تأمّل في مغارة ميلاد يسوع
(لوقا 2: 1-20) , (متى 2: 1-12)
† " وُلد لكم اليوم مخلّص هو المسيح الربّ " †
هذه هي البشرى التي زفتّها السّماء للأرض.
أجلّ لقد وُلد يسوع في بيت لحم , ولا يزال يُولد في قلب كل مؤمن حيث يتمّ الخلاص عندما يََقبَل يسوع في حياته . فيكون الميلاد عيد كلّ واحدٍ منّا ويبدأ عهدٌ جديدٌ فينا, ونرتبط بيسوع المسيح لنصير أبناء الله , ويعطينا الرّوح القدس قوةً تُغيِّر ما بداخلنا ويوجهها نحو حياة جديدة لا تموت ولا تزول بل تبقى للحياة الأبديّة مع الله .
† نُدرك, نحن المسيحيون, في الميلاد أن الحبّ الإلهيّ هو السّبيل الوحيد الذي يقود الإنسان إلى تجاوز غربته عن الله وعن الآخرين وعن ذاته. فنحن نؤمن أن غاية الميلاد هو أن يختبر الإنسان أن الله يحبه في إنسانيته، وان الحب وحده قادر على إلغاء القطيعة الناشئة بين الإنسان والله.
† لقد انتقد البابا بنديكتوس السادس عشر تعريض أصالة عيد الميلاد لنوع من " التلوث التجاري" قائلاً : " في المجتمع الاستهلاكي الحالي تتعرض فترة عيد الميلاد, للأسف, لنوع من التلوث التجاري الذي قد يؤثر سلباً على الرّوح الأصيلة لهذا العيد المكرّس للتأمل والزهد والفرح الداخلي وليس الخارجي". وحيّا البابا التقليد الجميل الذي تمثله مغارة الميلاد قائلاً:" إن وضع مغارة في البيت هو وسيلة بسيطة وفعّالة في آن معاً للتعبير عن الإيمان ونقله إلى الأولاد. والمغارة تساعدنا على التأمل في سرِّ حبِّ الله لنا الذي تجلى في مغارة بيت لحم بصورة الفقر والبساطة " .
† ماذا نقدم لك يا يسوع في عيد ميلادك؟ الملائكة تسبّحك, والسماء أهدتك الكوكب المضيء, والرعاة أهدوك دهشتهم وإيمانهم, والمجوس أهدوك ذهباً وبخوراً ومرّاً, والأرض أهدتك المغارة والمذوَد, ونحن البشر أهديناك أماً بتولاً .
† نقف أمام مغارتك , يا يسوع , الموجودة في الكنائس وفي بيوتنا , ونتأمل ملياً في سرّ تجسدك :
- المغارة : ترمز إلى السّماء لاحتضانها كلمة الله المتجسّد. وترمز أيضاً إلى قلب الإنسان الثابت في الله أمام كل الصعوبات التي تعترضه.
- الملائكة : هم فرح الله , يبشروننا بميلاد مخلّصنا يسوع في حياة كل منّا.
- مريم العذراء : هي الأمومة والصبر والحنان والصلاة والإيمان والاتحاد بالله . تُصغي إلى يسوع وإلينا بتواضع ووداعة وقداسة . تتشفع لنا أمام ابنها يسوع وتتحنّن على موتانا.
- يوسف البارّ : يرمز إلى الطاعة والثقة بالله والصلاة بالصمت . كم نحن بحاجة إلى هذا لنسلّم ذواتنا إلى الله بكل ثقة.
- النجم : يرمز إلى يسوع النّور الحقيقي الذي يقودنا إلى الآب . يسوع هو نور العالم الذي يبدد ظلمات حياتنا ويدخلنا إلى نور الحياة الأبدية.
– الرعاة : هم أول المندهشين لرؤية الله المتأنس, راعي الرعاة . ويرمزون إلى المرسلين والكهنة والعلمانيين... الذين يقودوننا, بمثلهم وروحانيتهم وعلمهم , إلى طريق يسوع.
- المجوس : يرمزون إلى الباحثين دائماً عن الحقيقة الإلهية , كما نحن نبحث طيلة حياتنا عن يسوع فنجده مولوداً داخلنا لنقدم له كل الهدايا الممكنة من ذهب لأنه ملك أبدي على حياتنا , وبخور لأن يسوع هو إله أزلي, هو ربّنا وإلهنا , ومرّ لأن يسوع يتحمل دائماً آلام الإنسانية ويموت حباً بنا ويقوم من بين الأموات ليقيمنا معه إلى الحياة الأبدية . إننا نهديك يا يسوع حياتنا وأعمالنا الصالحة وعائلاتنا وأولادنا , فارحمنا وارحم موتانا.
- البقرة : ترمز إلى الشعب المسيحي المدعو لتقديم ذاته ذبيحة في العالم فهو شعب مكرّس للربّ.
- الغنم : ترمز إلى الرسل والتلاميذ والمسيحيين , شعب الوداعة والتواضع والمحبة.
- الجمل : يرمز إلى المسيحيين العطاش إلى يسوع المسيح ماء الحياة.
- الحمار : هو رمز المسيحي المؤمن العامل بصمت, واقفاً دوماً بالقرب من الربّ يسوع ومستعداً لكل خدمة.
† نتمنى أن يتحقق الميلاد في حياتنا فنكتشف معاني مغارة يسوع ربّنا وإلهنا, ونسرع إلى استقباله بفرح وسرور في مذوَد قلوبنا وحياتنا.
† صلاة: في الميلاد أصبحتِ, يا مريم العذراء , السماءَ التي تحتضن الله , ذراعيكِ وركبتيكِ هما عرش مجده . ونسمعكِ , يا مريم , تقولين لنا : تعالوا وافرحوا أيها الشعوب فإنني أحضن قمح الحياة خبزاً أبدياً للجياع والمحتاجين إلى الحياة الحقّة . إنني أحمل ماءً إلهياً للعطاش إلى البرّ . إنني أحمل لكم الفرح الأبدي.
فلنهتف مع الملائكة: المجد لله في العلا وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرّة. آمين.