إنجيل بولس
كلمة إنجيل التي يستعملها بولس تعني مضمون البشارة التي بشّر بها. هي طبعًا لا تعني الأناجيل الأربعة التي لم تكن دُوّنت بعد. إنجيله ليس بحسب الإنسان، أي لم يكتبه إنسان، ولم يعلّمه إياه إنسان، وفي الواقع لم يشاهد رسولا من الاثني عشر او تابعا لهم قبل ان يعلّم.
يوضح هذا بقوله: “كنتُ أَضطهد كنيسة الله بإفراط وأُدمّرها”. هذا مؤكّد في سفْر أعمال الرسل عندما يتكلّم هذا السفْر عن اهتدائه. “أما شاول (اي بولس) فكان لم يزل ينفث تهددا وقتلا على التلاميذ” (اعمال 1:9). قبل ظهور السيد له على طريق دمشق، كان اكثر من بقية اليهود “غيرةً على تقليدات آبائه”، والغيرة اليهوديّة جعلته يذهب الى اورشليم “ليسُوقهم موثقين الى اورشليم”.
في طريقه الى دمشق لإتمام هذه المهمة، دعاه الله بنعمته “ليُعلن ابنه فيّ لأُبشّر به بين الأمم”. كان المفروض عقـليّا أن يـصعـد الى اورشليـم ليـتّصل بالرسل الذين قبله. المهم عنده إدراكه أن الله أفرزه من جوف أُمّه كما أَفرز الأنبياء القدامى، اي جعله خصّيصه، فلما أدرك انه للرب ذهب الى ديار العرب. لفظة “العربية” التي يستعملها تعني هذا القسم من بلاد العرب القريب من دمشق ربما حوران او البتراء في الأردن اليوم.
لا يبدو أنه أقام طويلا في أي مكان لكونه كان يتوقّع اصطدامه بالسلطات المدنية التي كانت تريد قمع المسيحيين.
في ديار العرب (حوران) كان الحُكم لملك الأنباط المدعوّ الحارث الرابع. وإذ خشي بولس القمع مِن قَبل الحارث رجع الى دمشق. يقول: “بعد ثلاث سنين رجعتُ الى دمشق”. هل يحسب هذه السنين من بعد ظهور الرب له، أَم بعد رجوعه الى دمشق؟ لسنا نعلم على وجه الدقة.
بعد هذه التنقلات أَحسّ أنه لا بد له أن يصعد الى اورشليم حيث كان بطرس مقيمًا. واضح أن بطرس لم يكن قد رحل عن فلسطين الى البشارة، فمكث عنده خمسة عشر يوما.
لماذا اراد بولس لقاء بطرس ويعقوب أخي الرب؟ بطرس لأنه قائد الاثني عشر، ويعقوب لأنه من عائلة الرب. يعقوب هذا مذكور في مرقس 3:6. كان يعقوب مهمّا في كنيسة اورشليم، بل عرفه التقليد انه اول أُسقف عليها. هذا قد يعني ان يعقوب بقي في هذا المقام حتى رجْمِهِ مِن قبل رئيس الكهنة.
اللافت في هذا المقطع أن بولس يؤسس مهامّه ومسؤوليته الرسولية على اتصاله المباشر بالرب يسوع بمعنى أنه لم يستمدّ رسوليته من سلطانه التعليميّ لأن الجماعة الرسولية لم تُعيّنه ولكن الرب يسوع اختاره.
على هذا الاختيار يؤسس كل تعليمه، ويطلب الالتزام بهذا التعليم.