هناك أشخاص يعيشون في الخيال، يسبحون في آمال من خيال، ويبنون قصورا من خيال، ويعيشون في أحلام اليقظة، ولا يصلون إلى شيء لأنهم غير عمليين.
ويعكس ذلك أناس عمليون، يعيشون في الواقع ويتصرفون بما يناسب الواقع..
الذي يعيش في آمال الخيال ليس عملي. وماذا أيضاً:
والذي يبكى على الماضي، دون أن يعمل للحاضر ليس هو عملياً، أن البكاء لا يفيده شيئاً.
والذي ينظر إلى المشكلة فينهار، دون أن يفكر في حلها ليس هو عملي. إن الانهيار لا ينقذه..
والذي يتصرف لمجرد التصرف دون أن يفكر في نتائج عمله، وفيما تحدثه من ردود فعل، ليس هو عملياً.
والذي يعامل الناس بعقليته هو دون أن يضع في اعتباره عقليتهم، ونوع فهمهم ليس هو عملياً.
وكذلك من يصدق كل من يمدحه، ويصادق كل من يبتسم في وجهه، ويظن أنه مادام قد اقتنع بالأمر، فلابد أن هذا الأمر صحيح، والكل يقتنعون به! ليس هو عمليا..
والذي يظن أن من حقه أن ينتصر وان يُطاع لمجرد أنه فلان .. ليس هو عمليا.
الإنسان العملي يعيش في الواقع، بكل ما في هذا الواقع من ظروف، وبكل ما فيه من معوقات ومن مشاكل لا يتجاهل منها شيئاً..
والإنسان العملي يعامل الناس كما هم، وليس كما ينبغي أن يكونوا. لا يفترض مثاليات خيالية للناس الذين يتعامل معهم، إنما يعرف أنهم بشر، كسائر البشر بكل ما في البشرية من ضعفات ونقائص.
الإنسان العملي لا يعالج مشاكله بالبكاء ولا بالندب ولا بالضجيج ولا بشكوى من هذا الزمان ومن يعيش فيه. إنما يقابل مشاكله بالفكر الرصين والحكمة والحلول العملية، ويطلب من الرب أن يبارك عمله وينجحه..
الإنسان العملي لا يعيش بكلمة (لو)..
ولا يفكر طول عمره في الماضي، وإنما يأخذ من الماضي دروسا، ويعمل للحاضر وللمستقبل، بكل جهده.