الجامعة الجزائرية لخلق الثروة !
2022/10/02
كتب عبدالحكيد عثماني :
الجامعة الجزائرية لخلق الثروة :
ما صرّح به مؤخرا وزيرُ التعليم العالي والبحث العلمي، كمال بداري، بخصوص تحميل الجامعة الجزائرية مَهمَّة جديدة، زيادة على التعليم والبحث، وهي عبء خلق الثروة، من خلال التكوين على المقاولة واستحداث المؤسسات الاقتصادية، يشكّل رؤية صائبة تحتاج إلى الدعم السياسي والمجتمعي المطلق، لأنها ستمكّن من تصحيح أوضاع ظلت مختلّة لسنوات بسبب النقائص التي رافقت تطبيق النظام التعليمي الأنجلوساكسوني “ل. م. دي”.
من الواضح أنَّ الوصاية قد جعلت من ملف إقحام الجامعة في عمق محيطها الاقتصادي أولوية قصوى ضمن أهدافها الوزاريّة، ولذلك جاءت الخطوات والقرارات سريعة وفعَّالة في هذا الاتجاه، لوضع المشروع الذي خططت له منذ أشهر حيز التنفيذ العملي.
ويجدر بنا التذكير بالإجراءات الرئيسة التي باشرتها بهذا الصدد، منها التوقيع على اتفاقيتين مع وزارة اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشئة والمصغَّرة، بهدف تعزيز التعاون في ميدان الابتكار والمقاولاتية وتطوير البحث التكنولوجي.
كما أمضت مؤخرا على قرار يقضي بتحديد كيفيات إعداد مشروع مذكرة تخرُّج للحصول على شهادة جامعية- مؤسسة ناشئة، موازاة مع إنشاء “لجنة وطنية تنسيقية لمتابعة الابتكار وحاضنات الأعمال الجامعية”، تعمل تحت الوصاية المباشرة للوزير.
وأمرت الوزارة كذلك مديري مؤسسات التعليم العالي بتمكين الطلبة الحاصلين على معدَّل ممتاز من ترخيص لإنشاء مؤسسة ناشئة أو شهادة براءة اختراع، بل يجري التفكير في تغيير النصوص التنظيمية حتى يكون للأستاذ أيضا حقٌّ في خلق الثروة والمؤسسات الاقتصادية، بالتوازي مع الإعداد لمشروع قانون حول الابتكار، من أجل تذليل الصعوبات التي طالما واجهت المبتكرين في الجزائر.
وإذا كانت تلك الخطوات تندرج ضمن مقاربة رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، التي جعلت من المؤسسات الناشئة قاطرة للنموذج الاقتصادي الجديد المبني على المعرفة والابتكار، فإنها تستدرك عمليّا التأخر الحاصل في مجال اندماج الجامعة ضمن محيطها الخارجي.
لقد ضيَّعت الجامعةُ الجزائرية الكثير من الوقت في تبنّي شعارات الاستجابة لحاجيات التنمية الوطنية، لكن النتائج ظلت دومًا بعيدة تماما عن المطلوب لأسباب ذاتية وموضوعية متشابكة ليس هنا مجال التفصيل فيها.
وبالانتقال إلى نظام “ل. م. دي” قبل 18 عامًا، كان المرجوّ تكريس البُعد المهني في التكوين الجامعي، لكن الذي حصل هو إغراق المسار الأكاديمي بفتح طور الماستر للجميع دون أهليةٍ علميّة، فضيّعنا الاثنيْن معًا بالتفريط في الأول وتمييع الثاني، مع أنّ الأصل كان التوجيه إلى مسارات مهنيّة بينما يبقى الترشيحُ لمسار البحث مشروطا بتوفر مقوِّماته.
يبدو اليوم أن هناك إرادةً للتصويب وسدّ الفجوات التي أفرزتها التجربة، ليس فقط من خلال التدابير الأخيرة المرتبطة بتشجيع روح المقاولاتية الحرّة، بل سبقها التوجُّهُ نحو تدشين أقطاب جامعية وتخصصات تعليمية جهوية وفق المقوِّمات التنموية المناطقية، وخيرُ دليل على ذلك فتحُ مدرستين وطنيتين للرياضيات والذكاء الاصطناعي، ومدرستين وطنيتين للفلاحة الصحراوية بولايتي الوادي وأدرار.
كما عرفت جامعة خنشلة فتح تخصُّص غير مسبوق في الجزائر، وهو ماستر مهني في إنتاج التفاح، باعتبارها رائدة في هذه الشعبة الزراعية، بينما خصّصت جامعة خميس مليانة فرعا جديدا لتربية الدواجن ضمن مرحلة ماستر.
والمأمول هو تعميم تجربة فتح الفروع التعليمية المتخصصة على مناطق أخرى كثيرة، تشتهر بالصدارة في تحقيق منتَجات وطنية، حتى نؤهل الخبرة العلمية والتقنية واليد العاملة، وينتقل الطموح الاقتصادي لها من الإنتاجية المحلية والاكتفاء الذاتي الوطني إلى آفاق التصدير واقتحام الأسواق الإقليمية والدولية.
المصدرؤ : موقع الشرةق الإحباري .