، وهو ما سيكون شبه مستحيل أنْ يتمكن بايدن من القيام به حتى لو كانت تلك رغبته بسبب العراقيل السياسية والقانونية في واشنطن من ناحية ، إضافة إلى عامل الوقت الذي تحتاجه طهران لإنتاج سلاح نووي بالفعل ، مما يعني أنّ الأشهر أو ربما الأسابيع القليلة المقبلة ستكون حاسمة لتحديد مسار الأحداث إما دبلوماسياً وإما نووياً .
المصدر / موقع عرب بوست .