jolliette المميز(ة)
الجنس : عدد المساهمات : 3648 التقييم : 1063 تاريخ التسجيل : 18/08/2011 البلد التي انتمي اليها : Cairo
| موضوع: وفي الشتاء.. عادت الثورة المصرية إلى ربيعها ! الثلاثاء نوفمبر 22, 2011 11:24 pm | |
| جواد البشيتي وفي الشتاء.. عادت الثورة المصرية إلى ربيعها ! 2011-11-23ما
يحدث اليوم في مصر, وفي "عاصمة ثورة 25 يناير", أي "ميدان التحرير", على
وجه الخصوص, إنما يقيم الدليل على أن الثورة المصرية تتعلم, وتجيد التعلم, من أخطائها, التي ارتكبتها إذ تعاملت بحسن نية (سياسية) مبالغ فيه مع "المجلس العسكري الأعلى", وأوهمت نفسها أن هذا المجلس هو عينه الجيش, أي الجنود وصغار الضباط, وأن لا فرق (يعتد به) من ثم في الميول السياسية (والثورية) بين هذين الطرفين, وجنحت لسياسة ومواقف تبدو فيها مطمئنة إلى أن "المجلس (الحاكم)", والذي هو في حقيقته السياسية الموضوعية "حكومة بونابرتية", سيقود عنها مصر إلى "الدولة المدنية (الديمقراطية)", وإلى أن مطالبها في أيدٍ أمينة, هي أيدي "المجلس العسكري" بزعامة طنطاوي (وعنان).
ما يبدو "فضيلة" ليس دائما بـ "الفضيلة", فالمرء, وعن اضطرار, يمكن أن يأتي بفعل حميد, فيلتبس علينا الأمر, ونظن أنه فاضل أتى بفضيلة; مع أن التجربة, في هذا الصدد, تُعْلِمنا وتُعَلِّمنا, أن ليس في الاضطرار فضيلة.
وفي تجربة ثورة 25 يناير رأينا "المجلس العسكري الأعلى" ينحِّي الدكتاتور مبارك, وأعوانه, عن الحكم; لكن ليس من أجل سواد عيون الشعب المصري وثورته, ولا من أجل المساعدة في دفعها قُدُما إلى الأمام, وصولا إلى إنجاز مهمتها التاريخية الكبرى; وإنما من أجل وقف الثورة عند هذا الحد الذي بلغته, ودرء مخاطرها عن أسس نظام الحكم القائم, والتي منها (أو أهمها) بقاء "المؤسسة العسكرية" دولة في داخل دولة, لها الذراع الطولى في الحياة السياسية, تديرها (وتتحكم فيها) ولو من وراء ستار, وعبر "الرئيس المقبل" بما يتمتع به من صلاحيات وسلطات تريد لها أن تبقى لهذا المنصب, والحفاظ على ما تتمتع به من امتيازات, وكأنها الجهة التي إليها يرجع الأمر كله, وفي أوقات الضيق والشدة والأزمات على وجه الخصوص.
تلك هي اللعبة التي لعبتها الولايات المتحدة و"المجلس العسكري الأعلى (الذي تملك فيه من أسهم النفوذ أكثر مما كان يملك مبارك)", ضد الثورة المصرية, أي ضد استمرارها وتناميها; ولقد نجح الطرفان (أو اللاعبان الأساسيان) في ضم جماعة "الإخوان المسلمين", في المقام الأول, إلى هذه اللعبة إذ مَدَّا إليها جَزَرة "نيْل حصة الأسد من مقاعد مجلس الشعب" المنتخَب عما قريب, وكأن النهاية التي أرادوا للثورة المصرية العظيمة أن تنتهي إليها هي أن يعطى "البرلمان" مع "الحكومة" إلى "الإخوان المسلمين", في المقام الأول, وأن تظل الولايات المتحدة محتفظة بنفوذها الإمبريالي في مصر عبر "المؤسسة العسكرية", وأن يظل "المجلس العسكري الأعلى" ممسكا بزمام الأمور عبر منصب رئيس الجمهورية, الذي يظل محتفظا بصلاحيات وسلطات يحتاج إليها هذا المجلس بصفة كونه "دولة في داخل دولة".
لقد أرادوا للثورة المصرية أن تكون الجَبَل الذي تمخض فولد فأرا, فضحُّوا بـ "الرأس" من نظام الحكم القائم, لعلهم يحتفظون بأسسه, ويحافظون عليها; ثم عقدوا "الصفقة" التي توهموا أنها ستنهي الثورة, وشرعوا يصوِّرون الدولة التي تتقاسم النفوذ فيها (تقاسما غير متساوٍ) الولايات المتحدة و"المؤسسة العسكرية" و"الإخوان المسلمين" على أنها "الدولة المدنية", التي في واقعها, وحقيقتها الموضوعية, لا تملك من معاني "الدولة المدنية" إلا ما يجعلها كظل فَقَد جسمه.
وها هم الأبناء الشرعيون لثورة 25 يناير العظمى يستعيدون ثورتهم; لقد عادوا إلى الميدان, وعاد إليهم الميدان; ولا بد لهم, من الآن وصاعدا, من أن ينظروا إلى كل شيء بعيون يقظة لا تغشاها أوهام; فالضغط الشعبي الثوري (المليوني) يجب أن يستمر وينمو ويَعْظُم, وصولا إلى استخذاء "المؤسسة العسكرية" لمطلب "الدولة المدنية الديمقراطية" التي لا ريب في مدنيتها وديمقراطيتها, ومرور مصر بـ "المحطة الإجبارية", ألا وهي "المجلس التأسيسي المنتخَب", والذي يضع دستورا جديدا للبلاد, ويؤلِّف حكومة انتقالية, فيُقَرُّ هذا الدستور في استفتاء شعبي; ثم يدعى الشعب إلى انتخاب برلمان جديد, تنبثق منه حكومة تملك من السلطات والصلاحيات ما يجعلها هي لا رئيس الدولة السلطة التنفيذية كلها تقريبا.
العرب اليوم
| |
|